اللبنانيات يخضن «ثورتهن» الخاصة للحصول على حقوقهن (صور)

حضور المرأة اللبنانية كان لافتاً في المظاهرات (أ.ف.ب)
حضور المرأة اللبنانية كان لافتاً في المظاهرات (أ.ف.ب)
TT

اللبنانيات يخضن «ثورتهن» الخاصة للحصول على حقوقهن (صور)

حضور المرأة اللبنانية كان لافتاً في المظاهرات (أ.ف.ب)
حضور المرأة اللبنانية كان لافتاً في المظاهرات (أ.ف.ب)

في شوارع بيروت، استقطبت النساء اهتمام وسائل الإعلام، وهن يرقصن، أو يهتفن، أو يساهمن في تنظيم التجمعات، لكن بعيداً عن المشاركة تحت شعار «الثورة» على الطبقة السياسية، كان لنساء لبنان مطالبهن الخاصة بحقوق ما زلن محرومات منها.
وتدافع اللبنانيات منذ سنوات عن حقهن في منح الجنسية لأولادهن؛ إذ لا يحق للبنانية إعطاء جنسيتها لأولادها إذا تزوجت من أجنبي، ويطالبن بإقرار قانون مدني موحد للأحوال الشخصية وبقوانين تحميهن من العنف الأسري وأخرى تسهل حصولهن على حضانة أولادهن في حال الطلاق.

وقالت سحر (41 عاماً)، خلال مشاركتها، الأحد، في مسيرة نسوية من المتحف الوطني إلى ساحة الشهداء وسط العاصمة تحت شعار «ثورتنا ثورة نسوية»، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن كنساء نتعرض للظلم مرتين، بالإضافة إلى كل الظلم الذي نتعرض له كشعب، توجد كمية من القوانين المجحفة بحقنا كنساء، من الأحوال الشخصية الطائفية إلى العنف الأسري وقانون الجنسية وغيرها».
على وقع قرع الطبول وترداد أغنية «طالعة تسقّط النظام»، رفعت المشاركات في المسيرة لافتات كتب عليها «الثورة أنثى» و«لن ننتظر الثورة حتى تنتهي لكي نطالب بحقوقنا، نحن الثورة».
ومنذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، اجتاح اللبنانيون الشوارع في بيروت والمناطق كافة احتجاجاً على فساد الطبقة السياسية الموجودة في الحكم منذ عقود والتي عجزت عن حل أبسط المشاكل المعيشية.

وتشارك النساء بشكل واسع في المظاهرات، يطلقن الهتافات، ينظمن التجمعات، يقدن الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويطالبن بحل مشاكل البطالة، والكهرباء، ووقف هجرة الشباب، و«استرجاع الأموال المنهوبة» وغيرها، لكن أيضاً بحل مشاكلهن المزمنة.
ويرى نشطاء أن افتقار النساء في لبنان، الذي يُنظر إليه على أنه الأكثر انفتاحاً بين دول المنطقة، لحقوق كثيرة يعود خصوصاً إلى أن قانون الأحوال الشخصية المعتمد هو قانون ديني.
وتوضح زويا جريديني روحانا، مديرة منظمة «كفى عنفاً واستغلالاً» غير الحكومية الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يوجد قانون موحد للأحوال الشخصية، بل قوانين مختلفة تابعة لمحاكم شرعية ومذهبية وروحية لخمس عشرة طائفة مختلفة في لبنان».
وتوضح أن «هذه القوانين تميز ضد النساء خصوصاً فيما يتعلق بالزواج والحضانة والوصاية على الأولاد»، التي تعطي فيها معظم الأديان الأولوية للأب.
ويختلف مثلاً سن حضانة الأم للأطفال في حال طلاقها من الأب، بين مذهب وآخر، فهو مثلاً عند الروم الأرثوذكس 14 سنة للذكر و15 سنة للأنثى، بينما عند الكاثوليك سن الحضانة هو سنّ الرضاعة أي سنتين، ثم تقرر المحكمة بحب مصلحة الطفل.
وتتفاوت كذلك أعمار حضانة الأم للطفل بين المذهبين السني والشيعي، فهو 12 سنة لكلا الجنسين عند السنة، وسنتان للذكر، وسبع سنوات للأنثى عند الشيعة.
وينسحب ذلك على الميراث وعلى السن الأدنى للزواج المسموح به قانونياً، ما يفتح الباب أمام زواج القاصرات دون سن الـ18 عند المذاهب الإسلامية خصوصاً.
والشكوى من هذا الواقع كانت أحد الأسباب التي دفعت الكثير من المتظاهرين في بيروت وغيرها من المناطق إلى إطلاق شعار إسقاط النظام الطائفي.
ورفعت ربى (33 عاماً) لدى مشاركتها في المسيرة صورة لنادين جوني التي توفيت الشهر الماضي في حادث سير دون أن تفوز، بمعركة خاضتها لسنوات للحصول على حضانة ابنها الذي حرمت منه بعد طلاقها بقرار من المحكمة الجعفرية التابعة للطائفة الشيعية.
وقالت ربى، وهي محامية: «قضايا النساء هي جزء من الثورة، وأي ثورة لا تعالج قضايا النساء هي ثورة ناقصة».

