الجيش الروسي يستعجل السيطرة على قاعدة أميركية شرق الفرات

بوتين: حققنا كل أهدافنا في سوريا... والحكومة تسيطر على 90 % من الأراضي

صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش الأميركي في قاعدة شرق الفرات (أ.ب)
صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش الأميركي في قاعدة شرق الفرات (أ.ب)
TT

الجيش الروسي يستعجل السيطرة على قاعدة أميركية شرق الفرات

صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش الأميركي في قاعدة شرق الفرات (أ.ب)
صورة وزعت أمس لعناصر من الجيش الأميركي في قاعدة شرق الفرات (أ.ب)

استعجل الجيش الروسي نشر عناصره في قاعدة أخلتها القوات الأميركية في ريف عين العرب (كوباني) شمال شرقي سوريا، كي يمنعها من تدمير البنية التحتية فيها كما حصل في قواعد سابقة، في وقت جرت فيه اشتباكات بين «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية وفصائل تدعمها تركيا شرق الفرات.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «تشهد محاور واقعة بين منطقة أبو رأسين وبلدة تل تمر، اشتباكات متفاوتة العنف، بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وقوات النظام من طرف، والفصائل الموالية لتركيا من طرف آخر، حيث تحاول قسد إبعاد الفصائل عن تل تمر، في الوقت الذي تسعى فيه الفصائل إلى تطويق تل تمر من 3 محاور بغية التوغل فيها، وتترافق الاشتباكات مع قصف واستهدافات متبادلة بشكل مكثف، بالإضافة إلى استهدافات جوية تنفذها طائرات مسيرة تركية على محاور القتال، في حين قتل عنصر من قوات النظام وأصيب آخر بالقصف والاشتباكات».
وكانت حدة الاشتباكات تراجعت على محاور تل تمر - أبو رأسين بعد منتصف ليل الخميس/ الجمعة، حيث اقتصرت على استهدافات متبادلة بالرشاشات الثقيلة والقذائف «ذلك بعد أن تمكنت قسد من إبعاد الفصائل لمسافة نحو 4 كلم شمال تل تمر، لكن المخاوف متواصلة لدى أهالي تل تمر ذات الغالبية الآشورية، حيث تتواصل عملية النزوح بشكل كبير من المنطقة لا سيما للآشوريين»، بحسب «المرصد».
على صعيد آخر، بثت قناة تلفزيون «كراسنايا زفزدا» الروسية الجمعة، لقطات توثق اللحظات الأولى لإنزال قوة من الشرطة العسكرية الروسية، وسيطرتها على قاعدة عسكرية أميركية تخلت عنها واشنطن مؤخراً في الرقة.
ويوثق مقطع الفيديو لحظة إنزال أفراد من الشرطة العسكرية الروسية من مروحيات هجومية طراز «مي - 35»، وتقدمهم داخل القاعدة الجوية الأميركية السابقة، حيث تظهر في المشاهد مستلزمات عسكرية شخصية تركها العسكريون الأميركيون خلفهم، إضافة إلى منشآت البنية التحتية للقاعدة، بما في ذلك مبنى مبيت العسكريين وصالة للتمارين الرياضية.
كان الجيش الأميركي أخلى في عجالة هذه القاعدة العسكرية، ما جعل سلاح الجو الروسي يدفع بسرعة بمروحياته إليها كي لا يسمح للأميركيين بتدمير مدرج الهبوط والإقلاع كما فعلوا مع قواعد مماثلة في أوقات سابقة، وتم وضع مرافق الموقع العسكري تحت حراسة وحدات الشرطة العسكرية الروسية.
من جهته، أوضح «المرصد» أن القوات الروسية انتشرت في قاعدة مطار صرين بريف مدينة عين العرب (كوباني)، وذلك عقب استكمال انسحاب القوات الأميركية منها بشكل كامل الخميس. وأضاف: «حطت 4 مروحيات روسية في مطار صرين وانتشرت عناصر الشرطة العسكرية الروسية في المطار».
بذلك تكون القوات الروسية قد انتشرت في 5 قواعد للقوات الأميركية بعد انسحاب الأخيرة منها؛ وهي قاعدتا عون الدادات والعسلية في منطقة منبج، وقاعدتا مشتى النور وصرين بريف عين العرب (كوباني)، بالإضافة إلى قاعدة مطار عين عيسى بريف الرقة الشمالي.
من ناحية أخرى أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بجهود الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب في سوريا، وتحدث عن «إسهام مهمّ» للرئيس دونالد ترمب في تقويض النشاط الإرهابي.
