الأمم المتحدة تحذّر من تصاعد المد الإرهابي في دول الساحل الأفريقي

حذّرت الأمم المتحدة على لسان أمينها العام أنطونيو غوتيريش، من تنامي أنشطة الجماعات الإرهابية التي قال إنها عززت قوتها في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد هجمات إرهابية دامية استهدفت قواعد عسكرية وثكنات في مالي وبوركينا فاسو.
وقال غوتيريش في تقرير لمجلس الأمن الدولي، إن «التوسع المتزايد الذي نشهده لهذه الجماعات (الإرهابية) يجعل منطقة الساحل غير مستقرة، وينمي العنف العرقي، خصوصاً في بوركينا فاسو ومالي»، حيث تقع بين الفينة والأخرى صدامات عرقية بين قبائل الفلان والدونغو تخلف مئات القتلى.
الأمين العام للأمم المتحدة في سياق حديثه عن القوة العسكرية المشتركة التي أنشأتها دول الساحل الخمس (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينا فاسو)، بهدف محاربة الجماعات الإرهابية، قال إنها «لا تزال تعاني خللاً كبيراً في التدريب والقدرة والمعدات، مما يعوق فعاليتها بشكل كامل».
وهذه القوة العسكرية ذات الطابع الإقليمي، والتي تشكلت قبل سنوات عدة، لا تزال عاجزة عن تنفيذ عمليات ميدانية نوعية ضد الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، سواء تلك المرتبطة بتنظيم «داعش» أو الأخرى التي تبايع تنظيم «القاعدة».
وأكد غوتيريش على أهمية التصدي للإرهاب الذي وصفه بأنه «قضية عالمية»، محذراً من «التحديات الصعبة التي نواجهها إلى جانب التحديات الأخرى عبر الحدود، التي من بينها الاتجار بالبشر، والسلع غير المشروعة، والأسلحة، والمخدرات».
وتنشر الأمم المتحدة قوات حفظ سلام في دولة مالي منذ 2013، يصل قوامها إلى 15 ألف جندي، تعرضت لهجمات إرهابية كثيرة جعلت من مالي المنطقة الأكثر دموية بالنسبة لجميع مهام حفظ السلام الأممية عبر العالم، ولكن القوة الأممية في مالي التي تعرف اختصاراً باسم «ميونوسما» تواجه انتقادات حادة من طرف الماليين الذين يرون أنها فشلت في حفظ السلام.
وطالبت دول الساحل الخمس بوجوب تحويل التمويل الموجّه إلى القوة الأممية إلى القوة العسكرية المشتركة التي شكلت بهدف محاربة الإرهاب، ووضع هذه القوة الإقليمية تحت البند السابع للأمم المتحدة مما يعطيها حصانة قانونية ويضمن لها التمويل الكافي، ولكن مجلس الأمن رفض ذلك بإيعاز من الولايات المتحدة وبريطانيا، رغم الجهد الكبير الذي بذلته فرنسا.
وعلى هامش منتدى السلام المنعقد هذه الأيام في العاصمة الفرنسية باريس، دعا قادة 3 من دول الساحل، إلى تقديم الدعم للمجموعة في حربها على الإرهاب، مؤكدين في مداخلاتهم خلال المنتدى على أهمية التنمية ومحاربة الفقر لضرب بؤر الإرهاب.
وانتقد الرئيس التشادي إدريس ديبي، الذي يخوض جيش بلاده حرباً شرسة ضد الإرهابيين في مالي ونيجيريا، عدم وفاء الممولين بالتزاماتهم تجاه منطقة الساحل الأفريقي، وقال إن هذه التمويلات ستمكنهم من «التوجه مباشرة إلى السكان في المناطق الهشة».
وأضاف أن «الأصدقاء والمانحين والشركاء التقنيين والماليين تعهدوا بأكثر من 12 مليار دولار لتطوير منطقة الساحل الحساسة، غير أنه لم يتم تمويل أي من هذه المشاريع حتى الآن»، وفق تعبيره.
وأنهى الرئيس التشادي مداخلته أمام المشاركين في منتدى السلام بباريس، بالقول إن «جزءاً من المسؤولية» تتحمله دول الساحل والحكومات، خصوصاً فيما يتعلق بمكافحة الفقر، مشيراً إلى أن هنالك مناطق أكثر احتياجاً تفتقر أيضاً إلى المدارس والخدمات الصحية.
وقال الرئيس التشادي إن بلاده «طالبت بغلاف مالي قدره 12 مليار دولار للتنمية، و400 مليون دولار لتجهيز الجيش، ولكننا لم نتلق أي تمويل»، مشيراً إلى الاتحاد الأوروبي بشكل خاص، وتعهداته بالمساعدة في تمويل وتجهيز القوة المشتركة لدول الساحل.
أما رئيس النيجر محمدو يوسفو فقد أكد أن دول الساحل وضعت خطة أمنية واستراتيجية تنموية من شأنها القضاء على الإرهاب «لكن تنقصنا الوسائل من أجل تنفيذها»، منتقداً بشدة «الحكامة» التي يسير بها العالم والتي قال إنها «غير متوازنة»، وخلص إلى أن «المجتمع الدولي، لا يقدم ما يكفي لإظهار التضامن مع دول الساحل ودول حوض بحيرة تشاد».
في حين أوضح الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا أن ميزانيات دول الساحل مثقلة بالإنفاق في مجالي الدفاع والأمن، منتقداً عدم إصغاء العالم للدعوات التي يطلقها قادة هذه الدول.