انشقاق جنديين لبنانيين وانضمامهما لـ«النصرة» ومسؤولون يصفونه بـ«التصرف الفردي»

عائلة الجندي شحادي تنفي صلته بالجماعات المتطرفة وترجح اختطافه

جانب من انتشار وحدات الجيش اللبناني
جانب من انتشار وحدات الجيش اللبناني
TT

انشقاق جنديين لبنانيين وانضمامهما لـ«النصرة» ومسؤولون يصفونه بـ«التصرف الفردي»

جانب من انتشار وحدات الجيش اللبناني
جانب من انتشار وحدات الجيش اللبناني

أعلن عنصران في الجيش اللبناني، خلال 24 ساعة، انشقاقهما عن الجيش، وانضمامهما إلى «جبهة النصرة»، التي تتخذ من التلال الحدودية مع سوريا في بلدة عرسال (شرق لبنان) ملجأ لها، وتحتجز أيضا عسكريين من الجيش وقوى الأمن الداخلي منذ مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي، وهو ما وضعه عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري، في «إطارها الفردي».
وبعد أقل من 24 ساعة على إعلان «جبهة النصرة» انشقاق الجندي اللبناني محمد عنتر، الذي يتحدر من مدينة طرابلس في شمال لبنان، قالت عائلة الجندي عبد الله شحادي إن ابنها البالغ من العمر 24 ساعة، اتصل بشقيقه، مساء أول من أمس، وأبلغه أنه انشق عن الجيش وانضم إلى «النصرة» في القلمون. ولم يصدر عن الجيش اللبناني أي بيان يؤكد أو ينفي الحادثة.
ويتحدر شحادي من بلدة مشحة في عكار (شمال لبنان)، واتصل بشقيقه، مساء الجمعة الماضي، في الساعة السابعة والنصف، ليبلغه بأنه انشق عن الجيش. وقال مختار البلدة جمال علوش لـ«الشرق الأوسط»، إن اتصال شحادي بشقيقه جاء بعد يوم واحد من التحاقه في مركزه العسكري في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، حيث يؤدي خدمته، مشيرا إلى أن الشاب «كان خلال الأيام الـ3، التي سبقت إعلانه الانشقاق في منزله في القرية، أثناء مأذونية من الخدمة العسكرية»، لافتا إلى أن شقيقه أبلغ فاعليات القرية بأن الجندي عبد الله «اتصل به من رقمه الهاتفي، وأبلغه بأن هرب من مركزه، والتحق بجبهة النصرة في القلمون، من غير أن يقدم أي تفصيل آخر».
ونفت عائلة الجندي المنشق أن تكون له أي علاقة بتنظيمات متشددة. وقال مختار البلدة إن عائلته «لم تستوعب الحادثة بعد، وسط ترجيحات في عائلته بأن يكون مقاتلو (النصرة) اختطفوه، وأجبروه على القول إنه انشق.
وترددت معلومات عن أن الجندي «سرق» أعتدة عسكرية من مركز الجيش في عرسال قبل فراره، وهو ما نفت العائلة علمها به، مشددة على أن ابنها لم يتحدث عن تفاصيل خلال الاتصال القصير له بعائلته بعد انشقاقه.
وكانت عائلة شحادي ناشدت ابنها، في مؤتمر صحافي عقدته، العودة إلى عائلته، وإلى المؤسسة العسكرية، «لأنها الضمانة الوحيدة لوحدة البلد وصون أمنه».
وكانت الجبهة أعلنت، في وقت سابق، عن انشقاق الجندي محمد عنتر، الذي التحق قبل نحو عامين بالجيش اللبناني، وهو من سكان أحد أحياء طرابلس بشمال لبنان. وأظهر تسجيل مصوَّر بثته وكالة «الأناضول» شخصا بزي عسكري يقول إن اسمه محمد عنتر (25 عاما)، وخلفه مسلحان ملثمان.
قال عنتر في الشريط إنه من «كتيبة الحراسة المدافعة عن مطار رفيق الحريري الدولي». وأضاف أنه «يعلن انشقاقه عن الجيش اللبناني بسبب دفاعه عن (حزب الله)»، وانضمامه إلى من وصفهم بـ«المجاهدين في جبهة النصرة».
ووضع عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري حالات الانشقاق في إطارها الفردي، مؤكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن التقدير لتلك الحالات «أنها فردية، وليست منظمة»، لذلك «لا نتخوف منها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.