دراسة: إدمان التسوق مرض عقلي

نسبة كبيرة من «مدمني التسوق» يشترون أغراضا ليسوا في حاجة حقيقية لها (أرشيف-رويترز)
نسبة كبيرة من «مدمني التسوق» يشترون أغراضا ليسوا في حاجة حقيقية لها (أرشيف-رويترز)
TT

دراسة: إدمان التسوق مرض عقلي

نسبة كبيرة من «مدمني التسوق» يشترون أغراضا ليسوا في حاجة حقيقية لها (أرشيف-رويترز)
نسبة كبيرة من «مدمني التسوق» يشترون أغراضا ليسوا في حاجة حقيقية لها (أرشيف-رويترز)

قالت دراسة علمية حديثة إن إدمان التسوق يُعتبر بمثابة مرض عقلي، مؤكدين على ضرورة إعارته الاهتمام الذي يتم إعطاؤه للأمراض العقلية الأخرى.
وبحسب الدراسة التي نشرتها صحيفة «التلغراف» البريطانية، فقد أكد القائمون على الدراسة على ضرورة الاعتراف بإدمان التسوق مشكلةً ضمن مشكلات الصحة العقلية، مشيرين إلى أن التسوق عبر الإنترنت زاد من حالة «الهوس» لدى الناس لشراء منتجات «ليسوا في حاجة حقيقية لها».
وحللت الدراسة بيانات 122 شخصاً طلبوا المساعدة للتخلص من إدمان التسوق، وقد وجدت أن ثلثهم يعانون من أعراض متصلة بالأمراض العقلية، ومن الاكتئاب والقلق وصعوبات التعامل مع الغير بمعدلات أعلى من المعتاد.
وفي الوقت الحالي لا يعتبر التصنيف الدولي إدمان التسوق مرضاً عقلياً، بل مجرد اضطراب يمكن التحكم في دوافعه.
وقال الدكتور أستريد مولر، الطبيب النفسي في جامعة هانوفر الطبية في ألمانيا، وأحد القائمين على الدراسة: «لقد حان الوقت حقاً للاعتراف بإدمان التسوق كمرض عقلي، وإجراء المزيد من الدراسات في كيفية التصدي له وعلاجه».
وقد أكدت الدراسة أن إدمان التسوق يستحق اهتمام الحكومات وخبراء الصحة حيث إنه يؤثر على شخص من بين كل 20 شخصاً.
وأشار الباحثون إلى أن ظهور المتاجر على الإنترنت والتطبيقات وخدمة التوصيل إلى المنازل فاقمت من أزمة إدمان التسوق في السنوات الأخيرة، مؤكدين أن نسبة كبيرة من هؤلاء المدمنين يقومون بشراء أغراض ليسوا في حاجة حقيقية لها، بل ويقوم البعض بتخزينها في المنزل دون استعمالها نهائياً.



