«مستقبل الأزياء»... فرص كبيرة لنجاح صناعة «الموضة» السعودية ونقلها إلى العالمية

خبراء أكدوا القدرة على المنافسة لكثرة المبتكرين

جانب من المعروضات في جناح مستقبل الأزياء (مستقبل الأزياء)
جانب من المعروضات في جناح مستقبل الأزياء (مستقبل الأزياء)
TT

«مستقبل الأزياء»... فرص كبيرة لنجاح صناعة «الموضة» السعودية ونقلها إلى العالمية

جانب من المعروضات في جناح مستقبل الأزياء (مستقبل الأزياء)
جانب من المعروضات في جناح مستقبل الأزياء (مستقبل الأزياء)

أكد خبراء عالميون في مجال الأزياء خلال جلسات اليوم الثاني من فعالية «مستقبل الأزياء» بالرياض أمس، وجود فرص كبيرة لنجاح صناعة الأزياء السعودية ونقلها إلى عالم الموضة العالمية، نظراً لكثرة المبتكرين السعوديين في هذا المجال والرعاية التي توفرها وزارة الثقافة لهذه المهنة.
وسلّط المتحدثون الضوء على نجاح صناعة الأزياء في السعودية، وربطها بمدى تعاون العقول الإبداعية للمواهب المحلية، في ظل الإمكانات الكبيرة كمفتاح لمستقبل هذه الصناعة.
وشددت الأميرة ريما بنت بندر السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة على أهمية عمل المصممين والمصممات السعوديين. وقالت: «كل ما يجري اليوم يدور حولكم، فوزارة الثقافة والجميع موجودون لمساعدتكم، لتقولوا لنا، من أنتم؟، انضموا إلى رحلتنا، تعلموا من ضيوفنا، وكونوا المستقبل الواعد لهذا البلد».
وناقش كريستوف بوفيز المدير الإبداعي لـ«لومار» فرص الإلهام التي يمكن للمصممين العمل عليها من التفاصيل الدقيقة التي تتميّز بها الملابس السعودية التقليدية. في حين نوّه وليد دميرجي المؤسس والمدير الإبداعي لـ«ByWalid» وناتساي أودري تشييزا من مؤسسة Faber Futures، إلى أهمية الاستدامة في عالم الأزياء. وقال دميرجي: «ما لا يريده الآخرون قد يكون كنزاً لشخص آخر».
وخلال جلسة «حديث التنمية»، تطرق المتحدثون إلى السمات الأساسية التي على المصممين التحلّي بها لنيل الثقة والتقدير على المستوى العالمي، منها الإبداع في التصميم والموثوقية والجودة المتسقة في التصنيع، إلى جانب تطوير العلامات التجارية السعودية من المحلية للعالمية.
وشدد Giles Deacon المؤسس والمدير الإبداعي لـGiles في جلسة «أهمية بناء العلاقات والشراكات في عالم الأزياء»، على أهمية رسم المصممين الشباب قصصهم وقواعدهم الخاصة، واكتشاف الأفضل بالنسبة لهم والعمل مع قيمهم.
المصممة العالمية، حليمة عدن، عارضة الأزياء العالمية نصحت المواهب المحلية بالعمل الإبداعي. وقالت: «افعلوا كل ما عليكم القيام به للنجاح، أحدثوا فرقاً، اتركوا بصمتكم، والأهم من ذلك، لا تفقدوا الأمل. افعل كل ما عليك القيام به لتسمع صوتك، تحدث فرقاً. اترك بصمتك، والأهم من ذلك لا تخسر أبداً».
واعتبرت أن «الموضة مجتمع يتكون من أشخاص يرون قيمة في الاختلافات، ولا يخافون من المجهول، وبالتالي لا تغيّر نفسك، غيّر اللعبة».
وتحدث كارلين سيرف دي دودزيلي، أحد أشهر المؤثرين في عالم الأزياء، عن كيفية «المشي مع الغرائز» والتقاط الإلهام من خلال اكتشاف «الحياة في الموضة».
إلى ذلك، قالت الأميرة نورة الفيصل مؤسسة «مجوهرات نورة» لـ«الشرق الأوسط»: «نملك ما يمكننا من تطوير العلامات التجارية السعودية من المحلية إلى العالمية».
وأضافت أن فعالية «مستقبل الأزياء» وفّرت منصة ثرية بالنقاشات والجلسات الثرية للإفادة والاستفادة من الخبرات العالمية والتقائها مع التجارب والمهارات السعودية، ما سيوفر فرصة لتبادل الخبرات ونقلها بشكل علمي وعملي ينعكس على هذه الصناعة.
وقالت الفيصل: «عدد كبير من المحترفين والمحترفات في مجال تصميم الأزياء والمجوهرات خارج السعودية، معروفون عالمياً، والآن جاءت الفرصة للعودة إلى السعودية، لتنمية هذه الصناعة والوصول بها إلى آفاق أرحب، وامتلاك ماركات عالمية تتوفر داخلياً وخارجياً».
وأكدت القدرة على تحقيق تنافسية عالمية في ظل وجود عدد كبير من المبتكرين السعوديين في هذا المجال. وتابعت: «لدينا من الأفكار والتصاميم ما يؤهلنا للعالمية بامتياز، فقط كنا نفتقد المعامل والمشاغل أي البنية التحتية لهذه الصناعة، والآن الفرص كبيرة لوجود مصانع مفتوحة للمصممين من الشباب السعودي من الجنسين، وفتح أكاديميات وكليات للتدريس، تساعدهم على ذلك».
في حين أكد المصمم العالمي كريستوف بيني لـ«الشرق الأوسط» أن ما رآه وعايشه في فعالية «مستقبل الأزياء» يدعو إلى التفاؤل الكبير بمستقبل هذه الصناعة والخروج بها للعالمية باقتدار، في ظل مواهب ومهارات وعزيمة سعودية. وقال: «من المؤكد أن السعودية تصنع الآن تحولاً كبيراً وفارقاً مميزاً في المجال، فمن خلال الفعالية عرضنا التحديات ووقفنا على واقع الأمر في المملكة، ووجدنا الكثير من المشتركات والإرادة الكافية للقفز بهذه الصناعة إلى آفاق أرحب، وأتوقع أن تشهد السنوات المقبلة غزواً للأزياء السعودية إلى الأسواق العالمية بقوة وبثقة، وستجد من يحبها ويقتنيها».
وأعربت المصممة السعودية هنيدة صيرفي عن سعادتها بالفعالية التي تطلق المصممات السعوديات إلى آفاق أرحب تتجاوز المحلية إلى العالمية. وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أهمية التوجه لدعم المصممين والمصممات السعوديين حتى يتأهلوا لامتلاك علامات تجارية عالمية، وإبراز الثقافة السعودية في الخارج من خلال فتح الباب واسعاً لتصدير التصاميم السعودية.
وأضافت: «نستطيع القول إنه لم يعد الولوج إلى العالمية في مجال الأزياء حلما بل أصبح حقيقة، وهناك مواهب أصحاب مهارات عالية من الجنسين، يمكنهم تقديم الأجمل في الأسواق التنافسية بمعايير عالمية، فالطريق أصبح ممهداً في ظل تبني وزارة الثقافة كياناً معنياً بهذا المجال».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».