«أوبك» تخفض تقديرات الطلب على النفط في السنوات الخمس المقبلة

باركيندو يرجح صعوداً للأسواق العام المقبل... ويرحب بالبرازيل

محمد باركيندو الأمين العام لـ«أوبك» خلال كلمة له بمقر المنظمة في فيينا أمس (رويترز)
محمد باركيندو الأمين العام لـ«أوبك» خلال كلمة له بمقر المنظمة في فيينا أمس (رويترز)
TT

«أوبك» تخفض تقديرات الطلب على النفط في السنوات الخمس المقبلة

محمد باركيندو الأمين العام لـ«أوبك» خلال كلمة له بمقر المنظمة في فيينا أمس (رويترز)
محمد باركيندو الأمين العام لـ«أوبك» خلال كلمة له بمقر المنظمة في فيينا أمس (رويترز)

قال محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة «أوبك»، الثلاثاء، إن آفاق سوق النفط للعام 2020 قد تشهد صعوداً محتملاً، ليقلل فيما يبدو من أهمية الحاجة لتخفيضات أعمق للإنتاج.
وتجتمع «أوبك» وحلفاؤها، بقيادة روسيا، في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، للنظر في سياسة الإنتاج. ومنذ يناير (كانون الثاني)، ينفذ التحالف المعروف بـ«أوبك+» خفضاً للإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً لدعم السوق، ويسري الاتفاق حتى مارس (آذار) 2020.
وقال باركيندو، في مؤتمر صحافي: «بناء على الأرقام الأولية، يبدو أن 2020 سيشهد صعوداً محتملاً».
ورداً على سؤال عما إذا كان أكثر تفاؤلاً بشأن السوق، مقارنة بما كان عليه الوضع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين قال إن جميع الخيارات مطروحة، بما في ذلك خفض أكبر للإنتاج، أجاب باركيندو بأن «الصورة تحسنت»، وقال: «بالتأكيد، هناك نقاط أكثر إشراقاً. الأرقام تبدو أكثر وضوحاً، والصورة تبدو أكثر إشراقاً»، وتابع: «فيما يتعلق بالعوامل الأخرى غير الأساسية، مثل مشكلات التجارة التي تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي، الأنباء الواردة تبعث على مزيد من التفاؤل. نرى أن الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، تواصل تحدي التوقعات وتتجاوزها».
وتنبئ أرقام «أوبك» بتخمة معروض العام المقبل، نظراً لزيادة الإنتاج من خارج المنظمة. ويضغط هذا، إلى جانب مسائل أخرى مثل النزاع التجاري الأميركي الصيني، على أسعار النفط التي تبلغ حالياً نحو 62.70 دولار للبرميل، منخفضة من ذروة 2019 فوق 75 دولاراً.
وعما إذا كانت السوق تبدو متخمة بالإمدادات في العام المقبل، قال باركيندو: «لم نبلغ ذلك بعد. لا نستطيع في الوقت الحالي أن نستبق كل الخطوات التي نمضي فيها»، وأضاف أيضاً أن انضمام البرازيل للمنظمة محل ترحيب، موضحاً أنها لم تتقدم بطلب رسمي بعد. وصرح باركيندو للصحافيين قائلاً: «سيكون انضمامها محل ترحيب كبير»، مضيفاً أن مشاورات بالفعل جرت في الرياض.
وكان الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو قد قال، الشهر الماضي، إنه يرغب في أن تنضم بلاده لـ«أوبك»، في خطوة ستجعل البرازيل أهم منتج ينضم إلى المنظمة منذ سنوات.
توريد كميات أقل
وفي وقت سابق أمس، أصدرت «أوبك» تقريرها لعام 2019، الذي قالت فيه إن المنظمة ستورد كمية أقل من النفط في السنوات الخمس المقبلة، في ظل نمو إنتاج النفط الصخري الأميركي ومصادر منافسة أخرى، رغم تنامي الإقبال على الطاقة الذي يغذيه النمو الاقتصادي العالمي.
وقالت المنظمة، في تقريرها لآفاق النفط العالمي لعام 2019 المنشور الثلاثاء، إنه من المتوقع تراجع إنتاج «أوبك» من النفط الخام وغيره من السوائل إلى 32.8 مليون برميل يومياً بحلول 2024، مقارنة مع 35 مليون برميل يومياً في 2019.
وتسبب تزايد النشاط الداعي لمكافحة تغير المناخ في الغرب، والاستخدام الواسع لأنواع الوقود البديلة، في خضوع الطلب على النفط في الأجل الطويل لتدقيق أكبر. وخفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، في التقرير، توقعاتها للطلب على النفط في الأجلين المتوسط والبعيد.
وانخفض إنتاج «أوبك» في السنوات القليلة الماضية، بموجب اتفاق مع روسيا ومنتجين آخرين غير أعضاء في المنظمة لدعم السوق. وتمخض الاتفاق عن ارتفاع أسعار النفط، مما يعزز إنتاج المنتجين غير الأعضاء في المنظمة، ومن المتوقع أن تكبح «أوبك» الإنتاج في 2020.
وكتب باركيندو، في مقدمة التقرير: «جرى تعديل توقعات الإمدادات من غير أعضاء (أوبك) بصعود حاد، إذ إن أداء النفط المحكم (الصخري) الأميركي بشكل خاص فاق التوقعات». ورفعت الولايات المتحدة إنتاجها النفطي إلى مستويات قياسية، بفضل ثورة النفط الصخري التي سمحت لتكنولوجيا جديدة باستغلال احتياطيات كانت تُعد في السابق غير مجدية اقتصادياً. وينخفض إنتاج «أوبك» نتيجة قيود طوعية والعقوبات الأميركية على فنزويلا وإيران، عضوي «أوبك».
وتوقعت «أوبك»، ومقرها فيينا، أن تبلغ إمدادات النفط المحكم الأميركي 16.9 مليون برميل يومياً في عام 2024، من 12 مليوناً في 2019. لكن النمو سيتباطأ ثم يبلغ ذروته عند 17.4 مليون في 2029.
توقعات طلب أقل
وخفضت «أوبك» توقعات الطلب العالمي على النفط في الأجل المتوسط. وتتوقع المنظمة، التي تضخ نحو ثلث الإمدادات العالمية من النفط الآن، أن يصل استهلاك النفط في 2023 إلى 103.9 مليون برميل يومياً، انخفاضاً من 104.5 مليون في تقرير العام الماضي.
وعلى المدى الأطول، من المتوقع أن يزيد الطلب على الخام بواقع 12 مليون برميل يومياً ليبلغ 110.6 مليون بحلول 2040، وهو أيضاً أقل من توقعات العام الماضي. وأشارت «أوبك» إلى خفض توقعات النمو الاقتصادي في الآونة الأخيرة، فضلاً عن تحسن في كفاءة استهلاك الوقود، واستخدام أنواع وقود أخرى، كأسباب لخفض توقعات الطلب. وقالت إنها تتوقع انخفاض استهلاك النفط في الدول الصناعية أو الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعد 2020.
وذكرت «أوبك» أن السيارات الكهربائية، التي ما زالت تمثل نسبة ضئيلة جداً من الأسطول العالمي، تكتسب زخماً. وستشكل هذه السيارات نحو نصف جميع السيارات الجديدة في دول منظمة التعاون الاقتصادي بحلول 2040، ونحو ربع تلك السيارات في الصين، وأكثر من 26 في المائة على مستوى العالم.
وما زالت «أوبك» تأمل في زيادة الإنتاج في العقود المقبلة، بفضل الاحتياطيات الوفيرة التي تنخفض تكلفة استخراجها. وتتوقع أن تصل الإمدادات من المنتجين من خارجها إلى مستوى مرتفع عند 72.6 مليون برميل يومياً في 2026، ثم تهبط إلى 66.4 مليون في عام 2040. وكتب باركيندو: «على المدى الطويل، من المتوقع أن تلبي (أوبك) معظم احتياجات الطلب على النفط».


