الكونغرس يسعى لإلغاء إعفاءات أطراف الاتفاق النووي

الكونغرس يسعى لإلغاء إعفاءات  أطراف الاتفاق النووي
TT

الكونغرس يسعى لإلغاء إعفاءات أطراف الاتفاق النووي

الكونغرس يسعى لإلغاء إعفاءات  أطراف الاتفاق النووي

قالت النائب الجمهوريّة ليز تشيني إنّها سوف تطرح مشروع قانون في مجلس النوّاب يُرغم الإدارة الأميركيّة على التخلّص نهائيّاً من بقايا الالتزامات المتعلّقة بالاتفاق النووي الّذي أبرمته الإدارة السابقة مع إيران.
ويمنع المشروع، في حال تمريره، البيت الأبيض من تمديد أي إعفاءات «نووية» لروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين في إطار الاتفاق النووي.
وقالت تشيني أمس للصحافيين إنّ هذه الإعفاءات ساعدت إيران على تشريع البنى التحتيّة النوويّة، ومهّدت الطريق أمام طهران للاستمرار بالعمل على أنشطة نوويّة حسّاسة بمساعدة الصين وروسيا.
وأضافت تشيني «هذه الإعفاءات النووية المدنيّة تشرّع البنى التحتية النووية الإيرانية المحظورة، وتساعد على الحفاظ على اتفاق الرئيس أوباما النووي الكارثي» وتابعت: «الكونغرس مصمم على دعم الرئيس ترمب في قراره الخروج من هذا الاتفاق، وفي حملته القاضية بفرض أقسى أنواع الضغط على طهران» وأوضحت تشيني «لهذه الأسباب سوف أطرح مشروع قانون يلغي هذه الاستثناءات، ويضمن تفكيك الاتفاق النووي بشكل كامل وتام».
يأتي إعلان تشيني في وقت شنّ فيه صقور الجمهوريين في الكونغرس هجوماً عنيفاً على قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب القاضي بتمديد إعفاءات العقوبات على إيران، الأمر الّذي سيسمح لها بالقيام بأنشطة نوويّة حسّاسة على حدّ قولهم.
ويشكو أعضاء الكونغرس، خصوصا الجمهوريين، مما يصفونه بالإشارات المتضاربة التي ترسلها الإدارة الأميركيّة حيال إيران. ويقول المنتقدون إنّ البيت الأبيض يتراجع عن سياسته بالضغط الصارم على طهران في سبيل الحفاظ على طريق للدبلوماسيّة معها.
وفيما تصعّد تشيني جهودها في مجلس النواب لتمرير مشروع القانون، الّذي حصل حتى الساعة على دعم كبير في المجلس من المشرّعين، يعمل أعضاء مجلس الشيوخ على مشروع قانون مماثل يسعى إلى إلغاء الإعفاءات بشكل كامل.
وقد أدان السيناتور تيد كروز وليندسي غراهام الأسبوع الماضي قرار الإدارة تمديد الإعفاءات وقالا في بيان مشترك: «هذا مخيّب للآمال، وفرصة ضائعة أخرى لتمزيق اتفاق أوباما النووي الكارثي بشكل تام ونهائي. يجب أن يُصدر الرئيس ترمب أمراً فوريّاً بالتوقّف عن إصدار إعفاءات نووية مدنية».
ولفت البيان إلى أن «هذه الإعفاءات تسمح لإيران بتعزيز برنامجها النووي، في مفاعل فردو النووي على سبيل المثال، الّذي حفر على حافّة جبل لبناء أسلحة نووية». وأضاف «إيران تخرق الاتفاق النووي بشكل فاضح الآن وتخزّن مواد نووية خطرة. ليس هناك مبرر للسماح لها بالاستمرار في بناء برنامجها النووي. نحن نعمل مع زملائنا على تشريع يُلغي هذا القرار غير الصائب».
وكانت الإدارة الأميركيّة قرّرت الأسبوع الماضي، وعلى الرغم من اعتراضات الأصوات المعادية لإيران في الكونغرس، تمديد الإعفاءات على البرنامج النووي المدني، الّذي يسمح للشركات الروسيّة والصينيّة والأوروبيّة وغيرها من الشركات الأجنبيّة بالتعاون مع برنامج إيران النووي المدني من دون فرض عقوبات أميركيّة عليها.
وكان من المفترض أن تنتهي صلاحيّة الإعفاءات يوم أمس الثلاثاء لكن وزير الخارجيّة مايك بومبيو سمح بتمديدها لفترة تسعين يوماً. وقالت الخارجيّة الأميركيّة في بيان: «هذا القرار سوف يساعدنا على الإشراف على برنامج إيران النووي المدني ويخفّف من مخاطر انتشار الأسلحة ويحدّ من قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي...».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن العام الماضي انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، وبدأ تدريجياً بفرض عقوبات على طهران. إلّا أنه استمر بتمديد إعفاءات البرنامج النووي للحفاظ على طابعه المدني الأمر الّذي سيسمح للشركات الأوروبية والروسية والصينية بالاستمرار بالعمل مع المنشآت الإيرانية النووية المدنية.
ويعتبر منتقدو الاتفاق النووي أن هذه الإعفاءات يجب أن تُلغى كلياّ لأنها تسمح لإيران بالاطلاع على تكنولوجيا يمكن استعمالها لتصنيع أسلحة.
ويتحّدث هؤلاء بالتحديد عن أحد الإعفاءات التي تسمح بالتحويل في منشأة فردو. ومواقع أخرى كمحطة بوشهر ومفاعل أراك للمياه الثقيلة ومركز طهران للأبحاث النووية.
أمّا داعمو تمديد الإعفاءات فيعتبرون أنّ هذه السياسة تحول دون أن يتمكّن النظام الإيراني من إعادة بناء منشآت بهدف إعادة الانتشار النووي، وتوفّر للخبراء الدوليين نافذة للاطلاع على برنامج إيران الذريّ. ويقول الداعمون إنّه من دون هذه الإعفاءات، فإن هذه النافذة لن تتوفّر.
وتعدّ هذه الإعفاءات من بقايا الاتفاق النووي مع إيران الّذي أبرمته الإدارة الأميركيّة السابقة في يوليو (تموز) 2015 بعد مفاوضات دامت عامين.
وعلى الرغم من أنّ جهود المشرعين لإلغاء الإعفاءات لا تزال في مراحلها الأولية إلا أنها تمثّل شرخاً في العلاقة ما بين البيت الأبيض وحلفاء الرئيس الأميركي في الكونغرس في الملف الإيراني.



لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
TT

لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه يريد أن يجعل غرينلاند جزءا من الولايات المتحدة وإنه لا يستبعد استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لإجبار الدنمرك على منحها لواشنطن.

* لماذا يريد ترمب غرينلاند؟

ربما تكون سيطرة الولايات المتحدة بصورة أكبر على غرينلاند مفيدة لواشنطن بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها، فهي تقع على أقصر طريق من أوروبا إلى أميركا الشمالية، وهي بذلك مهمة للنظام الأميركي للتحذير من الصواريخ الباليستية. وعبرت الولايات المتحدة عن اهتمامها بتوسيع وجودها العسكري عبر أمور منها وضع رادارات هناك لمراقبة المياه بين الجزيرة وأيسلندا وبريطانيا، إذ تعد تلك المياه بوابة للسفن البحرية والغواصات النووية الروسية.

وتتميز الجزيرة بثرواتها من المعادن والنفط والغاز الطبيعي، إلا أن التنمية فيها بطيئة. وتبعد نوك عاصمة غرينلاند عن نيويورك مسافة أقل مما تبعد عن العاصمة الدنمركية كوبنهاجن. وأظهر مسح أجري في 2023 أن 25 من أصل 34 معدنا تعتبرها المفوضية الأوروبية من «المواد الخام الأساسية» تسنى العثور عليها في غرينلاند. وتشمل هذه المعادن المواد المستخدمة في البطاريات مثل الغرافيت والليثيوم وما تسمى بالعناصر الأرضية النادرة المستخدمة في المركبات الكهربائية ومولدات طاقة الرياح.

وتحظر غرينلاند استخراج النفط والغاز الطبيعي لأسباب بيئية، كما واجه تطوير قطاع التعدين فيها عراقيل بسبب البيروقراطية ومعارضة السكان الأصليين. وأدى هذا إلى اعتماد اقتصاد غرينلاند على الصيد الذي يمثل أكثر من 95 بالمئة من الصادرات، وعلى الإعانات السنوية من الدنمرك والتي تغطي ما يقرب من نصف الميزانية العامة. وتنفق الدنمرك في المجمل ما يقل قليلا عن مليار دولار سنويا على غرينلاند، أو 17500 دولار سنويا لكل فرد من سكانها البالغ عددهم 57 ألفا.

* ما الوجود الأميركي في غرينلاند الآن؟

للجيش الأميركي وجود دائم في قاعدة بيتوفيك الجوية في شمال غرب غرينلاند. ونص اتفاق عام 1951 بين الولايات المتحدة والدنمرك على حق واشنطن في بناء قواعد عسكرية في غرينلاند وحرية نقل قواتها على أراضيها ما دامت أخطرت الدنمرك وغرينلاند.

