أزمة لبنان تصل إلى طريق مسدودة... و«حزب الله» «لن يقدم تنازلات»

متظاهرون مناهضون للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة في بيروت (أ.ب)
متظاهرون مناهضون للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة في بيروت (أ.ب)
TT
20

أزمة لبنان تصل إلى طريق مسدودة... و«حزب الله» «لن يقدم تنازلات»

متظاهرون مناهضون للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة في بيروت (أ.ب)
متظاهرون مناهضون للحكومة والطبقة السياسية الحاكمة في بيروت (أ.ب)

قالت ثلاثة مصادر رفيعة اليوم (الأحد) إن المحادثات السياسية الرامية للتوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة جديدة في لبنان وصلت إلى طريق مسدودة، في حين قال «حزب الله» إنه لن يُرغم على تقديم تنازلات.
وقالت المصادر إن اجتماعاً بين رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري ومسؤولين كبار من «حزب الله» وحليفه حركة «أمل» انتهى مساء يوم (السبت) دون تحقيق أي انفراجة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال مصدر مطلع على موقف الحريري في المحادثات «الأزمة تتعمق»، حسب ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وقال مصدر رفيع آخر، مطلع على موقف «حزب الله» وحركة «أمل»: «لم يتغير شيء... حتى الآن الطريق مسدودة تماما». وقال المصدر الثالث إن الوضع لا يزال متأزما.
واستقال الحريري في 29 أكتوبر (تشرين الأول) إثر احتجاجات لم يسبق لها مثيل بسبب الفقر والبطالة ونقص الخدمات الأساسية مثل الكهرباء. ويريد الحريري قيادة حكومة تكنوقراط خالية من الساسة في حين تريد حركة «أمل» و«حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر» حكومة تجمع بين التكنوقراط والسياسيين.
وقال المصدر المطلع على آراء الحريري إنه يعتقد أن حكومة مكونة من تكنوقراط وسياسيين لن تكون قادرة على تأمين المساعدة من الغرب، وأنها أيضا ستغضب المحتجين الذين يريدون أن يروا تغييرا في القيادة.
وقال المصدر المطلع على موقف «حزب الله» و«أمل» إن الحريري كرر موقفه في الاجتماع مع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل وهو من حركة «أمل» والمسؤول الكبير في «حزب الله» حسين الخليل.
وفي الاجتماع طرح «حزب الله» وحركة «أمل» موقفهما القائل إن الحريري يجب أن يعود على رأس حكومة «تكنوسياسية». وقال الحريري إنه يوافق فقط على رئاسة حكومة تكنوقراط. وقال المصدر: «عملياً يريد حكومة خالية من (حزب الله)».
وقال المصدر المطلع على موقف الحريري إنه يعتقد أن هناك مسعى من «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» لضم سياسيين مرفوضين من المحتجين إلى الحكومة.
وفي بيان يشير فيما يبدو إلى المأزق وإلى خسارة «حزب الله» مقاتلين في كثير من الصراعات، قال محمد رعد رئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية: «لا تُلوى ذراعنا ولا يُحيدنا عن تحقيق أهداف الشهداء لا شُغل ولا اهتمام جزئي ولا معارك مفتعلة يفرضها الآخرون بين الحين والآخر».
ومن شأن الإخفاق في كسر الجمود السياسي في لبنان أن يزيد الضغوط على اقتصاد يعاني من أعمق أزماته منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 وسط احتجاجات ضد المؤسسة السياسية التي يعتبرها كثير من اللبنانيين فاسدة وتفتقر للكفاءة.
وتحاول البنوك التجارية منذ إعادة فتحها الأسبوع الماضي منع هروب رؤوس الأموال بعدم إتمام معظم التحويلات إلى الخارج، وفرض قيود على سحب العملات الأجنبية، رغم أن مصرف لبنان المركزي أعلن رسمياً عدم فرض قيود على رؤوس الأموال.
وتعود الأزمة الاقتصادية في لبنان، في جزء كبير منها، إلى تباطؤ تدفق رؤوس الأموال مما أدى إلى شح الدولار الأميركي وخلق سوق سوداء تراجعت فيها الليرة اللبنانية عن قيمتها المعلنة رسمياً.