مقالات ذات صلة

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

الاقتصاد تتوقع «أوبك» أن يرتفع الطلب العالمي على النفط في عام 2024 بمقدار 1.61 مليون برميل يومياً (رويترز)

«أوبك» تخفّض مجدداً توقعاتها لنمو الطلب على النفط في 2024 و2025

خفّضت «أوبك» توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2024 و2025، يوم الأربعاء، في خامس خفض على التوالي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد منظر عام لمصفاة فيليبس 66 كما شوهدت من مدينة روديو بكاليفورنيا أقدم مدينة لتكرير النفط بالغرب الأميركي (رويترز)

النفط يرتفع بفضل توقعات ارتفاع الطلب من الصين في 2025

ارتفعت أسعار النفط قليلاً، في وقت مبكر اليوم الأربعاء، مع توقع المتعاملين بالسوق ارتفاع الطلب بالصين، العام المقبل.

الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في سانت بطرسبرغ (أرشيفية - رويترز)

«أوبك»: تجديد تفويض هيثم الغيص أميناً عاماً للمنظمة لولاية ثانية

قالت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إنها جدَّدت ولاية الأمين العام، هيثم الغيص، لمدة 3 سنوات أخرى في اجتماع افتراضي عقدته المنظمة، يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الاقتصاد مضخة نفطية في حقل بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

تراجع طفيف للنفط... والتوتر الجيوسياسي وسياسة الصين يحدان من خسائره

تراجعت أسعار النفط قليلاً يوم الثلاثاء متمسكة بمعظم مكاسبها من الجلسة السابقة. فيما حدّ التوتر الجيوسياسي وسياسة الصين من الخسائر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص (أ.ف.ب)

هل يعاد انتخاب الغيص أميناً عاماً لـ«أوبك» غداً؟

من المقرر أن تعيد منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» انتخاب الأمين العام الحالي هيثم الغيص لفترة ثانية مدتها ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.