ثلاثون عاماً من تاريخ الفن المستقبلي

معرض في بيزا الإيطالية يمكن فيه {رؤية الماضي بعيون اليوم} من خلال مائة عمل

من المعرض
من المعرض
TT

ثلاثون عاماً من تاريخ الفن المستقبلي

من المعرض
من المعرض

المعرض الذي تنظمه «مؤسسة القصر الأزرق» افتتح في مدينة بيزا الإيطالية، وينتهي نهاية الشهر الثاني من السنة الجديدة، في «القصر الأزرق»، يمكن أن يكون الفرصة المناسبة والملائمة لرؤية الماضي (ليس الفني فقط) بعيون اليوم من خلال مائة عمل لأرباب المستقبلية في الفن وأغلب هذه الأعمال هي لوحات في حيازة إما متاحف وإما ملك خواص من مجمعي الأعمال الفنية، كما يحتوي المعرض على بعض التخطيطات والمجسمات البلاستيكية، والصور الفوتوغرافية، وأشياء فنية متعددة.
المعرض يكشف عن الكيفية التي تمكّن بها أكبر فناني المستقبلية من البقاء أوفياء إلى التأملات النظرية التي سطرّوها في بياناتهم وذلك بترجمتها في صور محدثة لآثار وتأثيرات ولردود أفعال ذات ضجيج وفي صور تجديدية وسعيدة بشكل رائع على المستوى الفني.
ولقد اختير أن كل عمل، بالإضافة إلى شرط جودته، لاشتراكه في النقاط النظرية المؤسّسة للحركة المستقبلية في الفن. وأما من التحقوا في زمانهم بالحركة فلم تندمج أعمالهم في المعرض إلا من كانوا من الموقعين على بياناتهم الشهيرة.
وقبل هذا المعرض بأيام قلائل، اختتم المعرض الذي شهده بروما قصر ميرولانا المخصص للفنان (جاكومو بالّا) تحت عنوان «من المستقبلية المجردة إلى المستقبلية الأيقونية»، بينما افتتح هاته الأيام معرض آخر مخصص لثلاثة فنانين (بالّا، بوتشوني وديبيرو) ويحمل عنوان «بناء مكان المستقبل»، وذلك بمتاحف مدينة دومودوسّولا، ويعرض 75 لوحة، تغطي المنحنى الزمني الممتد من ما قبل المستقبلية إلى الستينيات. بينما في مدينة روفيريتو نجد معرضا آخر بعنون «مثل فيلم» سيظل مفتوحا إلى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، يشمل عروض السينما المستقبلية للثلاثينيات وتركز اهتمامها على المخرج إيمانويل كاراتشولو (1912 - 1944) وهو مخرج مجموعة الفنانين المستقبليين بمدينة نابولي، كما يركز على العلاقة بين ديبيرو وعالم السينما وذلك عبر مقتطفات من فيلم «تاييس» للمخرج أنطون جوليو براغاليا وأخرى من فيلم «عرفتكِ في وقت متأخر جدا» للمخرج كاراتشولو وأخرى من فيلم «الدمى» للمخرج كارمني غالوني.
المعرض الذي نحن بصدده بدأ افتتاحه بأعمال خمسة فنانين (مستقبليي المستقبل): اومبارتو بوتشوني، كارلو كارّا، لويدجي روسُّلو، جاكمو بالّا وجينو سافيريني. والمعرض مقسم إلى أقسام كل منها يحمل عنوان (بيان)، أي بيانات الحركة المستقبلية في الفن. فنجد أن المعرض يستعرض ثلاثين عاماً من الفن المستقبلي، انطلاقا من عام 1910 حيث ظهر بيانان يحملان توقيعات «الآباء المؤسسين للمستقبلية في الفن». ولذلك فالأعمال الفنية المعروضة للفنانين الخمسة كلها مستوحاة من نصي البيانين المذكورين، ثم يتكشف لها من خلال الأعمال الأخرى المعروضة التسجيل الكتابي لبيان الحركة المستقبلية في الفن لعام 1912 الذي صاغه بوتشوني إثر سفره إلى باريس في نفس العام.