مقترح «سد الفجوة»... تحركات مصرية لإحياء «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية وطفل يبكيان على جثة قريب لهما قُتل في غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية وطفل يبكيان على جثة قريب لهما قُتل في غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT
20

مقترح «سد الفجوة»... تحركات مصرية لإحياء «هدنة غزة»

امرأة فلسطينية وطفل يبكيان على جثة قريب لهما قُتل في غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
امرأة فلسطينية وطفل يبكيان على جثة قريب لهما قُتل في غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

تحركات مكثفة من الوسطاء لمنع توسع التصعيد العسكري في قطاع غزة وسط مفاوضات جارية بشأن أفكار تضم مقترح مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن تهدئة جديدة لم تقبل «حماس» بنودها السابقة، وأفشلتها حكومة بنيامين نتنياهو بشن عمليات ضد القطاع.

طاولة المفاوضات أيضاً تشمل مقترحاً مصرياً بشأن «وضع جداول زمنية لانسحاب إسرائيلي كامل وتسليم (حماس) الرهائن المتبقيين»، وهذا الزخم في المحادثات تحت النيران المستمرة، سيذهب، حسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، إلى هدنة إنسانية في أقصى تقدير مع قرب عيد الفطر الذي يحل أواخر مارس (آذار) الحالي، مع استمرار المفاوضات بشأن اتفاق شامل أو مرحلي، خصوصاً وأن الطاولة مليئة بالقضايا الحرجة مثل مستقبل القطاع وإبعاد «حماس».

وبعد تشاور مع إدارة الرئيس الأميركي، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في 18 مارس الحالي، بعد هدنة استمرت 6 أسابيع، في حين لا يزال هناك 59 رهينة في غزة يُعتقد أن نحو 24 منهم لا يزالون على قيد الحياة، بعد أن سمحت المرحلة الأولى التي انتهت مطلع مارس الحالي من اتفاق الهدنة الذي انطلق قبل نحو شهرين، بإطلاق سراح 33 رهينة ونحو 1800 أسير فلسطيني.

ووفق المتحدث باسم «حماس»، عبد اللطيف القانوع، في بيان، السبت، فإن «مقترح ويتكوف وبعض الأفكار يتم مناقشتها مع الوسطاء والاتصالات لم تتوقف لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار»، داعياً إلى أن «تمارس إدارة ترمب الضغط على الاحتلال للعودة لاتفاق وقف إطلاق النار، خاصة ونتنياهو هو المُعطِّل للاتفاق ويُقدِّم بقاء حكومته على حياة الأسرى».

وفيما لم يوضح متحدث «حماس» طبيعة الأفكار الأخرى، قالت 3 مصادر بينهم مسؤولان مصريان، وثالث فلسطيني لـ«رويترز»، إن «القاهرة قدمت مقترحاً لوقف الحرب وسد الفجوات، وحظي بموافقة الولايات المتحدة»، موضحين أن مصر وضعت جدولاً زمنياً لإطلاق سراح باقي الرهائن، إلى جانب تحديد موعد نهائي لانسحاب إسرائيلي كامل من غزة بضمانات أميركية.

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)

وكان ويتكوف قدّم في 13 مارس الحالي اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي، عيدان ألكسندر فقط، وعدَّ المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول»، وذلك قبيل يومين من استئناف إسرائيل الحرب.

وتحدث ويتكوف، مساء الجمعة، عن أن «هناك مفاوضات جارية» لوقف الغارات الإسرائيلية، لافتاً إلى أن «نتنياهو يريد تحرير المحتجزين في غزة، لكنه يسعى إلى تحقيق ذلك من خلال سياسة الضغط على (حماس)».