وجاء الموقف مخالفاً للحملة القوية التي شنتها موسكو خلال الفترة الأخيرة على الأميركيين، ووصلت إلى درجة توجيه اتهامات مباشرة لواشنطن بالتستر بمحاربة النشاط الإرهابي لـ«سرقة» النفط السوري وتعزيز التوجه إلى تقسيم البلاد.
وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام قمة مجموعة «بريكس» بالعاصمة البرازيلية، إن إسهام الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب في سوريا، موجود ومؤثر، ويجب الاعتراف به والحديث بشكل صريح عن ذلك، بما في ذلك على صعيد مساهمة الرئيس (دونالد) ترمب الشخصية».
لكن الرئيس الروسي لفت، في الوقت ذاته، إلى أن «التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ظل لسنوات يراوح في مكانه»، في إشارة إلى أن الإدارة الأميركية السابقة لم تلعب دوراً في تعزيز النشاط المشترك ضد الإرهاب. وزاد أنه «في إطار العملية التي بدأ ترمب بقيادتها، أسهمت الولايات المتحدة في الجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب في نهاية المطاف»، مضيفاً أن التدخل الروسي المباشر في سبتمبر (أيلول) 2015 كان له تأثير أساسي في دفع جهود محاربة الإرهاب في هذا البلد، و«أعتقد أنه بوسع أي مراقب محايد أن يرى دور روسيا، آخذاً بعين الاعتبار كثافة العمليات القتالية ونتائجها». وزاد: «بعد بدء مشاركة روسيا الفعالة في محاربة الإرهاب في سوريا، شهد الوضع تطوراً مهماً».
وأوضح بوتين أنه «منذ أن بدأت روسيا عمليات فعالة لدعم الحكومة الشرعية في دمشق، تم تحرير نحو 90 في المائة من الأراضي من أيدي الإرهابيين، وتم بسط سيطرة الحكومة السورية على تلك الأراضي». وأضاف أن روسيا «نفذت جميع المهام تقريباً التي حددتها لنفسها في سوريا».
وتطرق إلى الوضع الحالي في شمال سوريا، مشيراً إلى أن الاتفاقات الروسية – التركية أكدت على ضرورة التعامل بسرعة وحزم مع أي انتهاكات. وقال إنه اتفق مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان على هذه النقطة خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما قبل أيام.
وكان إردوغان اتهم في البداية روسيا والولايات المتحدة بعدم تنفيذ التزاماتهما المتعلقة بسحب القوات الكردية من المنطقة الحدودية، ولوَّح باستئناف النشاط العسكري لإجبار الأكراد على الانسحاب، لكنه غيَّر من لهجته بعد المحادثة الهاتفية مع بوتين، وأعلن عن اتفاق مع الجانب الروسي على مواصلة تطبيق «اتفاق سوتشي» الذي وقّعه الطرفان، الشهر الماضي.
وأوضح بوتين أمس، جانباً من تفاصيل المكالمة الهاتفية بين الرئيسين، وقال مخاطباً الصحافيين: «أعرف أن لديه (إردوغان) قلقاً بشأن بعض التنظيمات، لكننا اتفقنا خلال المكالمة الهاتفية الأخيرة... على أن يبلغنا الجانب التركي على المستوى العملي بما يثير القلق لديه في مناطق معينة».
وأضاف: «إذا رأينا أن هناك انتهاكات بالفعل، فسنكون على استعداد للتعامل معها بسرعة».
على صعيد آخر، قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن الوجود العسكري الروسي في سوريا يلبي حاجات «التوازن العالمي». وأوضح خلال مقابلة مع وسائل إعلام روسية «أن القوة الروسية من الناحية العسكرية ضرورية لتعزيز التوازن لأن العالم اليوم لا يخضع للمعايير القانونية، وإنما لمعايير القوة. فالقوة الروسية من الناحية العسكرية ضرورية للتوازن في العالم، هذا جانب، والجانب الآخر هو مكافحة الإرهاب».
وفي إقرار بأن روسيا استخدمت تدخلها في سوريا لتعزيز أوراقها على المستوى الدولي، قال الأسد إن «روسيا دولة عظمى ولديها مهام على مستوى العالم وواجبات ومسؤوليات، هذه المسؤوليات تخدم العالم وتخدم أيضاً روسيا نفسها والشعب الروسي... روسيا ليس أمامها خيار؛ إما أن تلعب دور دولة عظمى، أو أن تنكفئ وتصبح دولة عادية جداً، وهذا غير جيد للعالم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.