قمة سودانية ـ مصرية في القاهرة السبت تبحث تطوير العلاقات و«سد النهضة»

«النزاع الليبي» ومبادرة دول الجوار على جدول أعمال الرئيسين البشير والسيسي

قمة سودانية ـ مصرية في القاهرة السبت تبحث تطوير العلاقات و«سد النهضة»
TT

قمة سودانية ـ مصرية في القاهرة السبت تبحث تطوير العلاقات و«سد النهضة»

قمة سودانية ـ مصرية في القاهرة السبت تبحث تطوير العلاقات و«سد النهضة»

في بادرة مهمة لإزالة التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين، منذ الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي، ذكرت مصادر رسمية سودانية أن الرئيس عمر البشير سيزور العاصمة المصرية القاهرة، نهاية الأسبوع المقبل، في زيارة رسمية تستغرق يومين، يبحث خلالها مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها في المجالات كافة، فضلا عن بحث النزاع الليبي، ومبادرة دول الجوار، وملف سد النهضة الإثيوبي، وملفات إقليمية أخرى.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السودانية (سونا) عن سفير الخرطوم في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم أن الزيارة المقررة يومي 18 و19 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ستتيح فرصة جديدة لانطلاق العلاقات بين البلدين. وحسب السفير عبد الحليم، فإن وزير الخارجية السوداني علي كرتي ورصيفه المصري سامح شكري حددا في القاهرة، أول من أمس (الخميس)، مواعيد زيارة البشير لمصر، وعدّا الزيارة إيذانا ببدء تعزيز علاقات البلدين في المجالات كافة، ولتأكيد رغبة شعبيهما في المزيد من التعاون، وتعزيز الهياكل المؤسسية لعلاقات التعاون الثنائي، وتفعيلها بما يحقق «الانطلاقة المبتغاة».
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرئيس البشير لزيارة القاهرة أثناء زيارته المفاجئة للخرطوم، التي استغرقت ساعات، أواخر يونيو (حزيران) الماضي، وقال في ختامها أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس البشير بمطار الخرطوم، إنه يرى السودان جزءا من بلاده، وإن زيارته للخرطوم تعبر عن حجم تلك العلاقة، وإن هناك مواقف كثيرة داخل المنطقة تحتاج للتنسيق بين البلدين، فيما أشاد الرئيس البشير بالزيارة، وعدها دلالة على أهمية العلاقات المصرية - السودانية، وعلى أن علاقة البلدين تسير في الاتجاه الصحيح.
وعد مراقبون زيارة السيسي بداية جديدة للعلاقات بين الدولتين، لا سيما بعد التوتر الذي شاب العلاقة عقب الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي، واتهامات إعلامية مصرية لنظام الحكم في الخرطوم ذي المرجعية الإخوانية، بدعم وإيواء عناصر من حركة الإخوان المسلمين المصرية.
ورغم التأكيد الرسمي السوداني بـ«اعتبار الإطاحة بحكومة مرسي شأنا مصريا داخليا»، فإن القاهرة ظلت تنظر بريب للخرطوم، استنادا على احتجاجات شعبية في الخرطوم نظمها موالون لحركة الإخوان المسلمين، وبينهم قادة في الحزب الحاكم، للتنديد بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي، ورفعت شعارات الإخوان المسلمين المصريين، وعدت ما جرى في مصر انقلابا ضد الشرعية. ولم يكشف الرئيسان تفاصيل القضايا التي ناقشاها في الخرطوم، لكن ملف العلاقات بين البلدين يتضمن ملفات خلافية كثيرة، أهمها الموقف من تشييد «سد النهضة الإثيوبي»، والنزاع الحدودي بين البلدين على مثلث حلايب، وملف العلاقة مع حركة الإخوان المصرية، والموقف «غير الرسمي» المناهض لثورة 30 يونيو المصرية، فضلا عن انشغالهما معا بالأوضاع المتفجرة في الجارة ليبيا.
وأثناء زيارة السيسي للخرطوم، نظمت جماعة الإخوان المسلمين ومبادرة «السائحون» إخوانية التوجه، وقفة احتجاجية تنديدا بالزيارة، ولإبداء عدم ترحيبهم بها، بيد أن الشرطة حالت بينها وبين الاقتراب من مطار الخرطوم. ولا تخفي تيارات إسلامية سودانية كثيرة «إخوانية المنشأ»، وعلى رأسها حزب المؤتمر الشعبي، بقيادة عراب الإسلاميين السودانيين حسن الترابي، رفضها لثورة 30 يونيو المصرية، التي ما زالت تراها انقلابا ضد شرعية الرئيس المصري السابق محمد مرسي.
وفي تطور لافت، نقلت «سونا»، أمس، عن السفير عبد الحليم، أن كلا من وزيري خارجية البلدين أبديا في القاهرة رضاهما عن سير المفاوضات الخاصة بـ«سد النهضة»، على خلفية النتائج الإيجابية لاجتماعات الخرطوم، واجتماع أديس أبابا.
ورغم تباعد موقف البلدين، في النظر إلى سد النهضة الإثيوبي، الذي ترى فيه مصر تهديدا لمصالحها المائية، في الوقت الذي يعد السودان إنشاء السد مفيدا له، على غير سابق مواقفهما التاريخية بشأن مياه النيل، فإن الخرطوم ما زالت تحتفظ بمواقفها الموالية للقاهرة بشأن «اتفاقية عنتيبي»، ونقل عن وزير الموارد المائية والكهرباء السوداني معتز موسى رفضه التوقيع على «اتفاق عنتيبي»، مشترطا الاتفاق على القضايا العالقة قبل توقيع حكومته.
وتطالب مجموعة دول حوض نهر النيل الموقعة على إعلان عنتيبي بإعادة النظر في اتفاقيات تقاسم المياه الموقعة بين السودان ومصر، وترفض عدّها ملزمة لها، لأنها وُقّعت إبان فترة الاستعمار، في تمسك مصر بما تسميه «حقوقها التاريخية»، في مياه النيل، وترفض توقيع الاتفاق الإطاري، ويؤيدها السودان في موقفها.
وقال السفير عبد الحليم إن وزيري الخارجية بحثا الأوضاع في ليبيا، وجهود مجموعة دول الجوار بشأن الاضطرابات في ذلك البلد، وفي حين تساند كلا الدولتين بشكل علني «الحكومة الليبية بقيادة الثني»، فإن اتهامات ليبية للخرطوم بدعم الحركات الإسلامية الليبية التي تخوض حربا ضد القوات الحكومية، تجعل من الملف الليبي ساخنا في قمة الرئيسين المقبلة.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».