اليوم العالمي من دون شراء يدعو المستهلكين لتغيير عاداتهم

TT

اليوم العالمي من دون شراء يدعو المستهلكين لتغيير عاداتهم

الإغراءات منتشرة في كل مكان. تعرض واجهات المتاجر أحدث صيحات الموضة وأحدث الأجهزة التقنية. ثلاثة قمصان بسعر اثنين، الهواتف الذكية أرخص بنسبة 16 في المائة؛ هناك دائماً بعض العروض الخاصة. لاحقاً، يجذبك عرض على كيلوغرامين من البرتقال في المتجر، وعندما تشتري خمسة أرغفة، تحصل على السادس مجاناً في المخبز. وتستمر العروض في ملاحقتك إلى المنزل: فبفضل الإنترنت، لا يزال بإمكاننا البحث عن صفقات جيدة حتى عقب موعد إغلاق المتاجر.
حتى بالنسبة لشخص زاهد مثل كريستوف هيرمان، هناك صعوبة في المقاومة. يقول لوكالة الأنباء الألمانية: «الأمر صعب. الاستهلاك من حولنا دائماً في كل مكان»، هذا ما قاله الرجل البالغ من العمر 48 عاماً من نورمبرغ. لكن هيرمان تعلم ممارسة الاستغناء، حيث يعتبر نفسه زاهداً، راضياً بالحد الأدنى من أي شيء... وفي مدونة يصف هيرمان كيف غيّر هذا الزهد حياته، حيث يقول: «أنا في الحقيقة أمتلك فقط الأشياء التي أحتاج إليها أو أستخدمها». فقبل أن يشتري شيئاً جديداً، يفكر هيرمان فيما إذا كان هذا الشيء ضرورياً فعلاً. إنه لا يشتري شيئاً أبداً على نحو عفوي بدافع الرغبة المحضة.
هذا هو بالضبط ما يهدف «اليوم العالمي من دون شراء» إلى تحقيقه. في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، يدعو هذا اليوم الأفراد إلى عدم إنفاق أي أموال لمدة يوم واحد من أجل توعية الناس بانتهاج سلوك شراء أكثر استدامة. وفي الولايات المتحدة، يصادف هذا اليوم عن عمد اليوم التالي لعيد الشكر، الذي يُطلق عليه «الجمعة السوداء»، الذي تبدأ فيه تقليدياً مبيعات عيد الميلاد (الكريسماس)، ويغذي تجار التجزئة نهم المستهلكين عبر العديد من العروض الخاصة. وفي ألمانيا ودول أوروبية أخرى، يأتي «اليوم العالمي من دون شراء» عقب ذلك بيوم، في السبت الأخير من الشهر.
يرى خبير الاستدامة، ماتياس فيفكا، أننا لا نزال بعيدين عن إعادة التفكير في السلوك الشرائي، حيث يقول الخبير الاقتصادي في جامعة إرلانجن الألمانية: «نحن نعيش في مجتمع مُبدّد»، موضحاً أن منطق الإنتاج موجّه نحو تصنيع شيء ما، ثم استهلاكه ثم التخلص منه، معرباً عن اعتقاده بأن أزمة «جائحة كورونا» لم تغير شيئاً في ذلك، وقال: «لا أعتقد أن الأزمة تعتبر مُعجّلاً للتخلي عن الاستهلاك».
وكانت المتاجر مغلقة لأسابيع في الربيع الماضي. وكان لدى الناس المزيد من الوقت للتركيز على الأساسيات. كما كان هناك المزيد من ممارسة هوايات يدوية والطبخ والحياكة. وحتى المؤثرون على موقع «يوتيوب» ظهروا فجأة وهم يُعدّون خبز الموز. فبوجه عام لم يكن هناك استهلاك أقل. فبدلاً من التسوق التقليدي، زاد تسوق الناس عبر الإنترنت.
يقول فيفكا: «لدي انطباع بأن الاستهلاك عبر الإنترنت في زمن (كورونا) أصبح نوعاً من التسلية». يميل البيع بالتجزئة عبر الإنترنت على وجه الخصوص إلى إجراء عمليات شراء سريعة، التي يجدها الخبير مشكلة خاصة في ضوء العدد الكبير من المرتجعات، حيث يقول: «العديد من المرتجعات لم تعد معروضة للبيع لأنه يصعب ذلك لوجيستياً»، أو لأنها لا تستحق العناء نظراً لانخفاض تكاليف إنتاجها.
ومع ذلك، فإن التجارة عبر الإنترنت ليست سيئة في حد ذاتها من حيث الاستدامة. يقول يان جيمكيفيتش من الوكالة الاتحادية للبيئة: «عليك أن تنظر إلى الأمر بمنظور مختلف». ففي أحد المشروعات البحثية تفحص الوكالة حالياً كيفية تأثير التجارة عبر الإنترنت على البيئة. يقول جيمكيفيتش: «تبين لنا من خلال الدراسة أن هذا يمكن أن يقلل أيضاً من الأعباء على البيئة: يمكن لمستودع فعال أن يوفر في ظل ظروف معينة طاقة أكثر من المتاجر التي تعطي قيمة كبيرة لعرض البضائع وتجربة تسوق رائعة. بالإضافة إلى ذلك، لا تحتاج التجارة عبر التجزئة لقيام الأفراد بالانتقال للتسوق».
ومع ذلك، فإن الشيء الأكثر استدامة هو استخدام المنتجات لأطول فترة ممكنة - أي إصلاحها عند تلفها. ويمكن العثور على المساعدة فيما يعرف باسم «مقاهي التصليح»، مثل «فاب لاب» بمدينة فورت الألمانية. تقول زابينا بون من «فاب لاب»: «غالباً ما يصبح التصليح على يد متخصص غير مجدٍ بسبب تكاليف الانتقال والأجر بالساعة»، معربة عن انطباعها بأن العديد من الأجهزة الكهربائية تتعطل بشكل أسرع هذه الأيام.
تقول بون: «لكننا نلاحظ أيضاً زيادة الطلب على الإصلاحات»، موضحة أنه خاصة مع أنظمة الموسيقى وأجهزة التلفزيون ومشغلات «دي في دي» وأجهزة إعداد القهوة آلياً بالكامل وأدوات المطبخ الأخرى، يأتي الذين يطلبون المساعدة إلى خبراء «مقاهي التصليح». ومع ذلك، ترى بون أن إصلاح الأجهزة التقنية أصبح أكثر تعقيداً، حيث قالت: «بعضها لا يمكن تفكيكه، مثل فرشاة الأسنان الكهربائية. عليك إما إرسالها للمركز المختص بإصلاحها أو شراء واحدة جديدة».
لكن ليس من الضروري أن يكون الشيء جديداً دائماً، كما يؤكد جيمكيفيتش من الوكالة الاتحادية للبيئة، حيث يرى أنه بدلاً من ذلك يمكن شراء أو مشاركة الأشياء المستعملة. الزاهد هيرمان على سبيل المثال لا يمتلك مكواة منذ سنوات. فإذا أراد كي أحد قمصانه القليلة، فإنه يذهب فقط إلى جيرانه أو أصدقائه.