السيستاني: العراق لن يعود إلى ما كان عليه قبل الاحتجاجات

جانب من مظاهرات العراق (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات العراق (أ.ف.ب)
TT

السيستاني: العراق لن يعود إلى ما كان عليه قبل الاحتجاجات

جانب من مظاهرات العراق (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات العراق (أ.ف.ب)

دعا المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق السيد علي السيستاني اليوم (الجمعة) إلى الإسراع بتشريع قانون جديد للانتخابات يعيد للمواطن ثقته بالعملية السياسية دون تحيز للأحزاب، محذراً من أن التدخل الخارجي في الشأن العراقي قد يحول البلاد لـ«ساحة لتصفية الحسابات».
وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء، والتي تعد الأعلى نبرة منذ بدء الاحتجاجات «إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون؛ إذ لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك».
وتابع الصافي في قراءته لخطبة السيستاني الذي لا يظهر إلى العلن، أن «المواطنين لم يخرجوا إلى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلا لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد».
واعتبر أن الفساد في البلاد يتفاقم «بتوافق القوى الحاكمة على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها فيما بينهم، وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر».
ولفت إلى أنه رغم مرور مدة زمنية على انطلاق الاحتجاجات التي وصفها بـ«الطريق المشرِّفة»، إلا أنه «لم يتحقق إلى اليوم على أرض الواقع من مطالب المحتجين ما يستحق الاهتمام به».
وكان السيستاني قد التقى مطلع الأسبوع الحالي رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس - بلاسخارت، التي طرحت عليه خريطة طريق حظيت بموافقته، مقسمة على مراحل، تدعو إلى وضع حد فوري للعنف، والقيام بإصلاحات ذات طابع انتخابي، واتخاذ تدابير لمكافحة الفساد في غضون أسبوعين، تتبعها تعديلات دستورية وتشريعات بنيوية في غضون ثلاثة أشهر.
في هذا السياق، اعتبر السيستاني في خطبة الجمعة، أن «إرادة الشعب تتمثل في نتيجة الاقتراع السري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة»، داعياً إلى «الإسراع في إقرار قانون جديد لمفوضية جديدة للانتخابات تكون حيادية وتحظى بالمصداقية دون تدخل خارجي؛ لما لها من مخاطر تحول البلد لساحة لتصفية الحسابات يكون الخاسر الأكبر هو الشعب».
وأضاف، أن هذا القانون الجديد «يجب أن يمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية»، وأن إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين «لن يكون مقبولا ولا جدوى منه».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.