ثم هناك أيضاً «كلمات حرة» التي صاغ مبادئها لأول مرة الشاعر مارينيتّي عام 1913 في بيان «الخيال من دون خيوط وكلمات حرة»، ونماذج المعماريات الجديدة التي أملاها سنة 1914 أنطونيو سانت إلييا في بيان «المعماريات المستقبلية» والذي نجد له أعمالا فنية تترجمه في رسومات وصفت بأنها «متنبئة»، ومتبوعة بأعمال وسمت بأنها «حربية».
أما مع البيان «إعادة بناء الكون من وجهة نظر الحركة المستقبلية» لعام 1915 للفنان جاكومو بالّا والفنان «فورتوناتو ديبيرو» فإننا نشهد إرادة جديدة للفنانَين في نشر النماذج الصورية (الشكلية) للمستقبلية: أعمال فنية متعددة؛ رسوم ولوحات، منحوتات، أشياء ونسخ أولى لأعمال فنية، بيانات إشهارية في خليط من الألوان والأشكال والأشياء التي كانت تعد عديمة القيمة الفنية (مثل ألعاب الأطفال). كما نجد وثائق وبيانات أخرى تختتم هذا المسار وهي وثائق تؤكد على أن فكرة المستقبلية هي «نسق فكري» كما في بيان «الفن الآلي» (1922) الموقع من قبل أنريكو ابرانبولينو، وفينيشو بالاديني، وإيفو بنّادجي؛ الذي نجد فيه نماذج هندسية و«صناعية» للفن البصري لعشرية كاملة. كما نجد «بيان رسم الطائرات» لعام 1931 الموقع من قبل الشاعر المؤسس مارينيتّي مع الفنانين: بالّا، مارينيتي وديبيرو، وآخرين من أمثال سومانزي وتاتو الذين كانوا كلهم مصدر إيحاء للثلاثينيات كلها.
إنها «اختراعات تُلعب على حد «الحداثة»، وقادرة على أن تحرك المياه الساكنة وإثارة الفضائح وعلى صنع الخبر (بل وتصنع سياسة أيضا). وربما لأجل كل هذا ظلت المستقبلية في الفن موضة دائمة مع قدرتها على أن تغير من حين لآخر جلدتها. وهكذا فإن مستقبلية الفنان بوتشوني أثرت تأثيرا بالغا وعميقا على الفن الإيطالي ممهدة الطريق إلى «الفن الفقير». وكذلك من ضلع أخرى من ضلوع المستقبلية، مستقبلية بالّا وديبيرو، تفتحت براعم «المستقبليين الجدد» في إيطاليا. ونجد الكاتبة والفنانة صوفيا المارية المتحدرة من أصل سعودي، وقسم يقال من أصل قطري، وهي فنانة مشهورة في الأوساط الغربية،
تتخذ من المستقبلية في الفن مرجعية لها، وكانت قد عرضت أعمالها بمعرض نيويورك «الجمعة السوداء» وبميلانو في «غرفة الإسقاط» التابعة لمؤسسة الفنان الإيطالي الشهير «أرنالدو بومودورو» مختارة بالذات اسم «المستقبلية»، الذي اعتمد منذ 110 سنوات (وتحديدا في 20 فبراير (شباط) 1909) لتعبر لنا عن نمط فني للأجبال الجديدة في الخليج العربي؛ أجيال تبدو اليوم مشحونة بإرادة صياغة وتشكل طموحاتها وفق المخيال (ذي الألوان المتعددة والمفرط إلى حد الغلو) الهيوليودي وألعاب الفيديو وهو نفس العالم الذي سمته الماريا «المستقبلية الخليجية» وهي صيغة «نونية» (أكثر راهنية) للمستقبلية التي ابتدعها المؤسس مارينيتي الذي كتب في «البيان» التأسيسي للمستقبلية ما نصه: «نحن نغني اضطرابات الجماهير الغفيرة تلك الاضطرابات التي يسببها العمل، اللذة أو الانتفاضة: سنغني للمد والجزر المتعدد الألوان والصور للثورات في العواصم الحديثة، سنغني الغليان الليلي المهتز للأسلحة وحظائر العمل المشتعلة بأقمار كهربائية عنيفة. وهي كلمات لا تزال تحتفظ اليوم بحداثة مذهلة».



