ضيق الوقت ومخاطر الانهيار يستعجلان ولادة الحكومة

الأزمة المالية هيمنت على لقاء عون ـ الحريري

TT

ضيق الوقت ومخاطر الانهيار يستعجلان ولادة الحكومة

قال مصدر وزاري بارز بأن وقف الانهيار الاقتصادي والمالي هو الآن من الأولويات لأنه تجاوز الخطوط الحمر ولم يعد يحتمل التأجيل وبات يُنذر بكوارث غير مسبوقة في تاريخ لبنان، ورأى أن هناك ضرورة للقيام بخطوات عملية على أن تكون مدروسة لوقفه، وأن التذرّع بعدم تشكيل الحكومة لا يفي بالغرض المطلوب، خصوصا أن هدر الوقت سيزيد من التأزّم، لأنه لم يعد أمام أركان الدولة سوى أيام معدودة يجب توظيفها على طريق تهيئة الظروف وإعداد الخطط المطلوبة لمنع الانهيار ووضع البلد على سكة الإنقاذ.
ولفت المصدر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك ضرورة لوجود حكومة فاعلة لمنع الانهيار الاقتصادي والمالي، لكن التأخر في تأليفها سيدفع في اتجاه الانحدار على كافة المستويات، وبالتالي ما العمل؟ وهل يستسلم الجميع للمراوحة ما دام عامل الوقت لن يكون لمصلحة البلد؟
ورأى المصدر نفسه أن المخاوف من الانهيار الاقتصادي والمالي كانت حاضرة في لقاء رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون بناء لرغبة الأخير، وكادت تكون البند الأول على جدول أعمال هذا اللقاء، إضافة إلى بحثهما في الوضع الحكومي تكليفاً وتشكيلاً.
وأكد أنه آن الأوان لوقف مسلسل التكليف والتأليف مع دخول الحكومة المستقيلة في مطلع الأسبوع المقبل أسبوعها الثاني الذي يتزامن مع عقد جلستين للبرلمان الثلاثاء المقبل، الأولى انتخابية لانتخاب أعضاء هيئة مكتبه واللجان النيابية، والثانية تشريعية لإقرار مجموعة من اقتراحات القوانين المتصلة بالورقة الإصلاحية التي تلاها الرئيس الحريري في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء والتي سبقت استقالته.
وهناك من يرجّح - بحسب المصدر نفسه - انطلاق الاستشارات فور انعقاد الهيئة العامة للبرلمان، وإلا فإن التذرّع بعدم وجود نص في الدستور اللبناني يحدد مهلة زمنية لرئيس الجمهورية لإجراء هذه الاستشارات ما هو إلا هروب إلى الأمام، خصوصاً أن هناك من يربط التكليف بالتأليف مع أن لا تلازم بينهما من الوجهة الدستورية.
واعتبر المصدر أن مجرد البحث بتشكيل حكومة تكنو - سياسية لجهة توسيع مشاركة القوى السياسية فيها ستُقابل برفض «الحراك الشعبي» وسيكون مصيرها السقوط قبل أن تمثُل أمام البرلمان لنيل ثقته، ورأى أن تبريد الأجواء والعمل على استيعاب «الحراك الشعبي» ولو على مراحل لن يتحقق بتمثيل الأخير ما لم يتم استبعاد الوجوه النافرة أو الاستفزازية، وإلا فإن مجرد الإبقاء على بعضها يعني أن الحكومة العتيدة وُلدت عرجاء ولن تقوى على وقف الانهيار.
وبصرف النظر عن عودة الحريري على رأس هذه الحكومة أو تفضيله أن يخرج من السباق على رئاستها، فإن رئيس الجمهورية «القوي» لم يتمكن في النصف الأول من ولايته الرئاسية من تحقيق ما وعد به وظلت وعوده الإنقاذية بعيدة المنال، وهذا ما يحتّم عليه إجراء مراجعة نقدية تنسحب أيضاً على رئيس الحكومة والقوى السياسية المشاركة فيها، وإلا ماذا يقول كل هؤلاء للأزمة التي فاجأتهم من جهة ولتصاعد «الانتفاضة الشعبية» التي لم تكن في حسبان معظمهم، وإن كان الحريري تعاطى معها على أنها تعبير عن أزمة سياسية باتت في حاجة إلى حل سياسي لا أمني.
فالحريري لا يتهرّب من تحمّل المسؤولية في هذه الظروف الصعبة كما تقول مصادره، لكن كيف السبيل إلى إنقاذ البلد من دون أن يقر الجميع بلا استثناء بتقديم تنازلات أو تسهيلات تؤمّن ولادة حكومة من طينة جديدة تعمل على محاصرة كرة النار التي أخذت تكبر تدريجياً وتقوم بإخمادها تمهيداً لإنقاذ البلد من الانهيار قبل فوات الأوان.
إلا أن لولادة حكومة «غير شكل» شروطا ومواصفات أولها إسناد وزارات الخدمات إلى اختصاصيين من التكنوقراط من دون تحميلها «ثقالات» سياسية تشدها إلى الوراء، بدلاً من أن تدفعها إلى الأمام ولن تكون هناك صعوبة في تشكيل مثل هذه الحكومة بتوزير عدد من الوزراء السياسيين من غير الوجوه النافرة.
أما أن يُطلب من الحريري بأن يرأس حكومة للآخرين لا تحاكي «الحراك الشعبي» ويراد منه بأن يكون مظلة لمخاطبة المجتمعين العربي والدولي، نظراً للحاجة إليه، فإن مصير مثل هذه الحكومة سيكون مثل سابقاتها.
لذلك، لا يكفي الإجماع على وجود الحريري على رأس الحكومة الجديدة ما لم تُترجم أقوال القوى السياسية الرئيسة إلى أفعال، خصوصاً أنه ليس في وارد تسمية من يخلفه طالما أن مثل هذه الحكومة لن تكون قادرة على التصالح مع «الحراك الشعبي» أو معظمه على الأقل أو التوجّه إلى المجتمع الدولي طلباً لمساعدته لوقف الانهيار.
وإلى أن يبدأ مشوار الاستشارات المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف لتشكيل حكومة إنقاذية فإن لجوء قوى رئيسية إلى كيل المديح للرئيس الحريري لن يقدّم أو يؤخّر ما لم تبادر إلى إعادة النظر بسلوكها السياسي، وصولاً إلى التزامها بسياسة النأي بلبنان عن الحروب المشتعلة في دول الجوار وعدم استخدامه منصة لاستهداف بعض الدول العربية استرضاء لمحور «الممانعة» الذي تتزعّمه إيران.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.