وقال كريستيان سوبي كريستنسن الباحث الكبير في مركز الدراسات العسكرية بجامعة كوبنهاجن إن الدنمرك استضافت تاريخيا الجيش الأميركي في غرينلاند لأن كوبنهاجن لا تملك القدرة على الدفاع عن الجزيرة الشاسعة بنفسها، وكذلك بسبب الضمانات الأمنية الأميركية المقدمة للدنمرك من خلال حلف شمال الأطلسي.

* ما وضع غرينلاند الآن؟

تخضع غرينلاند لسيطرة الدنمرك منذ قرون، في السابق كمستعمرة والآن كإقليم شبه مستقل تحت مملكة الدنمرك. وتخضع للدستور الدنمركي، ما يعني أن أي تغيير في وضعها القانوني يتطلب تعديلا دستوريا. وفي عام 2009، مُنحت الجزيرة حكما ذاتيا واسع النطاق يشمل الحق في إعلان الاستقلال عن الدنمرك عبر استفتاء. ودأب ميوتي إيجيدي رئيس وزراء غرينلاند الذي كثف جهوده من أجل الاستقلال على قول إن الجزيرة ليست للبيع وأن الأمر متروك لشعبها لتقرير مستقبله.

وقبل عقود، سعت الولايات المتحدة في عهد الرئيس هاري ترومان آنذاك إلى شراء الجزيرة كأصل استراتيجي أثناء الحرب الباردة مقابل 100 مليون دولار في صورة ذهب، لكن كوبنهاجن رفضت البيع. وعرض ترمب شراءها خلال ولايته الأولى في عام 2019 لكن غرينلاند والدنمرك رفضتا العرض.

* ماذا تريد غرينلاند؟

توترت العلاقات بين غرينلاند والدنمرك بعد الكشف عن انتهاكات تاريخية وقعت في غرينلاند أثناء فترة الاستعمار. وتدعم غالبية سكان غرينلاند الاستقلال، لكنهم منقسمون على توقيت ذلك وتأثيره المحتمل على مستويات المعيشة.

ودأب الساسة في غرينلاند منذ عام 2019 على قول إنهم مهتمون بتعزيز التعاون والتجارة مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من هذا، قالت آيا كمنتس، العضو البرلمان الدنمركي عن غرينلاند، إن فكرة استيلاء الولايات المتحدة على الجزيرة يجب رفضها بشدة. وكتبت «لا أريد أن أكون أداة لتحقيق أحلام ترمب المحمومة بتوسيع إمبراطوريته لتشمل بلادنا».

* ماذا لو أصبحت غرينلاند مستقلة؟

إذا أصبحت غرينلاند مستقلة، فقد تختار الارتباط بالولايات المتحدة بطرق لا تصل إلى حد أن تصبح أرضا أميركية. وعلى الرغم من رغبة سكان غرينلاند في الاستقلال، فإنهم يدركون جيدا اعتمادهم الاقتصادي على الدنمرك. وقد يكون أحد الخيارات هو تشكيل ما يسمى «الارتباط الحر» مع الولايات المتحدة الذي من شأنه أن يستبدل بالإعانات الدنمركية دعما وحماية أميركية في مقابل الحقوق العسكرية على غرار وضع جزر مارشال وميكرونيزيا وبالاو، وهي دول جزرية تقع في المحيط الهادي.

وقال أولريك برام جاد الباحث الكبير والمختص في شؤون غرينلاند «تتحدث غرينلاند عن الاستقلال عن الدنمرك، لكن لا أحد من سكان غرينلاند يريد الانتقال إلى مستعمر جديد فحسب». وأضاف أن سكان غرينلاند ربما يستهدفون ضمان رفاههم في المستقبل قبل أي تصويت على الاستقلال.

* ماذا تقول الدنمرك؟

رفضت الدنمرك بشدة عرض ترمب شراء الجزيرة في عام 2019 ووصفته رئيسة الوزراء مته فريدريكسن بأنه «سخيف». وعندما سُئلت عن تجديد ترمب اهتمامه هذا الأسبوع، قالت فريدريكسن «نحن بحاجة إلى تعاون وثيق للغاية مع الأميركيين».

وأضافت «من ناحية أخرى، أود أن أشجع الجميع على احترام حقيقة أن سكان غرينلاند هم شعب، وهي بلدهم، وأن غرينلاند وحدها هي القادرة على تحديد مستقبلها وتقرير مصيرها».