مواجهات التنديد بأحداث كوباني تدخل الجامعات التركية.. ومخاوف من «الصدامات الأهلية»

مصادر تركية لـ («الشرق الأوسط»): تفاهم مع أوجلان على التهدئة

جانب من مراسم تشييع احد عناصر الشرطة التركية أمس الذي قضى في المواجهات شرق تركيا (أ.ف.ب)
جانب من مراسم تشييع احد عناصر الشرطة التركية أمس الذي قضى في المواجهات شرق تركيا (أ.ف.ب)
TT

مواجهات التنديد بأحداث كوباني تدخل الجامعات التركية.. ومخاوف من «الصدامات الأهلية»

جانب من مراسم تشييع احد عناصر الشرطة التركية أمس الذي قضى في المواجهات شرق تركيا (أ.ف.ب)
جانب من مراسم تشييع احد عناصر الشرطة التركية أمس الذي قضى في المواجهات شرق تركيا (أ.ف.ب)

استمرت المواجهات المتقطعة في المناطق التركية لليوم الرابع، احتجاجا من الأكراد على الموقف التركي مما يجري في مدينة عين العرب السورية التي يحاصرها تنظيم «داعش»، وبدأ التوغل فيها منذ يومين، ما أثار غضب أكراد تركيا على ما يعتبرونه «تواطؤا» من حكومة بلادهم مع التنظيم المتطرف.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن اتصالات جرت بين المسؤولين الأتراك ورئيس تنظيم «حزب العمال الكردستاني» المحظور عبد الله أوجلان في مسعى لضبط الشارع الكردي، خصوصا مع تحول المواجهات إلى ما يشبه «الحرب الأهلية»، خصوصا في أوساط الأكراد. وأوضحت المصادر أن الأجواء كانت إيجابية وأن أوجلان وجه رسائل إلى قيادات حزب «حرية الشعوب» الذي يمثل الذراع السياسية للتنظيم المحظور بضرورة التهدئة، غير أن مصادر كردية تركية نفت في اتصال مع «الشرق الأوسط» المعلومات عن طلبه وقف المظاهرات، مؤكدة أن المظاهرات ستستمر. وأكدت أن الأحزاب الكردية لم تدع لحظة إلى أعمال العنف، متهمة «الطرف الآخر» بالتجييش.
ووصلت مظاهرات التنديد بالهجوم على كوباني التي تشهدها معظم المدن التركية إلى الجامعات، حيث شهدت جامعات إسطنبول وأنقرة والشرق الأوسط للعلوم التقنية بأنقرة أعمال عنف وشغب، عندما تجمع بعض المتظاهرين في جامعة الشرق الأوسط للعلوم التقنية وأرادوا السير إلى المبنى الرئيس لحزب العدالة والتنمية، إلا أن قوات الشرطة لم تسمح لهم بالخروج من الجامعة. ورشق الطلاب المتظاهرون قوات الشرطة بالحجارة والألعاب النارية وقنابل المولوتوف، وحاولت الشرطة تفريق المتظاهرين بخراطيم المياه والرصاص المطاطي، واستمرت الأحداث قرابة 3 ساعات، كما ذكرت صحيفة «زمان» المعارضة على موقعها الإلكتروني. كما تجمع بعض الطلاب في جامعة أنقرة وخرجوا إلى شارع «جمال كورسل» وتسببوا في شلل بالحركة المرورية، ما دفع الشرطة إلى إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. ولجأ الطلاب المتظاهرون إلى كليات العلوم السياسية والحقوق والاتصالات، فلحقت بهم قوات الشرطة ودارت مواجهات. أما في إسطنبول فقد حصلت المواجهات بين مؤيدي الأكراد ومؤيدي الحزب الحاكم ونشب في كلية العلوم الطبيعية والآداب بجامعة إسطنبول.
وتسببت الاحتجاجات بمقتل نحو 35 شخصا، وإصابة ما لا يقل عن 150 آخرين حتى الآن، كما جرى إحراق 3 آلاف متجر، و260 مبنى عاما، و190 بنكا، و80 مبنى للأحزاب السياسية، و556 سيارة، و30 مبنى بين جمعية وسكن طلابي خاص. وتعرضت مئات من أنظمة كاميرات مراقبة الطرق ومصابيح الطرق ومحولات الطاقة الكهربائية واللوحات الإعلانية لأضرار.
وأشارت التقارير الاستخباراتية إلى أن أحداث الشغب ستزداد في المدن وعلى رأسها إسطنبول ومدن شرق وجنوب شرقي الأناضول. وقالت مصادر إن مسؤولي اتحاد الجماعات الكردية أوعزوا بتصعيد أعمال الشغب، لا سيما في محافظة وان وديار بكر وحكاري وشرناق، شرق وجنوب شرقي تركيا.
