جسر الجمهورية في بغداد... «الخط الأمامي للثورة»

المرابطون عليه وتحته يؤكدون أنهم يحمون حشود ساحة التحرير

TT

جسر الجمهورية في بغداد... «الخط الأمامي للثورة»

يحكي عليّ أنه شاهد بعينيه أكثر من 50 شخصاً يسقطون قتلى أمامه منذ بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق الشهر الماضي. وقال علي، وهو في أوائل العشرينات من العمر، ومن حي مدينة الصدر، أحد الأحياء الفقيرة في بغداد، «تعودنا على الموت بسرعة».
اتكأ علي على كومة من البطاطين القذرة على ضفة نهر دجلة تحت جسر الجمهورية، وراح يروي قصص زملائه القتلى. وعلى مدى الأيام العشرة الماضية أقام مئات الشباب والصبية، بعضهم صغار في الثانية عشرة من العمر، خياماً على الجسر وتحته. وهم يسمون أنفسهم «الخط الأمامي للثورة» ويرتدون خوذات مما يرتديها عمال البناء، ويضعون أقنعة واقية من الغاز على وجوههم، ويرددون هتافات تطالب بإسقاط الحكومة.
وقد شهد الجسر المؤدي من الساحة إلى المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد، حيث مباني الحكومة والسفارات الأجنبية، اشتباكات عنيفة بين المحتجين والقوات الأمنية. وأقام المحتجون المسلحون بالمقاليع متاريس من الألواح الحديدية والكتل الخرسانية. واستخدمت القوى الأمنية الطلقات المطاطية والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، وقتلت العشرات على جسري الجمهورية والسنك المتجاورين. وتجمد الحال على هذا الوضع المتوتر بين الجانبين. وقال علي بينما كانت قوات الأمن تطلق عدداً من عبوات الغاز المسيل للدموع «نرميهم بالحجر ويردون بقتلنا».
وأقامت مجموعة من العاملين في المجال الطبي المتطوعين مخيماً للمساعدة في علاج الجرحى. ويقول أفراد المجموعة إن الغاز المستخدم الذي انتهت صلاحيته يسبب الاختناق للناس. وشاهدت وكالة «رويترز» عبوات مدون عليها انتهاء الصلاحية في 2014.
وأصيب شاب حافي القدمين يرتدي قميصاً قذراً بلا أكمام وسروالاً بالإغماء بعد اختناقه بالغاز. وشُوهد المسعفون وهم يحملونه هابطين من الجسر ويضعونه في عربة «توك توك» لنقله إلى مستشفى قريب.
وتحيط بعلي مجموعة مترابطة من عشرة أفراد يخيمون تحت الجسر منذ 24 أكتوبر (تشرين الأول). وتتقد المجموعة حماساً بفعل ما أريق من دماء. كثيرون منهم خرجوا من أفقر أحياء بغداد، حيث يعملون سائقي «توك توك» أو عمالاً باليومية. ورغم ثروة العراق النفطية، يعيش عدد كبير من أفراد الشعب في فقر، ولا تتوفر لهم المياه النقية والكهرباء والرعاية الصحية أو التعليم إلا بقدر محدود. ويقول المحتجون إن الفساد هو السبب.
وقال عراقي اسمه عباس، امتنع عن ذكر اسم عائلته، (16 سنة)، (هم) يقولون: «إن حياتنا راح تتحسّن». وأضاف أنه من مواليد عام 2000 «واشتغل من عمر 10 (سنوات) وما عندي أكثر من 5000 دينار بجيبي».
تم القبض على عباس في الموجة الأولى من الاحتجاجات مع علي وآخرين من أفراد المجموعة. وقالوا إنه تم فحص هواتفهم للتعرف على رفاقهم من المحتجين. وأفرجت السلطات عنهم بكفالة، وقيل لهم إن عليهم تجنب المظاهرات. وقال علي: «عدت للمظاهرات... لازم نبقى هنا لتستمر الثورة».
كان كل من تحدثت إليهم «رويترز» يضعون ضمادات، إما على الذراع أو الجذع أو الساقين. وأشاروا إلى أن الكثير من الإصابات نتجت عن استخدام قوات الأمن لعبوات الغاز المسال والقنابل الصوتية والرصاص المطاطي. وكان بعضها يطلق من زوارق في النهر. وقالوا إن الخطر يشتد كثيراً في الليل.
وحسب علي، فإن قوات الأمن ألقت البنزين على المخيم قبل بضع ليال في الثالثة صباحاً، ثم ألقت قطعاً من القماش المشتعل. وهناك مقطع فيديو تظهر فيه القطع المشتعلة التي سقطت قرب مجموعة من الصبية النائمين. والآن يقف الصبية للحراسة في نوبات.
وقال علي: «وقت ما نترك هذا الجسر، تنزل الحكومة على ساحة التحرير وتخلي المظاهرات». وأضاف: «حتى لو رموا أي شي علينا ما رايحين لأي مكان».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.