«أسف» دولي لانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ

TT

«أسف» دولي لانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ

لمدة عامين بعد توليه منصبه، تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب مراراً عن عدم اقتناعه بمخاطر التغير المناخي، ونيته الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ الذي أبرمه سلفه الرئيس باراك أوباما عام 2015 مع قادة 194 دولة، والذي دخل حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وفي الذكرى السنوية الثالثة لدخول اتفاقية باريس للمناخ حيز التنفيذ، أعلنت إدارة ترمب أنها بدأت رسمياً عملية الانسحاب من هذا الاتفاق. وينص الاتفاق على أنه لا يمكن لأي دولة الانسحاب خلال السنوات الثلاث الأولى؛ لذا جاء قرار الإدارة الأميركية بالانسحاب أول من أمس، في حين تستغرق عملية الانسحاب سنة كاملة، ولن تصبح رسمية إلا في الخامس من نوفمبر 2020 (أي بعد يوم من الانتخابات الرئاسية الأميركية 2020).
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان، مساء الاثنين، إن الولايات المتحدة قدمت إخطاراً رسمياً إلى الأمم المتحدة بالانسحاب من الاتفاقية. وأوضح بومبيو، أن الرئيس ترمب اتخذ قرار الانسحاب من اتفاق باريس بسبب العبء الاقتصادي غير العادل المفروض على العمال الأميركيين، والشركات، ودافعي الضرائب بسبب تعهدات الولايات المتحدة بموجب الاتفاقية.
وتابع وزير الخارجية الأميركي، أن بلاده خفضت جميع أنواع الانبعاثات، حتى في الوقت الذي حقق الاقتصاد نمواً وضمان حصول المواطنين على الطاقة بأسعار مناسبة. وتعهد في الوقت نفسه بمواصلة العمل مع الشركاء العالميين في النقاشات الدولية المتعلقة بالمناخ والاستعداد للكوارث الطبيعية والاستجابة لها. وقال «سنواصل العمل في مواجهة آثار تغير المناخ ومواجهة الكوارث الطبيعية، كما ستستمر الولايات المتحدة في دفع الاقتصاد الأميركي وتنميته مع تقليل الانبعاثات، وتقديم يد المساعدة لأصدقائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم».
وغرّد بومبيو عبر «تويتر» قائلاً: «اليوم، نبدأ العملية الرسمية للانسحاب من اتفاقية باريس وتفخر الولايات المتحدة بسجلها كدولة رائدة في الحد من جميع الانبعاثات، وتنمية الاقتصاد، وضمان توافر الطاقة لمواطنينا»، وأضاف أن «بلدنا نموذج واقعي وعملي».
وفور الإعلان عن الانسحاب، تجمع عدد من المحتجين خارج البيت الأبيض للاحتجاج على قرار الرئيس، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي عن أمله في أن تعيد الولايات المتحدة التفكير في خطوة الانسحاب، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تعد واحدة من أكبر الدول المصدرة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.
بدورها، أعربت كل من الصين، وهي أول بلد في العالم مسبب لانبعاثات غازات الدفيئة، وفرنسا عن الأسف لهذا الإعلان. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، غينغ شوانغ، في إيجاز صحافي روتيني: «نأمل أن تتحمل الولايات المتحدة مزيداً من المسؤولية، وأن تقوم بالمزيد للإسهام كقوة دفع في عملية التعاون متعدد الأطراف بدلاً من إضافة طاقة سلبية» لها، منتقداً الخطوة الأميركية. وأضاف المتحدث «نعتقد أن التغيّر المناخي تحدٍ مشترك تواجهه البشرية جمعاء. على كل أفراد الأسرة الدولية التعاون يداً بيد»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعربت فرنسا أيضاً عن «أسفها» لقرار الولايات المتحدة إبلاغ الأمم المتحدة بالانسحاب رسمياً من اتفاقية باريس للمناخ. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة كانت متوقعة، قال الإليزيه في بيان «نحن نأسف» للقرار، مضيفاً أن هذا يجعل «الشراكة الفرنسية - الصينية أكثر من ضرورية حول المناخ والتنوع البيولوجي»، في الوقت الذي كان فيه الرئيس إيمانويل ماكرون يقوم بزيارة رسمية إلى الصين.
في المقابل، رحّب المحافظون الأميركيون بهذا الإعلان. لكن رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسي بيلوسي رأت في ذلك «قراراً جديداً ضد العلوم ينسف مستقبل الأرض ومستقبل أولادنا».
ويخاطر الرئيس ترمب بهذا القرار بفتح جبهة صراع من المرشحين الديمقراطيين حول قضايا المناخ الذين يتهمونه بالفعل بـ«الجهل» بقضايا التغير المناخي. وستكون قضية التغير المناخي من القضايا التي سيركز عليها المرشحون الديمقراطيون في جذب الناخبين، وبخاصة منهم المزارعون المتأثرون بالتغييرات المناخية، وسكان المناطق التي تعاني من الأعاصير والحرائق والكوارث الطبيعية.
وكان الرئيس السابق باراك أوباما قد وقع عام 2015 اتفاقية باريس للمناخ مع قادة 194 دولة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما اعتبر خطوة كبيرة في مجال حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وتهدف الاتفاقية إلى خفض الارتفاع الحراري للكرة الأرضية إلى أقل من درجتين مئويتين، والحد من ارتفاعات درجات الحرارة بمقدار 1.5 بنهاية القرن الحالي، وذلك من خلال تعهدات الدول، وبصفة خاصة الدول الصناعية بكبح انبعاثات الغازات الدفينة وتقديم الدول المتقدمة الدعم للبلدان النامية في الجهود لبناء مستقبل مستدام بيئياً.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».