لكن لا تزال تلك المفاوضات تحت النيران، وسط توسع إسرائيلي في غزة خلَّف مئات الضحايا، لا سيما من النساء والأطفال، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه يشنّ ضربات ضد أهداف لـ«حزب الله» اللبناني في جنوب لبنان، رداً على إطلاق ثلاثة صواريخ من هذه المنطقة على شمال إسرائيل، وذلك غداة إعلان «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أنها أطلقت رشقة صواريخ من غزة باتجاه تل أبيب، وتأكيد الجيش الإسرائيلي أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، مساء الجمعة، استهدف مطار بن غوريون.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن الخيار الأفضل هو دعم وإنجاح التحركات المصرية لإحياء الهدنة مجدداً، وإلا ما نراه من عودة التصعيد لن يكون في صالح المنطقة أو واشنطن، لافتاً إلى أن «عودة إطلاق الصواريخ مرة أخرى أياً كان تأثيرها تعني أن المنطقة ستشتعل مرة أخرى، وبالتالي من المهم نجاح تلك المفاوضات الجارية والتوصل لحل وسط وصيغة توافقية».

وباعتقاد السفير الفلسطيني الأسبق لدى القاهرة، بركات الفرا، فإن «مصر قادرة على سد الفجوات وإحياء هدنة غزة بمقترحها الجديد، وعلى نتنياهو أن يستمع للتحركات الجديدة، خاصة وأن الضغوط ستزداد ضده داخلياً وخارجياً»، متوقعاً «حدوث هدنة إنسانية مع حلول عيد الفطر إن لم تسفر المفاوضات الجارية عن التوصل لاتفاق واضح قبله».

ومتفقاً مع تلك التقديرات، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه بإمكان مصر تحقيق تقدم في تلك المفاوضات الجارية بمقترحها لسد الفجوات المتداول، سواء بزيادة عدد الرهائن أو التسليم المرحلي، لافتاً إلى أن «هذا يتوقف على حجم الضغوط التي ستبذل من قبل أميركا على إسرائيل للتوصل لاتفاق قريب؛ وإلا ستبقى مفاوضات تحت النار وفقط».

رد فعل فلسطينية بعد التعرف على جثث أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
رد فعل فلسطينية بعد التعرف على جثث أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبتقديرات ويتكوف، فإن «(حماس) تسعى للبقاء في غزة وإدارة القطاع، وهذا أمر غير مقبول»، معتقداً أن «ما هو مقبول بالنسبة لواشنطن، هو أن تتخلى الحركة عن أسلحتها، وربما يمكنهم البقاء هناك مؤقتاً».

وأفاد القانوع، السبت، بأن الحركة «جاهزة لأي ترتيبات بشأن إدارة غزة تحظى بالتوافق وليست معنية أن تكون جزءاً منها ولا طموح لديها لإدارة القطاع»، مؤكداً أنها «سبق أن وافقت على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي بالقطاع لا تتضمن الحركة».

ورغم هذا الجدل لا تزال الدعوات الدولية تتواصل لإحياء هدنة غزة، وأصدرت فرنسا وبريطانيا وألمانيا بياناً مشتركاً، مساء الجمعة، تدعو فيه إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.

وبرأي حسن، فإن التصريحات الأميركية الأقرب أن تكون من باب الضغوط على «حماس»، لافتاً إلى أن رسائل الدول الغربية واضحة وحاسمة بأهمية وقف إطلاق النار، وبالتالي من المهم التوصل لصيغة توافقية توقف الحرب، فيما لم يستبعد إمكانية الوصول لهدنة جديدة مع حلول عيد الفطر.

ويعتقد الفرا أيضاً أن «واشنطن تريد زيادة الضغط على (حماس) لجعلها بلا أنياب بغزة، وقد تستمر قضية نزاع سلاحها إعلامياً فقط غير أن الحركة ذاتها ستبحث عن حماية كوادرها داخلياً وخارجياً، وأن يكون لها وجود مدني».

ويتوقع الرقب أن تشكل لجنة إدارة غزة بدون «حماس» بناءً على التوافقات على أن يكون مستقبل الحركة وسلاحها مرتبطين بوجود قوات دولية للفصل مع إسرائيل من عدمه، مضيفاً: «لكن هذه قضايا تطرح للضغط لا أكثر والمطلوب حالياً إحياء الهدنة وهو ما يتحرك فيه الوسطاء».