ليبيا: الأمم المتحدة تدشن ثاني اجتماع للمصالحة بزيارة مفاجئة لأمينها العام

زعيم تنظيم متطرف يهدد بالسيطرة على مدينة بنغازي

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (يمين) يحيي مستقبليه أثناء وصوله إلى العاصمة الليبية في زيارة مفاجئة أمس. وسعى بان في كلمة له، خلال ثاني اجتماع للمصالحة بين أعضاء مجلس النواب، لطمأنة المجلس (مقره مدينة طبرق) على أنه السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (يمين) يحيي مستقبليه أثناء وصوله إلى العاصمة الليبية في زيارة مفاجئة أمس. وسعى بان في كلمة له، خلال ثاني اجتماع للمصالحة بين أعضاء مجلس النواب، لطمأنة المجلس (مقره مدينة طبرق) على أنه السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: الأمم المتحدة تدشن ثاني اجتماع للمصالحة بزيارة مفاجئة لأمينها العام

الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (يمين) يحيي مستقبليه أثناء وصوله إلى العاصمة الليبية في زيارة مفاجئة أمس. وسعى بان في كلمة له، خلال ثاني اجتماع للمصالحة بين أعضاء مجلس النواب، لطمأنة المجلس (مقره مدينة طبرق) على أنه السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون (يمين) يحيي مستقبليه أثناء وصوله إلى العاصمة الليبية في زيارة مفاجئة أمس. وسعى بان في كلمة له، خلال ثاني اجتماع للمصالحة بين أعضاء مجلس النواب، لطمأنة المجلس (مقره مدينة طبرق) على أنه السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد (أ.ف.ب)

