صندوق النقد يخفض توقعاته لاقتصاد منطقة اليورو المهدد بالانكماش

بؤرة إيجابية من مبيعات التجزئة... ومخاوف حول صناعة التمويل

منظر جوي للحاويات في محطة تحميل في ميناء هامبورغ بألمانيا (رويترز)
منظر جوي للحاويات في محطة تحميل في ميناء هامبورغ بألمانيا (رويترز)
TT

صندوق النقد يخفض توقعاته لاقتصاد منطقة اليورو المهدد بالانكماش

منظر جوي للحاويات في محطة تحميل في ميناء هامبورغ بألمانيا (رويترز)
منظر جوي للحاويات في محطة تحميل في ميناء هامبورغ بألمانيا (رويترز)

قال صندوق النقد الدولي أمس (الأربعاء)، إن اقتصاد منطقة اليورو يتجه صوب التباطؤ بأكثر من المتوقع، مع امتداد أزمة قطاع الصناعات التحويلية إلى قطاع الخدمات الأوسع نطاقاً وسط استمرار توترات التجارة العالمية.
وأضاف الصندوق أن اقتصاد منطقة اليورو، التي تتكون من 19 دولة، سينمو 1.2% هذا العام، ليعدل بالخفض تقديرات سابقة له من أبريل (نيسان) بنمو قدره 1.3%، وهذا تباطؤ كبير مقارنةً مع النمو الذي تحقق العام الماضي وبلغ 1.9%. وتابع الصندوق أن اقتصاد المنطقة سينمو 1.4% في 2020 و2021، مخفضاً تقديرات سابقة بنمو قدره 1.5% لكل من العامين.
وعزا صندوق النقد الدولي التباطؤ في معظمه إلى النمو الضعيف في ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، والركود في إيطاليا، ثالث أكبر اقتصاد في المنطقة، ليعدل بالخفض تقديراته لكلتا الدولتين. ومن المتوقع الآن أن ينمو اقتصاد ألمانيا 0.5% فقط هذا العام، ليتباطأ عن 0.8% في تقديرات سابقة للصندوق في أبريل.
وخفض الصندوق أيضاً توقعاته للنمو في فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، رغم تحسن تقديرات الناتج مقارنةً مع التوقعات للربع الثالث التي نُشرت الأسبوع الماضي. ومن المتوقع الآن أن ينمو اقتصاد فرنسا 1.2% هذا العام، بدلاً من 1.3% في تقديرات سابقة.
وجاءت توقعات الصندوق المتشائمة بينما نمت أنشطة الشركات في منطقة اليورو على نحو أسرع قليلاً من التوقعات الشهر الماضي، لكنها ظلت قريبة من الركود، وذلك حسب مسح تُنْبئ مؤشراته في النظرة المستقبلية بأن النمو الضئيل قد يتبدد.
ويأتي المسح المنشور، أمس، الذي يُظهر نظرة تشاؤمية لشركات القطاع الخاص بعد وقت قصير من تجديد البنك المركزي الأوروبي برنامجه لشراء سندات بقيمة 2.6 تريليون يورو في مسعى لتحفيز التضخم والنمو.
وارتفعت القراءة النهائية لمؤشر «آي إتش إس ماركت» المجمع لمديري المشتريات بمنطقة اليورو، الذي يعد مقياساً جيداً لمتانة الاقتصاد، إلى 50.6 نقطة من أدنى مستوياته في أكثر من ست سنوات عند 50.1 نقطة في سبتمبر (أيلول)، وأعلى من تقدير أوّلي عند 50.2 نقطة.
لكن المؤشر ظل قرب مستوى الخمسين الفاصل بين النمو والانكماش. وقال كريس ويليامسون كبير الاقتصاديين لدى «آي إتش إس ماركت»: «ظلت منطقة اليورو قريبة من الركود في أكتوبر (تشرين الأول)، إذ يشير تراجع حجز الطلبيات إلى أن المخاطر في الوقت الراهن تميل نحو الانكماش في الربع الرابع».
ومما يبرهن على المعنويات التشاؤمية لدى مديري المشتريات، نزل مؤشر توقعات أنشطة الخدمات إلى 57.4 نقطة من 58.6 نقطة. ولم يتراجع المؤشر منذ خمس سنوات سوى مرة واحدة في أغسطس (آب) الماضي.
وربما كانت البؤرة الإيجابية الوحيدة أمس، حين أظهرت بيانات من مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) تسارع مبيعات التجزئة في منطقة اليورو أكثر مما هو متوقع في سبتمبر على أساس سنوي.
وقال المكتب إن مبيعات التجزئة في منطقة اليورو ارتفعت 0.1% على أساس شهري لتحقق مكسباً سنوياً 3.1%، ارتفاعاً من 2.7% في أغسطس. وتوقع خبراء اقتصاديون في استطلاع لـ«رويترز» الزيادة الشهرية ذاتها وزيادة سنوية 2.5% فقط.
ومبيعات التجزئة مؤشر للطلب المحلي، الذي يتلقى الدعم من تراجع معدل البطالة لأقل مستوى في 11 عاماً ونمو تدريجي للأجور. وقال مكتب الإحصاءات إنه على أساس شهري، انخفضت مبيعات التجزئة للأغذية والمشروبات والتبغ 0.4% بينما زادت للمنتجات غير الغذائية 0.1%. وعلى أساس سنوي، ارتفعت مبيعات التجزئة للأغذية 1.3%، وللمنتجات غير الغذائية 4.6% مقارنةً مع 4.2% في الشهر السابق.
وفي غضون ذلك، حذّر الرئيس التنفيذي لمصرف «دويتشه بنك» الألماني كارل فون رور، أمس، من أن صناعة التمويل في أوروبا تشهد تراجعاً في تأثيرها على المستوى العالمي بشكل كبير، حيث إن معدلات الفائدة التي تمثل السلاح الرئيسي لتعزيز اقتصاديات القارة تزيد الأمور سوءاً.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن فون رور قوله في مؤتمر مستقبل التمويل التي تنظمه في مدينة فرانكفورت الألمانية، إن البنوك وشركات التأمين في المنطقة «فقدت مساحات كبيرة من أرضيتها»، حيث لا تزال مؤسسة واحدة فقط منها مصنَّفة ضمن كبرى المؤسسات الـ20 عالمياً، وفقاً للقيمة السوقية، مقارنةً بـ6 مؤسسات قبل الأزمة المالية.
وقال فون رور في تصريحات، إن «أكبر تحدٍّ يواجه صناعة التمويل الأوروبية هي البيئة المتعلقة بمعدل الفائدة المنخفض هيكلياً، وبشكل مستمر. معدلات الفائدة السلبية عبء على النظام المالي، حيث إنها تقلب اليقين المستمر منذ فترة طويلة، رأساً على عقب».
وتضيف تلك التصريحات إلى مجموعة متزايدة من النقاد الذين يحذّرون من تداعيات ناجمة عن سنوات من خفض معدلات الفائدة، وإلى فائدة سلبية في حالة أوروبا.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».