«سوء تقدير» يكبّد «سوفت بنك» خسائر بـ 8.9 مليار دولار

«سوء تقدير» يكبّد «سوفت بنك» خسائر بـ 8.9 مليار دولار
TT

«سوء تقدير» يكبّد «سوفت بنك» خسائر بـ 8.9 مليار دولار

«سوء تقدير» يكبّد «سوفت بنك» خسائر بـ 8.9 مليار دولار

سجلت مجموعة «سوفت بنك» اليابانية أول خسارة فصلية لها في 14 عاماً، الأربعاء، متأثرة بخسائر بلغت 8.9 مليار دولار في صندوقها العملاق «رؤية»، وهو ما يشكل لحظة نادرة وحرجة لرئيسها التنفيذي ماسايوشي سون، بسبب دعمه لشركة «وي ورك» الناشئة المتعثرة، والذي اعترف بأنها «ربما تكون أكبر خسائر فصلية في تاريخ الشركة».
ويظهر حجم الخسائر مخاطر استراتيجية سون في الاستثمار في الشركات الناشئة التي تستنفد السيولة النقدية سريعاً لتمويل نموها، في الوقت الذي يسعى فيه لجمع تمويل لصندوق استثمار ضخم ثانٍ.
ويثير الإخفاق الكبير لشركة «وي ورك» هذا العام أيضاً تساؤلات حول قدرة سون على تقييم الأمور، بعد دعمه لمؤسسي شركات تكنولوجيا غير تقليدية، مثل آدم نيومان، مؤسس «وي ورك». واضطرت مجموعة «سوفت بنك» العام الماضي لإنفاق ما يزيد عن عشرة مليارات دولار لإنقاذ «وي ورك» الناشئة، بعد فشل محاولتها إجراء طرح عام أولي.
وقال سون الرئيس والرئيس التنفيذي لـ«سوفت بنك»، في مؤتمر صحافي: «نتائجنا هذه المرة مروعة. ربما تكون هذه أكبر خسائر فصلية في تاريخ شركتنا. إننا محاصرون في عاصفة ضخمة».
وقال سون (62 عاماً)، إن تقييمه لـ«وي ورك»: «لم يكن صحيحاً» في كثير من الجوانب، وإنه غض الطرف عن مشكلات مع نيومان في أمور مثل قواعد حوكمة الشركات. وقال: «اتخذت قراراً سيئاً بشأن الاستثمار في (وي ورك)، وبالغت في تقدير آدم نيومان». واستقال نيومان من منصبه أواخر سبتمبر (أيلول) عندما قررت «سوفت بنك» التدخل لإنقاذ الشركة من الإفلاس. وقال سون: «أتعرض لانتقادات شديدة داخل الشركة هذه الأيام. أفكر بعمق وبشكل متكرر في القرار؛ لكني لا أخشى على الإطلاق».
ومع ذلك فإن سون لا يزال يعتقد بأن «وي ورك» تشكل نشاط أعمال قوياً، وأن أرباحها ستتعافى بقوة في نهاية المطاف. وقررت «سوفت بنك»، التي استثمرت بالفعل أكثر من عشرة مليارات دولار في «وي ورك»، الشهر الماضي، تقديم حزمة إنقاذ بقيمة 9.5 مليار دولار للشركة، بما يتيح للمجموعة اليابانية امتلاك نحو 80 في المائة من الشركة التي يقع مقرها بالولايات المتحدة. وتأسست الشركة عام 2010، ولديها أكثر من 500 مساحة لمشاركة العمل في نحو 30 دولة.
وقالت مجموعة «سوفت بنك» إن صندوق «رؤية» التابع لها البالغ حجمه 100 مليار دولار، ساهم بخسارة تشغيلية بلغت 970 مليار ين (8.9 مليار دولار) خلال الربع الثالث، إضافة إلى خسارة غير محققة بلغت 537.9 مليار ين في ستة أشهر، في ظل نزول قيمة استثماراته في قطاع التكنولوجيا، مثل «وي ورك» و«أوبر».
وتكبدت مجموعة الاستثمار اليابانية العملاقة خسائر تشغيلية بقيمة 704 مليارات ين (6.5 مليار دولار) في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر، مقابل أرباح تشغيلية بلغت 706 مليارات ين في الفترة نفسها من العام الماضي.
وتأتي الخسارة مقارنة مع متوسط تقديرات محللين بتسجيل خسائر تشغيلية قدرها 48 مليار ين، بحسب بيانات «رفينيتيف».
استثمر صندوق «رؤية»، الذي يديره راجيف ميسرا، المصرفي السابق بـ«دويتشه بنك»، 70.7 مليار دولار في 88 شركة بنهاية سبتمبر. وقال إن قيمة تلك الاستثمارات الآن 77.6 مليار دولار باستثناء التخارجات. وهبطت قيمة معظم الاستثمارات المدرجة للصندوق، بما في ذلك «أوبر» و«سلاك تكنولوجيز» و«غواردانت هيلث»، على مدى الربع.
لكن أنشطة «سوفت بنك» الاستثمارية تعززت بفعل ركائز أخرى في إمبراطورية سون، من بينها «سوفت بنك كورب» المحلية، التي سجلت الثلاثاء زيادة تسعة في المائة في أرباح التشغيل للربع الثاني متجاوزة التقديرات، بفضل مكاسب أنشطتها في مجال الهاتف المحمول.



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.