عون أبلغ الموفد الفرنسي تفضيله حكومة «تكنوسياسية»

باسيل أكد أن تشكيلها «مسألة داخلية»

الرئيس ميشال عون خلال لقائه الموفد الفرنسي كريستوف فارنو وسفير فرنسا في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال لقائه الموفد الفرنسي كريستوف فارنو وسفير فرنسا في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

عون أبلغ الموفد الفرنسي تفضيله حكومة «تكنوسياسية»

الرئيس ميشال عون خلال لقائه الموفد الفرنسي كريستوف فارنو وسفير فرنسا في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون خلال لقائه الموفد الفرنسي كريستوف فارنو وسفير فرنسا في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

جدّد رئيس الجمهورية ميشال عون التأكيد على تمسكه بتشكيل حكومة «تكنوسياسية» خلال لقائه مدير «دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» في وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو، الذي نقل إليه رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تؤكد اهتمام فرنسا بالوضع في لبنان واستعدادها لمساعدته في الظروف الراهنة، فيما كانت رسالة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل للموفد الفرنسي رفض التدخل الخارجي مؤكداً أن تشكيل الحكومة شأن لبناني.
واختصرت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية زيارة الموفد الفرنسي بـ«رسالة دعم واستماع». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحمل مبادرة محددة؛ إنما أتى في زيارة تضامن واستطلاع (على) ما يحصل في لبنان، والاستماع إلى وجهات نظر الأطراف وحول أفق تشكيل الحكومة وموعد الاستشارات النيابية». وتضيف: «لم يطرحوا حلاً ولا يريدون التدخل بالشؤون اللبنانية؛ إنما كان التركيز على وقوف باريس إلى جانب لبنان وتضامنها معه، كما أنه يهمها عودة الهدوء وتشكيل حكومة فاعلة تلتزم الإصلاحات التي وضعتها الحكومة السابقة ومقررات (مؤتمر سيدر) التي من شأنها أن تعيد الثقة بلبنان ليعود بذلك المجتمع الدولي ويتعاون معه».
وكان الموفد الفرنسي، الذي وصل مساء أول من أمس إلى بيروت مستهلاً لقاءاته باجتماع عقده مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط، التقى أمس الرئيس عون ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ورئيس البرلمان نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل.
وأبلغ عون السفير كريستوف فارنو أن «الحكومة العتيدة ستلتزم تنفيذ الورقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة السابقة، إضافة إلى عدد من القوانين التي يفترض أن يقرها مجلس النواب في سياق مكافحة الفساد وملاحقة سارقي المال العام بعد رفع الحصانة عنهم».
وأشار عون إلى أن «التحركات الشعبية القائمة حالياً رفعت شعارات إصلاحية هي نفسها التي التزم رئيس الجمهورية تحقيقها، ولكن الحوار مع معنيين في هذا الحراك الشعبي ما يزال متعذراً على رغم الدعوات المتكررة التي وجهها رئيس الجمهورية إليهم».
وشدد عون، خلال اللقاء الذي حضره السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي، على أنه سيواصل اتصالاته لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة، معرباً عن أمله في أن يتحقق ذلك في وقت قريب، مكرراً خياره بأن تكون «الحكومة الجديدة مؤلفة من سياسيين وتكنوقراط لتأمين التغطية السياسية اللازمة كي تتمكن من نيل ثقة الكتل النيابية إضافة إلى ثقة الشعب».
من جهة أخرى، شكر الوزير باسيل فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون على «اهتمامهما بلبنان، وعلى الجهود المبذولة للحفاظ على استقراره ومنع انزلاقه إلى الفوضى أو إلى الانهيار المالي».
وبحسب بيان الخارجية، أبلغ باسيل الموفد الفرنسي «وجوب عدم دخول أي طرف خارجي على خط الأزمة اللبنانية واستغلالها»، مؤكداً أن «مسألة تشكيل الحكومة هي مسألة داخلية، وقد وصلت إلى مراحل متقدمة وإيجابية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.