محاكاة حاسوبية ترجّح نشأة قمري المريخ جراء حطام كويكب

كوكب المريخ (رويترز)
كوكب المريخ (رويترز)
TT

محاكاة حاسوبية ترجّح نشأة قمري المريخ جراء حطام كويكب

كوكب المريخ (رويترز)
كوكب المريخ (رويترز)

قال موقع «سبيس» إن محاكاة حاسوبية رجّحت أن قمري كوكب المريخ المحيرين، فوبوس وديموس، ربما تكوّنا من الحُطام الناتج عن اقتراب كويكب كبير بشكل خطير من الكوكب الأحمر.

ووفقاً للمحاكاة، فإن فوبوس وديموس نتجا عن حطام كويكب أكبر حجماً، اقترب كثيراً من المريخ، وتأثر بجاذبيته.

وقال جاكوب كيغيريس، من مركز أبحاث «إيمس»، التابع لوكالة «ناسا»، في بيان: «من المثير أن نستكشف فرضية جديدة لتكوين فوبوس وديموس القمرَيْن الوحيدَيْن في نظامنا الشمسي اللذَين يدوران حول كوكب صخري إلى جانب الأرض».

وليس من السهل تفسير قمرَي المريخ، كلاهما صغير، إذ يبلغ عرض فوبوس 16 ميلاً (26 كيلومتراً)، ويبلغ عرض ديموس 10 أميال (16 كيلومتراً) فقط، ومتكتلان.

وهناك فرضية أخرى مفادها بأن فوبوس وديموس تشكلا تماماً مثل قمر الأرض، إذ إن اصطدام الكويكب بسطح المريخ ألقى حطاماً في المدار الذي اندمج في النهاية، ليشكّل القمرين، ولكن فوبوس وديموس يختلفان كثيراً عن سطح المريخ في الارتفاعات، نحو 6000 كيلومتر (3700 ميل)، و23000 كيلومتر (14577 ميلاً) على التوالي، وهو ما يصعّب على النماذج التي تحاكي الاصطدام بالسطح تفسيره.

شعار وكالة «ناسا» (رويترز)

وتوصل كيغيريس وفريقه إلى الفرضية الجديدة باستخدام أجهزة الكومبيوتر العملاقة في جامعة «دورهام»؛ حيث أجروا محاكاة لمثل هذا الحدث مئات المرات، مع تغيير قطر الكويكب ودورانه وسرعته ومسافته عن المريخ في أثناء أقرب اقتراب له.

وبينما ضاع بعض الحطام في الفضاء، وجدوا أن ما يكفي من شظايا الكويكب الأصلي نجت في المدار في الكثير من المحاولات؛ حيث ارتطمت بجسيمات أصغر استقرّت في جسم حول المريخ الذي تشكّل منه فوبوس وديموس.

ويعترف كيغيريس بأن تصوّره لنشأة القمرين لا تزال مجرد فرضية في الوقت الحالي، ومع ذلك فسوف يجري اختبارها قريباً.

ففي عام 2026، ستطلق وكالة استكشاف الفضاء اليابانية مركبة لاستكشاف أقمار المريخ، وهي مهمة إعادة عينات ستجلب قطعاً من فوبوس إلى الأرض لدراستها في المختبرات؛ مما سيوفّر دليلاً كبيراً على أصله.

وإذا كانت تحتوي على آثار صخور من المريخ، فهذا يشير إلى أنها تشكّلت من حطام الاصطدام، ولكن إذا كان تكوينها أشبه بالكويكب، فقد يدعم ذلك فرضية كيغيريس.

وقال كيغيريس، إن «هذا الفرضية الجديدة تقدّم تنبؤات مختلفة حول خصائص الأقمار التي يمكن اختبارها لهذا الحدث الرئيس في تاريخ المريخ».

ويمكن أيضاً تكييف المحاكاة للنظر في التفاعلات الأخرى بين الكواكب والأجسام الأصغر مثل الكويكبات والمذنبات طوال تاريخ النظام الشمسي، وربما استكشاف كيفية تشكّل حلقات زحل، أو الأقمار المحيرة الأخرى.