وتصاعد الحراك النسوي في لبنان خلال العقد الأخير تزامناً مع تزايد التغطية الإعلامية في البلاد لقضايا العنف الأسري وجرائم قتل نساء على أيدي ازواجهن.
ففي 2014، هزت قضية منال عاصي التي فارقت الحياة نتيجة تعنيف شديد تعرضت له على يد زوجها، الرأي العام، وأعادت قضيتها الجدل بشأن المحاسبة على جرائم العنف الأسري.
وحكم على زوجها بداية بحكم مخفف بخمس سنوات، لكن بعد نقض الحكم رفعت العقوبة إلى السجن 18 عاماً مع الأشغال الشاقة.
وأقر في 2014 قانون خاص بالعنف الأسري تضمن ثغرات كثيرة، وفق مدافعين عن حقوق الإنسان، علماً بأنه القانون الأول في لبنان بهذا الصدد.
وأكدت جمعية «كفى»، أن هناك 37 حالة قتل للنساء في إطار العنف الأسري منذ 2018 حتى الآن، بناءً على المعطيات المتوفرة لدى الجمعية.
وتشير منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن هذا القانون لم يعالج «مواضيع محورية» كثيرة تكفل حماية النساء، خصوصاً فيما يتعلق بتجريم جوانب أخرى للعنف الأسري، كالاغتصاب الزوجي والتعنيف الاقتصادي والنفسي، وليس فقط العنف الجسدي.
وترى تاليا (21 عاماً)، وهي طالبة حقوق في الجامعة اليسوعية على هامش مشاركتها في الحراك الشعبي، أن «قانون أحوال شخصية مدني» من شأنه «تحرير المرأة من كل معاناتها إن من العنف الأسري أو العنف المبني على التمييز الجندري».
في المظاهرات التي شهدتها مناطق مختلفة في البلاد، كان في الإمكان رؤية لافتات كثيرة خاصة بمطالب النساء مثل «ما فيي إحمل جنسية إمي، بس فيي دافع عن ثورتها»، حملتها فتاة من الواضح أنها من أم لبنانية وأب أجنبي.
وتقول الطالبة الجامعية ريم (24 عاماً) إنها تنزل يومياً إلى ساحات التظاهر، وتضيف: «أنا أشارك من اليوم الأول لأكثر من سبب، بالإضافة إلى القضايا المعيشية من الكهرباء والمياه والطبابة، بالنسبة لي الأهم هو إسقاط النظام الفاسد بأكمله، أنا كشابة لبنانية أطالب بنظام مدني خصوصاً وإلغاء المحاكم الدينية التي لا تحفظ حقوق النساء».
وفي مسيرة مطالبة بحقوق المرأة في وسط بيروت، مساء الأربعاء، قرع آلاف المشاركين على الطناجر على مدى أكثر من ساعة من الوقت لإحداث ضجيج بغية إسماع صوتهم بشكل سلمي، مردّدين شعار «يا سلطة أبوية حق المرأة مش تفصيل».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».