دفاع نجل القذافي يدفع بعدم أحقية «الجنائية الدولية» في محاكمته

سيف الإسلام القذافي أثناء التحقيق معه في مدينة زنتان الليبية (أ.ف.ب)
سيف الإسلام القذافي أثناء التحقيق معه في مدينة زنتان الليبية (أ.ف.ب)
TT

دفاع نجل القذافي يدفع بعدم أحقية «الجنائية الدولية» في محاكمته

سيف الإسلام القذافي أثناء التحقيق معه في مدينة زنتان الليبية (أ.ف.ب)
سيف الإسلام القذافي أثناء التحقيق معه في مدينة زنتان الليبية (أ.ف.ب)

تنتهي اليوم جلسة الاستماع الخاصة التي بدأتها أمس المحكمة الجنائية الدولية، بمقرها في مدينة لاهاي الهولندية، لسيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، بحضور فريق الدفاع عنه ووفد من حكومة الوفاق الليبية التي يرأسها فائز السراج.
وقال القاضي شيلي أوسوجي، رئيس المحكمة، إن الجلسة استهدفت الاستماع إلى الدفوع شفوياً من الطرفين والمشاركين، ومن الجهات الصديقة للمحكمة، ومتدخلين آخرين حول المسائل المطروحة في دعوى الاستئناف الحالية، بحضور ممثلين عن ليبيا. ولفت إلى اعتراض سيف الإسلام على مسألة مقبولية قضيته أمام المحكمة الجنائية الدولية. وكانت الدائرة التمهيدية للمحكمة رفضت اعتراضه، وهو الآن يستأنف قرار الدائرة التمهيدية.
بدوره، أبلغ فادي عبد الله، الناطق باسم المحكمة «الشرق الأوسط» أن «محامي الدفاع كان قد قدم دفعاً بعدم مقبولية الدعوى رفضته الدائرة التمهيدية، وتم استئنافه»، موضحاً أن الجلسة تهدف إلى السماح لأطراف الدعوى بتقديم وجهات نظرهم شفوياً إلى قضاة دائرة الاستئناف.
وقال إن الجلسة مستمرة اليوم أيضاً وبعدها ستصدر دائرة الاستئناف قرارها في الوقت المناسب.
وخلال جلسة الأمس، التي بثتها وسائل إعلام ليبية محلية على الهواء مباشرة وكذلك موقع المحكمة الجنائية، عرض محامي سيف الإسلام فيديو يثبت محاكمته من قبل القضاء في ليبيا.
وكانت «الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا»، المحسوبة على نجل القذافي، نقلت أمس عن أحد أعضاء فريق الدفاع عنه تأكيده عدم أحقية المحاكم الدولية بالنظر في كل القضايا التي يُتهم فيها سيف الإسلام، معتبراً أن المحاكم الوطنية منبر أفضل للتعامل مع هذه القضايا، وأن الأولوية يجب أن تعطى للقضاء الوطني. وأشار إلى أنه تم اعتقال نجل القذافي والتحقيق معه ومثُل أمام المحكمة في ليبيا وبقي في السجن أكثر من 4 سنوات.
وأضاف «المحاكم الوطنية، كما ورد في ديباجة نظام روما، هي الأفضل للتعامل مع مثل هذه القضايا في ضوء النفاذ الميسّر للأدلة من جانب المدعي العام والضحايا، إذ من الأسهل أن تتم الملاحقة على الصعيد الوطني». وشدد على «واجب الدول الأطراف (في نظام روما) في محاكمة مواطنيها»، مضيفاً أنه «لا يجب للمحكمة الدولية أن تتدخل وألا تستحوذ على القضية من المحاكم الوطنية». وتابع: «تمت محاكمة سيف الإسلام وإدانته وانتهى الأمر، وهذا هو الموقف الذي نتخذه نحن، وهذه هي المقاربة المنضبطة التي يجب على دائرة الاستئناف أن تتخذها».
واعتقل نجل القذافي في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011، حيث تم تحويله إلى مركز احتجاز في مدينة الزنتان الجبلية على مسافة 145 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة طرابلس. وتعترض السلطات الليبية في طرابلس على محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية، مشيرة إلى أنها تولت التحقيق في الاتهامات الموجهة له.
وكانت دائرة الاستئناف بالمحكمة الجنائية أصدرت أخيراً أمراً قضائياً بعقد جلسة استماع للنظر في طلب الاستئناف المقدم من نجل القذافي، ودعت مجلس الأمن، والحكومة الليبية، وما يعرف بـ«رابطة ضحايا 17 فبراير» (الثورة التي اندلعت عام 2011 ضد نظام العقيد القذافي)، إلى تقديم ملاحظاتهم مكتوبة في تاريخ لا يتجاوز 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ووجهت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لائحة اتهامات ضد سيف الإسلام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ناجمة عن قمع الثورة الليبية.
وكانت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، أعلنت في تقرير حول الوضع في ليبيا قدمته أمام مجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء الماضي، أن «ليبيا لا تزال ملزمة بالقبض على نجل القذافي وتسليمه إلى المحكمة». وقالت بنسودا إنه، بحسب المعلومات التي وردت إلى مكتبها، فإن سيف الإسلام القذافي موجود في الزنتان بليبيا.
ويعد سيف (46 عاما) أبرز أبناء القذافي، وتردد أنه كان يُعد ليخلف والده قبل الانتفاضة التي اندلعت منذ ست سنوات، وأطيح فيها بالقذافي وقتل.
ولم يتضح بعد الدور الذي يمكن أن يلعبه القذافي الابن في ليبيا، لكن بعض الموالين له كانوا يضغطون من أجل إطلاق سراحه في إطار مساعي رموز النظام السابق لاستعادة نفوذهم.
وسجل أعضاء في مجلس النواب الليبي اعتراضهم على تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، على اعتبار أنه مشمول بقرار العفو العام الذي أصدره المجلس. كما لفت بعضهم إلى أن ليبيا ليست عضواً بالمحكمة الجنائية، كي تقوم بمحاكمته.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.