أبدت قوى وطنية وشعبية ليبية رفضها محاكمة سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، أمام المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية موافقة مندوب ليبيا لدى المحكمة على جلب القذافي الابن إلى لاهاي، للمحاكمة بتهم تتعلق بمحاولة قمع الثورة التي أطاحت والده عام 2011. وقال المسؤول السياسي لـ«جبهة النضال الوطني» الليبية، أحمد قذاف الدم، إن موافقة المندوب الليبي «لا تختلف شيئاً عن مطالبة بعضهم حلف (الناتو) في السابق بضرب ليبيا، وهي خيانة ما زال شعبنا إلى الآن يعاني منها».
وكان أحمد الجهاني، مندوب المجلس الرئاسي الليبي (حكومة الوفاق في طرابلس) لدى المحكمة الجنائية، قد أعلن أول من أمس أمام هيئة المحكمة، موافقة حكومة طرابلس على طلب جلب نجل القذافي للمثول أمام «الجنائية» لمحاكمته بتهمة ارتكاب «جرائم حرب».
لكن قوى شعبية موالية للقذافي رفضت هذه الموافقة، ورأت أن من شأنها «إذلال الشعب الليبي». وقال المحامي الليبي خالد الغويل لـ«الشرق الأوسط»، إن «القضية... هي عدم شرعية المحكمة بمحاكمة سيف الإسلام؛ لأن قرار الملاحقة تم من مذكرة صادرة من مجلس الأمن، وبالتالي تعتبر هذه القضية سياسية وليست قانونية». واعتبر الغويل أن القضية «بنيت على اتهامات باطلة في الأساس، باعتبار أن سيف الإسلام لم يكن لديه أي منصب خلال فترة حكم النظام السابق؛ بل كان نشطاً في المجتمع المدني». من جهته، دعا المبروك أبو عميّد، رئيس المجلس الاجتماعي لقبائل ورشفانة، مجلس النواب بشرق البلاد إلى اتخاذ «موقف قوي وواضح» ضد تسليم أي مواطن ليبي للمحكمة الجنائية. ورأى في تصريح نقلته وسائل إعلام محلية، أن قرار المحكمة «استكمال لمشروع إذلال وتركيع الشعوب».
أما أحمد قذاف الدم، ابن عم العقيد الراحل، فقال في بيان أمس: «تابع الشعب الليبي والشرفاء في أنحاء العالم جلسات ما تسمى المحكمة الجنائية الدولية... للنظر في الطلب المقدم من فريق الدفاع بعدم اختصاصها بالمطالبة بمثول الدكتور سيف الإسلام أمامها». وأضاف أن «ما حز في نفس كل ليبي غيور محب لوطنه، هو انقسام الليبيين إلى فريقين: الفريق الأول تمثل في فريق الدفاع الذي تشكل من محامين شرفاء عن القذافي... والفريق الثاني يمثله محمد لملوم (وزير العدل بحكومة الوفاق)، وأحمد الجهاني أستاذ القانون بالجامعات الليبية؛ حيث تمسكا بتسليم مواطن ليبي إلى محكمة لا تخفى على أحد غاياتها ومبتغاها ومن يقف وراءها».
وذهب إلى أن هذه المطالبة لا تختلف إلا من حيث الزمان، والمكان، والعنوان «عن مطالبة البعض حلف (الناتو) بضرب ليبيا»، معتبراً ذلك «خيانة» يعاني منها الشعب الليبي «إلى يومنا هذا».
وكان لملوم قد رد أمام المحكمة على هيئة الدفاع عن سيف القذافي التي تقول إن الأخير بريء بمقتضى قانون العفو العام، وقال: «إذا افترضنا أن بعض الجرائم المنسوبة لسيف مشمولة بقانون العفو، فإن شروط منح العفو غير متوفرة في حقه. القانون اشترط التعهد المكتوب بالتوبة، وعدم العودة للإجرام، والتصالح مع المجني عليه، وعفو ولي الدم، وهذا ما لم يفعله سيف الإسلام».
وكانت محكمة في طرابلس قد قضت في يوليو (تموز) 2015 بالإعدام على سيف القذافي، لدوره في قمع الانتفاضة الليبية التي أطاحت بنظام والده 2011، وهي التهم نفسها التي توجهها له المحكمة الدولية. ومنذ أن أطلقت سراحه كتيبة مسلحة بمدينة الزنتان (غرب ليبيا) في صيف عام 2017، لم يُشاهد سيف الإسلام في مكان عام. لكن فاتو بنسودة، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، توقعت في تقرير قدمته أخيراً وجوده في الزنتان.