«داعش» يتمدد على الأرض لمواجهة ضربات الطيران الدولي

محافظ الأنبار يحذر من سقوط المحافظة تحت سيطرة التنظيم الإرهابي

«داعش» يتمدد على الأرض لمواجهة ضربات الطيران الدولي
TT

«داعش» يتمدد على الأرض لمواجهة ضربات الطيران الدولي

«داعش» يتمدد على الأرض لمواجهة ضربات الطيران الدولي

في الوقت الذي شنت فيه الطائرات الأسترالية أولى غاراتها الجوية ضد مواقع تابعة لتنظيم «داعش» في العراق، فإن التضارب في الأنباء بشأن تقدم القوات العراقية في الأنبار وصلاح الدين لا يزال سيد الموقف. وبينما يواصل طيران التحالف الدولي شن المزيد من الغارات على مواقع «داعش»، فإن نجاح التنظيم في إسقاط مروحية عراقية بصاروخ «سام» يعد تطورا في ميدان المواجهة بين الطرفين. الأمر تكرر في الموصل، شمال العراق، أمس، عندما أمطر مسلحو «داعش» طائرة عراقية مقاتلة كانت تحلق في سماء المدينة بالنيران، وهو ما بات يعزز فرضية حصولهم على أسلحة دفاع جوي.
وكانت وزارة الدفاع الأسترالية أعلنت أن طائراتها المنتشرة في الشرق الأوسط «هاجمت، الليلة الماضية، أول هدف لها في العراق»، وأوضحت أن «مقاتلة (إف إيه 18 إف سوبر هورنت)» ألقت قنبلتين على منشأة لتنظيم «داعش»، مضيفة أن «كل الطائرات خرجت سالمة من منطقة الهدف وعادت إلى قاعدتها».
في سياق ذلك، أكد الشيخ أركان الكعود، أحد شيوخ هيت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيران العراقي أو الدولي ليس بالمستوى المطلوب لمواجهة ما يقوم به تنظيم (داعش) من تمدد على الأرض في أكثر من مكان في العراق، لا سيما في محافظة الأنبار»، مشيرا إلى أن «المشكلة التي يعيشها المواطنون من سكان هذه المناطق التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي أنهم يواجهون نوعين من الطيران؛ الأول طائرات عراقية كثيرا ما تخطئ أهدافها، فتصيب المدنيين، وطائرات أجنبية تحتاج إلى المزيد من الدقة في تمييز الأهداف، وهو ما يجعلها في الغالب لا تقوم بقصف الأهداف، لأن الدواعش باتوا يملكون المزيد من القدرة على الاختفاء، حتى بين المدنيين».
وأوضح أن «تنظيم (داعش) بات يجبر كثيرا من المواطنين على ترك دورهم، والانتقال بالسكن إلى مناطق أخرى قد لا تكون خارج المنطقة التي يقوم باحتلالها، لأنه يحتاج إلى بعض المنازل لكي يحولها إلى مقرات بديلة له، وكثيرا ما يختارها بدقة».
وكانت مصادر أمنية عراقية أكدت أن قوات الفرقة السابعة العراقية تقوم بالحشد الآن للقيام بمهاجمة تنظيم «داعش» في هيت، يُضاف إلى ذلك تحشدات شرق الفلوجة، في وقت أعلنت فيه قيادة عملية صلاح الدين أن الجيش العراقي يستعد لاقتحام مدينة تكريت، بعد محاصرتها من 3 محاور. وبينما كانت قد تكررت مثل هذه الأنباء في المرات السابقة، فإنه، وطبقا لما كشفه الشيخ حميد الكرطاني أحد شيوخ مدينة الفلوجة، «باستثناء عمليات القصف لمقار تنظيم (داعش)، غرب مدينة الفلوجة، بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون، لا توجد أي ملامح لإمكانية التقدم باتجاه المدينة أو المناطق الأخرى المحيطة بها، التي بات يسيطر عليها تنظيم (داعش)». وأضاف أن «هيت لا تزال محاصرة من قبل (داعش)، الذي تقدم غربا باتجاه كبيسة، بينما القوات العسكرية تتمركز في قاعدة عين الأسد بالبغدادي، حيث يحاول مسلحو (داعش) اقتحامها»، مؤكدا أن «استراتيجية (داعش) هذه تستهدف الحصول على أكبر قدر من الأراضي في محافطة الأنبار، بسبب اتساع مساحتها، وإمكانية لجوء الكثير من مقاتليهم (كخلايا نائمة) في صحارى المحافظة في حال اشتدت الضربات الجوية عليهم».
إلى ذلك، أشاد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بالدور الذي تلعبه العشائر في محافظة الأنبار للتصدي لـ«داعش». وقال الجبوري خلال مؤتمر صحافي عُقد في منزله في المنطقة الخضراء بحضور شيوخ عشائر الأنبار والقادة الأمنيين ونائب محافظ الأنبار جاسم محمد ورئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت، تحت شعار «الملتقى الأول للتضامن مع القادة الميدانيين وشيوخ العشائر في الأنبار لمواجهة (داعش)» إن «عشائرنا تؤدي دورا فعالا ومهما في حسم المواجهة مع تنظيم (داعش)، ولا بد أن يكونوا هم رجال الكتيبة ورجال التحرير وأول المقتحمين»، مبينا أن «قوى الإرهاب راهنت على كسر نمط المعركة، من خلال إلغاء خطوط التماس مع القوات الأمنية، وتحويل المعركة إلى حرب عصابات يتراجع فيه دور السلاح الثقيل، وينشط دور المقاتل والبندقية».
وشدد الجبوري على «ضرورة الانضباط في قيم المعركة، من خلال تجنب المدنيين العزل»، مبينا أن «ذلك سيكلفنا المزيد من الوقت والجهد والمال والدماء، ولكننا في النهاية سنجني النصر».
وأكد أن «التحالف الدولي يؤدي مهمة احترازية لمنع تمدد الإرهاب إلى مساحة أوسع»، مطالبا التحالف الدولي بـ«الوقوف ضد كل أشكال الإرهاب، وعلى كل المساحة والمعمورة».
من جانبه، قال نائب محافظ الأنبار جاسم محمد عسل خلال المؤتمر، إن «الأنبار ما زالت صامدة، وأبناؤها قدموا تضحيات، ومن ضمنهم محافظ الأنبار أحمد الدليمي»، مبينا أن «هذه التضحيات يجب أن لا تذهب سدى»، مؤكدا «تراجع الوضع الأمني في الأنبار خلال الأسابيع الأخيرة، وإذا لم يجرِ إنقاذها، فستسقط المحافظة»، مطالبا بتقديم «الدعم الجوي والتسليح وفتح خطوط الإمداد والتمويل وتسليح الشرطة بأسلحة نوعية ودعم العشائر، من أجل بسط الأمن والاستقرار تمهيدا لاستقرار العراق، لأن الأنبار تشكل ثلث مساحة العراق».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.