فاجأ أمس بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الليبيين بزيارة هي الأولى من نوعها إلى العاصمة الليبية طرابلس، وسط إجراءات أمنية مشددة تولتها فرقة حماية إيطالية خاصة، برفقة وزيرة الخارجية الإيطالية فيديريكا موغيريني.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن السفير الإيطالي لدى ليبيا هو من تولى تنسيق كل الترتيبات المتعلقة بشأن زيارة كي مون الذي قدم إلى ليبيا ضمن طائرتين تقلان الوفد المرافق له ووزيرة الخارجية الإيطالية. وحطت الطائرتان في مطار معيتيقة غير الخاضع لهيمنة الدولة أو الحكومة في ليبيا، والذي تديره ميليشيات مسلحة بتفويض انتهى مفعوله. وشارك مون وموغيريني في ثاني اجتماع ترعاه الأمم المتحدة للمصالحة بين مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد مقرا له، وأعضائه المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين والمقاطعين لجلساته حتى الآن، ويطالبونه في المقابل بالانتقال إلى العاصمة طرابلس.
وسعى كي مون، في كلمة ألقاها لدى الاجتماع الذي عقد بأحد فنادق طرابلس، إلى طمأنة مجلس النواب على أنه السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد، وقال «نحن نعترف وندعم مجلس النواب ونطلب من الجميع احترام المجلس». وخاطب الاجتماع قائلا «عليكم بالحوار ووقف إطلاق النار فورا. لن نقبل باستمرار هذه المهزلة، نريد وقف الدمار والبدء في الإعمار». وأضاف «ساعدوا أنفسكم لنساعدكم. دعونا نعمل معا عن كثب ودعوا اختلاف وجهات النظر».
ووصل كي مون إلى طرابلس في زيارة مفاجئة أحيطت بسياج من السرية والكتمان، ولم يسبق الإعلان عنها من قبل لإجراء محادثات مع الفصائل المتحاربة في البلاد التي تتقاتل من أجل السيطرة والنفوذ، ليصبح أرفع زائر أجنبي يصل إلى طرابلس منذ ثلاثة أشهر. فيما قالت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا إن بان «سيحث الأطراف الليبية على المضي قدما في الحوار السياسي لاستعادة الاستقرار إلى البلاد». وأوضحت البعثة أن الأمين العام للأمم المتحدة سيعقد لاحقا اجتماعا يجمع بين نائب رئيس مجلس النواب الليبي المنتخب، وأعضاء آخرين من مجلس النواب والبرلمانيين الذين قاطعوا جلسات المجلس.
ولفتت البعثة إلى أن هذه الزيارة تأتي بعد جهود ناجحة لممثله الخاص، برناردينو ليون، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لإعادة إطلاق الحوار بين البرلمانيين خلال الشهر الماضي، مشيرة إلى أن هذا الحوار يرتكز على مبادئ الشرعية والشمولية، ونبذ الإرهاب، ويعد الخطوة الأولى نحو حل الأزمة في البلاد.
وتعاني ليبيا من وجود حكومتين وبرلمانين منذ سيطرة ميليشيا من مدينة مصراتة على طرابلس في شهر أغسطس (آب) الماضي، وإقدامها على تشكيل حكومتها الخاصة وإرغام الحكومة المعترف بها دوليا على الانتقال شرقا. ولم يتضح بعد ماذا كان كي مون قد التقى نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته)، وعمر الحاسي رئيس الحكومة المنبثقة عنه، أم لا.
وكان كي مون قد أعلن خلال زيارته لتونس، أول من أمس، أن تشجيع الحوار في ليبيا بين الأطراف المتنازعة يمثل الحل الوحيد لإيجاد تسوية سلمية وإرساء الاستقرار والسلم فيها، وأن الحوار السلمي ومواصلة المفاوضات سيدعمان الاستقرار والسلم في ليبيا مما يمهد إلى إيقاف أعمال العنف.
وكان الممثل الخاص للأمين العام في ليبيا ورئيس بعثتها، برناردينو ليون، التقى بنفس الفندق الذي تم فيه عقد اجتماع المصالحة الوطنية أمس مع بعض قادة الميليشيات المسلحة وبعض أعضاء مجلس النواب المقاطعين لعقد جلساته في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي.
لكن عضو البرلمان السابق عن مدينة مصراتة صلاح بادي، الذي يقود قوات ما يسمى بعملية «فجر ليبيا»، عبر باسم المجموعة التي تهيمن على مقاليد الأمور في العاصمة طرابلس عن رفضه لوساطة الأمم المتحدة ولأي حوار مع البرلمان المنتخب. وقال بادي، في فيديو تم تسريبه خلال لقائه مع بعض الثوار المسلحين، إنه «لا حوار حتى نسمع حكم القضاء المرتقب يوم العشرين من الشهر الحالي في الطعون المقدمة إلى المحكمة الدستورية العليا حول مدى مشروعية عقد مجلس النواب لاجتماعاته بطبرق».
إلى ذلك، زعم محمد الزهاوي، زعيم جماعة أنصار الشريعة، اتجاه المتطرفين لوضع خطة محكمة للسيطرة على منطقة بنينا في مدينة بنغازي بشرق البلاد. وقال الزهاوي إن «مجلس شورى الثوار وضع خطة لاستنزاف الجيش في هذه المنطقة»، معربا في تصريحات تلفزيونية عن أمله في عدم انتقال هذه الحرب لمناطق أخرى. وأضاف «نتمنى أن تنتهي في منطقة الرجمة. أردنا وضع خطة لكي تدور المعركة في منطقة بنينا، ولا نريد أن ينتقل الصراع إلى بقية المنطقة الشرقية». وزعم الزهاوي أن المعركة في بنغازي ستنتهي خلال الأيام المقبلة، وأضاف أن «بنغازي صبرت كثيرا جدا، ولكن قريبا ينتهي هذا النزيف وتعود بنغازي كما عهدناها وأفضل في ظل أبنائها يحمونها. لا نريد أن تنقل هذه المعارك إلى مدن أخرى». وشدد على أن تنظيمه المتطرف يأمل في إحكام سيطرته على مدينة بنغازي خلال الأيام المقبلة، لكنه لن يسعى للسيطرة على مدن أخرى.
وأعلن الجيش الليبي عن مصرع العقيد أحمد السعيطي وآمر سرية مشاة وأحد قادته الميدانيين خلال الاشتباكات التي دارت رحاها في المدينة قبل يومين، بينما استمر القصف الجوي المركز لطائرات سلاح الجو التابعة للجيش لمواقع المتطرفين في مختلف ضواحي بنغازي.
وبعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية التي أطاحت بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، لا تزال ليبيا تعيش حالة من الفوضى. ويتحصن البرلمان المنتخب في طبرق شرق بنغازي منذ فقدت الحكومة السيطرة على العاصمة طرابلس لصالح جماعة مسلحة من غرب البلاد في شهر أغسطس الماضي. ويشعر مشرعون ودبلوماسيون غربيون بالقلق من أن تحول «أنصار الشريعة» أنظارها إلى طبرق في صراع يهدد بتقطيع أوصال البلاد المنتجة للنفط. وتتهم واشنطن الجماعة بتنفيذ هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 2012 أسفر عن مقتل السفير الأميركي. ويخشى دبلوماسيون من أن تصبح ليبيا دولة فاشلة، إذ تحارب الحكومة الضعيفة المقاتلين السابقين الذين ساعدوا في الإطاحة بالقذافي، لكنهم الآن يستخدمون أسلحتهم لإقامة مناطقهم الخاصة والحصول على حصة من عائدات النفط.
إلى ذلك، أعلنت الكتيبة 71 بطبرق اعتقال 35 مهاجرا غير شرعي كانت تحملهم أربع سيارات في طريقهم إلى دخول ليبيا من مصر. ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن مصدر إعلامي بالكتيبة أن الدورية التابعة لها أوقفت سيارة على الطريق العام بين طبرق ومساعد تبين بعد عملية تفتيش روتينية وجود أشخاص بداخلها كانوا بصدد الهجرة غير الشرعية إلى داخل البلاد. وكانت الكتيبة قد اعتقلت في السابق 130 مهاجرا غير شرعي قرب الجغبوب، فيما عثرت في المنطقة الصحراوية بين ليبيا ومصر على 120 مهاجرا تقطعت بهم السبل حيث قدمت لهم المساعدات الإنسانية قبل نقلهم إلى مركز للإيواء.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.