بدأت المخابز تختفي سريعاً في بلد تنتشر فيه مقولة «لا حياة دون خبز». من المعتاد أن تتم إضاءة أنوار مخبز القرية قبل الفجر، أي قبل ساعة من انتشار رائحة الخبز الزكية ووصولها إلى أنوف القاطنين في المنازل المجاورة له. وسرعان ما يتم سماع باب المخبز ينفتح وينغلق محدثاً إيقاعاً معروفاً ومتوقعاً مثل دبيب الحياة في أنحاء الريف الفرنسي. مع ذلك بدأ كل شيء يتغير. يقول غيرارد فيغوت وهو يقف في الممر المؤدي إلى المخبز الذي بات مغلقاً: «لا حياة دون خبز. هذه قرية ميتة لا حياة فيها»، حسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.
منذ عامين فقد أهل قرية لا شابل إي جوجيه، البالغ عددهم 650 نسمة، مخبزهم، الذي يعد الأخير من نوعه، حيث كانوا يتقابلون ويتجاذبون أطراف الحديث وهم ينتظرون في صفوف للحصول على أرغفة خبز الباغيت الساخنة، أو حلوى الـ«إكلير» خلال عطلة نهاية الأسبوع. ووصفت إحدى الصحف غلق المخبز لأبوابه بأنه بمثابة «مأساة» بالنسبة لأهل القرية. وهي مأساة تتكرر في عدد لا يحصى من القرى الفرنسية. وقد وصل عدد المخابز التقليدية، التي أغلقت أبوابها منذ بداية العقد، إلى 50 مخبزاً، مما يجعل العدد المتبقي 370؛ ومن المتوقع أن يتم إغلاق 20 مخبزاً خلال العام المقبل بحسب «غرفة التجارة والصناعات اليدوية» في الإقليم.
لم يعد الشباب ينجذبون إلى الخبازين التقليديين الذين يقيمون في أعلى مخابزهم، حيث ضربت المراكز التجارية بجذورها في المناطق الريفية، وباتت تجذب الناس الذين يرغبون في شراء احتياجاتهم من «السوبر ماركت»، أو السلاسل التجارية الشهيرة. لم يعد العملاء، خاصة الشباب منهم، يكثرون من أكل الخبز. وتتسم الجولات في الريف الفرنسي هذه الأيام بالمرور بمخابز مغلقة، وملاحظة الطلاء الباهت للنوافذ والأبواب القديمة الذي يوضح الوقت الذي انطفأت فيه أضواء تلك الأماكن. يعني ذلك أيضاً مقابلة أناس يذكرون بارتياح واضح أن قريتهم لا يزال بها مخبز.
مخابز «الباغيت» الفرنسي الشهيرة تختفي سريعاً من الحياة
مخابز «الباغيت» الفرنسي الشهيرة تختفي سريعاً من الحياة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة