تحديات «اتفاق الرياض»... ومطالبة نسائية بثلث الحكومة

TT

تحديات «اتفاق الرياض»... ومطالبة نسائية بثلث الحكومة

يترقب اليمنيون جملة استحقاقات، خلال الفترة المقبلة، بعد توقيع تنفيذ «اتفاق الرياض»؛ أبرزها على الناحية السياسية تشكيل حكومة لا تتجاوز 24 وزيراً، مناصفة بين الشمال والجنوب، ولن يكون هناك مكون سياسي في الشمال أو الجنوب يستولي على كامل نصفه المحدد، بل هناك أحزاب ومكونات سياسية ستتقاسم المقاعد.
وهناك أيضاً في الشق العسكري والأمني؛ إعادة دمج وهيكلة في المؤسسات العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى تطبيع الحياة في المناطق المحررة، والتزامات وجهود اقتصادية منتظرة تجاه سعر العملة، ودفع الرواتب، ومكافحة الفساد، وغيرها من الجوانب التنموية.
تذهب الأكاديمية اليمنية الدكتورة وسام باسندوة، إلى أنه «على الرغم من أن الحكومات السابقة كانت تراعي أن يكون وزراؤها من مختلف المناطق الشمالية والجنوبية، فإن الفارق الجوهري الذي أحدثته اتفاقية الرياض بهذا الصدد هو الإقرار بأنهم دخلوا في التشكيل الحكومي بصفتهم جنوبيين. وفي هذا إقرار بتثبيت الهوية، والقضاء على فكرة أن هناك محاولات لطمسها وتذويبها وما إلى ذلك، خصوصاً أن الجنوبيين شديدو الحساسية فيما يتعلق بهويتهم، وهو أمر طبيعي نتيجة للخبرات السابقة»، وزادت: «إن الشعب اليمني، وحتى النخب، تعول كثيراً على الضامن السعودي للتطبيق، وبالتالي يمكن فعلاً أن ينجز الاتفاق كما قرر له، والحكومة الجديدة ستكون قادرة على مواجهة التحديات، والتغلب عليها، والمضي بالبلاد، فالناس والوضع لم يعودا يحتملان المزيد»، مشيرةً إلى إمكانية تطبيق هذا الاتفاق على أرض الواقع «إن صدقت النوايا. ويبدو من خلال اللقاءات مع مختلف القوى والنخب السياسية، وعلى هامش، وفي كواليس حفل الاتفاق، أن الجميع متفائل وراغب حقيقة في التنفيذ، وأيضاً الجميع منهك وقرف من الحرب، كما أن المؤشرات واللقاءات التي عقدت بين الرئيس هادي ورئيس المجلس الانتقالي ووفده أوضحت أن هناك رغبة حقيقية جادة ونية صادقة للتسامي فوق الجراح والخلاف السياسي، والمضي للاستجابة لمتطلبات الناس وأصواتهم وضرورات المرحلة».
الأكاديمية اليمنية تطرقت إلى مسألة المطالب النسائية، وذكّرت السياسيين بمخرجات الحوار الوطني، ووجود سيدات يعملن بشكل مستقل خارج إطار المكونات السياسية اليمنية الموجود.
تقول الدكتورة وسام: «فكرة مراعاة التنوع في وزارات كلا القسمين، سواء شمالاً أو جنوباً، بحيث تعطي تمثيلاً لمختلف القوى والمكونات السياسية، وأن تكون من أصحاب الكفاءات، أي ممن يملكون خبرة وكفاءة في الوزارات التي سيتولونها، وفي هذا الصدد يجب التركيز على دور النساء في هذه التشكيلة، فوفقاً لمخرجات الحوار الوطني أقر أنه يجب ألا يقل التمثيل النسوي عن الثلث، فالثلث هو الحد الأدنى، وهو الأمر الذي لم يتحقق في مختلف الحكومات التي تشكلت منذ الانقلاب».
وأشارت إلى أن «المطالب المستقبلية (من خلال اجتماعات نسائية) ألا تقل هذه النسبة عن الـ50 في المائة، منها وزارتان سياديتان، فالثلث هذا الذي لم يتحقق كان قبل عدة أعوام منذ 2011 إلى 2014، ونحن اليوم على أبواب 2020 العالم من حولنا يتغير في مجال التمثيل النسوي».
وتابعت باسندوة: «الأمر لا يتعلق بمنافسة الرجال والتحدي، بل بحق أصيل للمرأة، لتأخذ فرصتها في الشراكة في بناء الوطن وفقاً للكفاءة. والعالم سيحتفل في 2020 بمرور 20 عاماً على صدور قرار الأمم المتحدة رقم 1325، الذي كان يدعو الدول لضرورة التمثيل النسوي العادل للمرأة في صناعة القرار، وكل مشاورات السلام وغيره، وأيضاً على أن يكون نصف التمثيل النسوي على الأقل من خارج الأحزاب، كما تجري العادة، باختيار عدد محدود من النساء من أحزاب معينة، وإسناد وزارات محدودة كمجرد ترقيع ديكوري، وتجاهل النساء المستقلات والمجتمع المدني، وهنا نعول كثيراً على استجابة رئيس الجمهورية، الذي تنطلق رؤيته حقيقة في دعم المرأة. وأن تكون الكفاءة والقدرة هما المحكين لكل المرشحين رجالاً ونساءً، ويجب تغيير الوجوه المستهلكة التي هرمها الشعب وفقد الثقة فيها»، واستطردت قائلة: «إن اعتماد معياري التنوع والكفاءة سيؤهل الحكومة للمرحلة المقبلة عليها والملغومة بالتحديات، فالناس تعول عليها الكثير في ضبط الأمن، وإعادة الخدمات، والبناء، والإعمار، وقبل كل هذا وذاك استعادة الدولة وهيبتها، وهو الأساس، فإذا استعدنا هيبة الدولة، ستكتسب ثقة المواطن، خصوصاً أن الشعب اليمني شعب ذو أعماق ضاربة تاريخياً في الحضارة، التي تعرف بالشعوب المسيسة».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»