قيس سعيّد دعم دور مؤسسة الرئاسة

> استبق الرئيس التونسي قيس سعيّد «سيناريوهات» تعثر العمل الحكومي والبرلماني ومؤشرات بروز حكومة ضعيفة بسبب التشرذم السياسي داخل البرلمان الجديد، فدعم مؤسسة الرئاسة وطاقم مستشاريها وآليات تدخلها في الشأن العام.
وعيّن الرئيس ضمن فريق مستشاريه عدداً من السفراء والدبلوماسيين السابقين في الجزائر وليبيا ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة وإيران وأوروبا، بينهم السفير طارق بالطيب الذي عيّنه وزيراً مديراً للديوان الرئاسي، والسفير عبد الرؤوف بالطبيب الذي عينه وزيراً مستشاراً سياسياً.
وكثف الرئيس سعيّد مقابلة رئيس الحكومة المتخلي يوسف الشاهد، وكلفه بمهمات رفيعة المستوى في الجزائر وفرنسا وإيطاليا، وبتمثيله في «القمة الروسية - الأفريقية» التي عُقِدت، الشهر الماضي. كذلك لوحظ ترفيع التنسيق معه بما أوحى باحتمال تعيينه وزيراً مسؤولاً عن الدبلوماسية والتعاون الدولي في الحكومة المقبلة.
ومتابعة لملفات الفيضانات والمستجدات الأمنية والعسكرية والصحية، عقد سعيّد جلسات عمل مع وزير الدفاع بالنيابة ومع المدير العام للمخابرات العسكرية وكلف وزيرة الصحة والشباب زيارة المناطق الداخلية. وفي الوقت الذي ينص فيه الدستور التونسي على أن النظام السياسي في البلاد «برلماني معدل» تسند فيه أغلب المهام التنفيذية لرئيس الحكومة الذي يختاره البرلمان، استفاد الرئيس المنتخب من تصويت نحو ثلاثة أرباع الناخبين لفائدته ولبرنامجه الذي تعهد فيه بالإصلاح الشامل لأوضاع البلاد، فدخل في تحركات ماراثونية.
ثم إنه رغم قصر المدة التي أمضاها الرئيس سعيد في قصر قرطاج، منذ تنصيبه يوم 23 أكتوبر الماضي، فإنه عقد في مكتبه جلسات عمل مع مثقفين وحقوقيين مستقلين ومع عشرات السياسيين ونشطاء المجتمع المدني من مختلف التيارات، ورؤساء أكثر من 15 قائمة حزبية ومستقلة وائتلافية فازت في الانتخابات البرلمانية، ومع مجموعات من شباب المحافظات الفقيرة والجهات المهمشة في الجنوب وغرب البلاد.
وتحرك سعيّد داخلياً، أيضاً، على أكثر من جبهة، وبدأ زيارات عمل إلى عدة مدن تونسية، بينها مدينة القيروان، ثم أدى زيارة عمل فجائية إلى مدينة الوردانين، في محافظة المنستير الساحلية، بعد أن روجت مواقع إعلامية واجتماعية اكتشاف عصابة لتهريب الأسلحة فيها. كذلك زار محافظات تونس الكبرى والمنطقة السياحية في الحمامات وغابات جبلية وجّه إليه بعض أهلها رسائل تظلم.
والتحدي الماثل أمام الرئيس التونسي هو ما إذا كان سيأخذ زمام المبادرة حول كثير من الملفات من البرلمان والحكومة الضعيفة، التي قد يصادق عليها قريباً مستفيداً من شعبيته ومن فصول الدستور التي تمنحه صلاحيات عليا في قطاعات الأمن القومي والسياسة الخارجية، وإمكانية رئاسة مجلس الوزراء متى رغب في ذلك!
تبدو هذه الفرضية واردة، خاصة، إذا تزايد الاستياء بين الشباب وفي صفوف بعض الحركات السياسية من «المصالحة الجديدة بين قيادة (النهضة) والمنظومة القديمة»، بزعامة نبيل القروي منافس سعيّد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، الذي أفرجت عنها السلطات القضائية عشية الانتخابات... ولكن من دون أن تغلق الملفات التي اتهم فيها بتبييض الأموال والتهرب من الضرائب وبالتخابر مع جهات أجنبية.