وقال وزير الداخلية التركي أفكان آلا إن 31 شخصا سقطوا جراء أعمال العنف التي شهدتها البلاد مؤخرا، إضافة إلى عنصري شرطة، كما أصيب 221 مواطنا و139 عنصر شرطة». وأوضح آلا في مؤتمر صحافي، عقده بمقر وزارة الداخلية بالعاصمة أنقرة، أن قوات الأمن التركية أوقفت ألفا و24 شخصا شاركوا في أعمال العنف، وأن أمرا صدر باعتقال 58 منهم، لافتا إلى أن التحقيقات مع الآخرين مستمرة». وأشار آلا إلى الهجوم المسلح الذي أسفر عن مقتل نائب مدير الأمن، ورئيس الشرطة بولاية بينغول، ليلة أول من أمس، لافتا إلى مقتل 5 إرهابيين قاموا بتنفيذ الهجوم.
وانتقد الوزير التركي أحزاب المعارضة، معتبرا أنه «في الوقت الذي ينبغي فيه خروج تصريحات تدعو إلى إنهاء أعمال العنف والشغب بشكل تام نرى أن تلك التصريحات تحتوي على لغة تدعم تلك الأعمال»، مضيفا: «مع الأسف فإن من أدلى بتلك التصريحات هما الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي (صلاح الدين دميرطاش) ورئيس الحزب المعارض الرئيس».
وفي الإطار نفسه انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أحزاب المعارضة، وتحديدا زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كليتشدار أوغلو، لمطالبته باستصدار تفويض للجيش التركي بشأن مدينة كوباني السورية، متسائلا: «هل يفعل ذلك من أجل حماية الأسد؟ هل الموضوع فقط كوباني وإخوتنا الأكراد فيها؟»، مضيفا: «لماذا صمت حزب الشعب الجمهوري وحزب آخر في البرلمان (في إشارة إلى حزب الشعوب الديمقراطي المعارض) حيال مقتل ما بين 200 - 250 ألف سوري؟ ما الذي تغير الآن لكي يخرجوا عن صمتهم؟».
واتهم إردوغان بعض دول الجوار بعمل كل ما بوسعها لحماية نظام بشار الأسد، مؤكدا أن هناك إرهابا على صعيد المنظمات وأن هناك إرهاب دولة، مبينا أن نظام الأسد مثال على ذلك، إذ قتل نحو 250 ألفا من الشعب السوري.
وانتقد إردوغان حزب الشعب الجمهوري لوقوفه إلى جانب مثيري الشغب الذين أحرقوا العلم التركي ودمروا تمثال مؤسس الجمهورية التركية «مصطفى كمال أتاتورك» والممتلكات العامة والخاصة في البلاد.
وبدوره هاجم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو كليتشدار أوغلو، وقال: «فليقم المحرضون بالتحريض كما يشاءون، نحن كحكومة تركية لن نسمح أبدا بنشوب أي شكل من أشكال الصراع بين الإخوة، كما أن فهمنا لمرحلة السلام الداخلي يتضمن احتضان جميع المكونات في أجواء من الأخوة، وإفساح المجال أمام الجميع لاستخدام لغته الأم، وإحياء ثقافته، لكن بعيدا عن الإرهاب والعنف». وأضاف: «إن مرحلة إحلال السلام الداخلي ليست بديلا بأي شكل من الأشكال عن النظام العام، وليست ذريعة لأولئك الراغبين في الحصول على ذريعة من أجل تكدير النظام العام، أتوجه من هنا بالقول لكل من شارك بعمليات التخريب وقطع الطريق ونشر الفوضى والإرهاب في الأيام الثلاثة الأخيرة والـ48 ساعة الماضية، احذروا أن تحلموا بأنكم قادرون على النيل من وحدة الأمة وتضامنها. فهذه الأمة تقاسمت المصير المشترك منذ عهد السيد بطال غازي (بطل قومي لدى الأتراك عاش في القرن الثامن الميلادي ويعود نسبه إلى أسرة عربية استقرت في مدينة ملاطية إبان الفتح الأموي للأناضول) حتى معركة جناق قلعة، ونحن لن نسمح لأحد أن ينال من تلك الوحدة والتآلف».
وتوعد نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، والناطق باسم الحزب بشير أطالاي، بإنزال أشد العقوبات بحق من وصفهم بالجناة والمخربين ومنظمي الشغب ومثيري الاستفزازات في البلاد، مشددا على أن الحكومة ستكون حازمة في ذلك. وذكر أطالاي في اجتماع عقده الحزب بشأن الأحداث أن زعيم الحزب أحمد داود أوغلو أطلع اللجنة المركزية للحزب على آخر الإجراءات المتبعة، وأن الاجتماع خلص إلى اتخاذ عدد من القرارات بهذا الشأن.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».