البنك الدولي يحذر: الفقر سيزيد 50% مع النمو السلبي للاقتصاد

دعا إلى معالجة سياسية سريعة وطالب بتدابير لضمان الاستقرار المالي في لبنان

الرئيس ميشال عون مستقبلاً المدير الاقليمي للبنك الدولي والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً المدير الاقليمي للبنك الدولي والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)
TT

البنك الدولي يحذر: الفقر سيزيد 50% مع النمو السلبي للاقتصاد

الرئيس ميشال عون مستقبلاً المدير الاقليمي للبنك الدولي والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً المدير الاقليمي للبنك الدولي والوفد المرافق (دالاتي ونهرا)

تسارعت التحذيرات والتقارير الدولية التي تنبه لبنان من مخاطر الدخول في مرحلة عدم الاستقرار المالي والاقتصادي، وما سترتبه من نتائج سلبية لجهة التدني الإضافي في درجة التصنيف السيادي الضعيف أصلاً، أو دخول الاقتصاد في دوامة انكماش سلبي يلقي بتداعيات اجتماعية ومعيشية، يمكن أن تزيد بشكل حاد معدلات الفقر والبطالة.
وبعد إقدام صندوق النقد الدولي على خفض توقعات النمو للاقتصاد اللبناني إلى 0.2 في المائة هذا العام، ومسارعة مؤسسة «موديز» إلى خفض تصنيف الديون الحكومية إلى الدرجة الثانية ضمن المرتبة «سي»، برز أمس تصريح لافت للمدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار، وفيه «أن لبنان الآن ليس لديه الرفاهية لإضاعة الوقت لمعالجة القضايا الملحة التي تستدعي الاهتمام الفوري».
وقال كومار بعد اجتماع لوفد البنك الدولي مع رئيس الجمهورية ميشال عون: «التقيت الرئيس للتأكيد على ضرورة اتخاذ تدابير سريعة ومحددة لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي في لبنان. تحظى المعالجة السياسية بقدر كبير من الاهتمام، لكن المخاطر الأشد تكمن على الصعيد الاقتصادي. ومع مرور كل يوم، يصبح الموقف أكثر حدة وهذا من شأنه أن يجعل التعافي صعباً للغاية».
وقال «إن البنك الدولي كان قد توقع سابقاً انكماشاً صغيراً في 2019. أما الآن، فنتوقع أن يكون الركود أكثر أهمية بسبب الضغوط الاقتصادية والمالية المتزايدة. وتؤدي قيود ميزان المدفوعات إلى ظروف قاسية للشركات والعمال. لقد أدى انخفاض الثقة في الاقتصاد إلى ارتفاع في دولرة الودائع، الذي بات يفرض أعباء هائلة على ميزانيات البنوك والمصرف المركزي».
ونبه كومار إلى احتمال ارتفاع نسبة الفقر في لبنان إلى 50 في المائة إذا تفاقم الوضع الاقتصادي سوءاً. وكذلك ارتفاع معدل البطالة بشكل حاد، خصوصاً بين الشباب. مشيراً إلى أن البنك الدولي كان قد أصدر تقديرات عدد اللبنانيين الفقراء إلى الثلث (نحو 33 في المائة) عام 2018، في حين كانت النسبة تبلغ 27.4 في المائة في 2012. والآتي يمكن أن يكون أسوأ إن لم تتم المعالجة فوراً».
وصارح المسؤول الدولي رئيس الجمهورية بأن «التجارب الدولية تظهر لنا أن الطبقتين الفقيرة والوسطى سوف تكونان الأكثر تضرراً في مثل هذه الأزمات الاقتصادية، وهنا يجب أن تتدخل الحكومة الجديدة لحماية هؤلاء الناس من الآثار السلبية للإصلاحات. هناك حاجة ملحّة إلى وقف الأزمة الاقتصادية الناشئة واستعادة الثقة في الاقتصاد».
وأوضح «أن الخطوة الأكثر إلحاحاً هي تشكيل حكومة سريعاً تنسجم مع تطلعات جميع اللبنانيين. إلا أن تلك هي الخطوة الأولى فقط». ومؤكداً «الأهم من ذلك هو التركيز على عوامل الاستقرار والنمو من خلال اتخاذ إجراءات محدّدة زمنياً لمعالجة أي اختلالات خارجية، وتحسين فرص النمو من خلال الاستثمارات وخلق فرص العمل، والتصدي للتفاوتات الاجتماعية، ومكافحة الفساد وضمان حكومة شفافة وخاضعة للمساءلة».
ووضع الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور نسيب غبريل تصريحات المسؤول في البنك الدولي في الخانة الإيجابية، لجهة استمرار وقوف البنك الدولي إلى جانب لبنان واستعداده للاستمرار بتمويل المشاريع في البلاد. وهو يحث على ضرورة تأليف حكومة جديدة تتولى معالجة الوضع الاقتصادي، وبالأخص ما يرتبط بالجانب المعيشي الذي حرك الاحتجاجات منذ ثلاثة أسابيع.
وأوضح: «أن الإيجابية تكمن في حث المسؤولين اللبنانيين على تسريع انطلاقة الحكومة الجديدة والسعي للاستجابة إلى المطالب المشروعة التي رفعتها التحركات الشعبية. وبذلك تصبح الأولوية لمعالجة الشؤون الحياتية والمعيشية والاقتصادية والمالية الملحة. وهذا ما يتلاقى مع طلبات المواطنين والقطاع الخاص المحلي الذين يتطلعون إلى رفع مستوى الشفافية في القطاع العام والحوكمة ومكافحة التهريب والتهرب الضريبي والجمركي والفساد والحد من التسيب في استغلال الأملاك العامة البحرية والنهرية».
من جهته، لاحظ المصرفي الاستثماري فوزي فرح، أن قلق المؤسسات الدولية وتحذيرها من تفاقم الصعوبات المالية والدولية مشروع وقائم سنداً إلى وقائع موضوعية، مشدداً على أن من الضروري التعامل مع هذه التنبيهات بجدية من خلال تسريع الخطوات الدستورية للتكليف والتأليف، وبما يضمن انطلاق حكومة جديدة تأخذ على عاتقها، وبدعم سياسي واسع، وطمأنة المجتمع المحلي والمجتمع الدولي إلى توجهاتها في معالجة الأزمة المالية العامة والشروع في تنفيذ بنود الورقة الإصلاحية التي أقرتها حكومة تصريف الأعمال وتعزيزها بالمطالب المشروعة للتحركات الشعبية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.