331 قتيلا منذ بدء «الهدنة» في أوكرانيا

واشنطن تمنح حصة طلاب روس لآخرين أوكرانيين في إطار برنامج للتبادل الثقافي

مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند تدقق في مجسم هليكوبتر خلال زيارتها لـ«خدمة حرس الحدود» في العاصمة الأوكرانية كييف أمس (أ.ب)
مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند تدقق في مجسم هليكوبتر خلال زيارتها لـ«خدمة حرس الحدود» في العاصمة الأوكرانية كييف أمس (أ.ب)
TT

331 قتيلا منذ بدء «الهدنة» في أوكرانيا

مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند تدقق في مجسم هليكوبتر خلال زيارتها لـ«خدمة حرس الحدود» في العاصمة الأوكرانية كييف أمس (أ.ب)
مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند تدقق في مجسم هليكوبتر خلال زيارتها لـ«خدمة حرس الحدود» في العاصمة الأوكرانية كييف أمس (أ.ب)

أعلنت الأمم المتحدة أن نحو 331 شخصا قتلوا منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل شهر في أوكرانيا. وجاء هذا بينما سقط 6 أشخاص أمس في شرق البلاد، حيث القتال مستمر بين القوات الحكومية والانفصاليين الموالين لروسيا.
وقال بيان أرفق بتقرير أعدته مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنه «منذ بدء وقف إطلاق النار بين 6 سبتمبر (أيلول) و6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، سجلت 331 وفاة».
وأشار التقرير الذي أعده فريق من 35 مراقبا من الأمم المتحدة في أوكرانيا إلى «عدد متزايد من المقاتلين الأجانب بينهم رعايا يعتقد أنهم روس جاءوا لتعزيز صفوف المجموعات المسلحة في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد بين 24 أغسطس (آب) و5 سبتمبر». وأفاد التقرير بأنه «خلال الفترة التي جرت مراجعتها، واصلت المجموعات المسلحة وبعض الوحدات الخاضعة لسيطرة الجيش الأوكراني انتهاك القانون الإنساني الدولي»، مشيرا إلى «اشتباكات ونيران مدفعية يومية».
وأكدت الأمم المتحدة أن «مجموعات مسلحة لا تزال تبث الرعب في صفوف السكان في المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر القتل والخطف والتعذيب وإساءة معاملة الناس». وأشار التقرير أيضا إلى «تدمير منازل ومصادرات».
ومن جانب آخر، لفت التقرير إلى أنه بين 24 أغسطس و5 سبتمبر، حصل ارتفاع كبير للاعتقالات على أيدي المجموعات المسلحة، وأشار إلى «معلومات مقلقة حول أعمال تعذيب وسوء معاملة معتقلين بما يشمل الإيهام بالإعدام والعنف الجنسي».
وتحدث التقرير أيضا عن معلومات حول سوء معاملة سجناء من قبل القوات المسلحة والشرطة الأوكرانية.
وأكد مفوض الأمم المتحدة الأعلى لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين أن كل هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان يجب أن تخضع لتحقيقات وملاحقات قضائية.
وبين منتصف أبريل (نيسان) و6 أكتوبر 2014 قتل 3660 شخصا على الأقل، وأصيب 8756 بجروح في شرق أوكرانيا، بحسب الأمم المتحدة.
وقال التقرير: «منذ نحو 6 أشهر، حرم سكان المناطق التي طالها النزاع المسلح من حقوقهم الأساسية؛ من التعليم والرعاية الطبية والسكن والعمل. وإطالة أمد هذه الأزمة تجعل الوضع لا يحتمل بالنسبة لملايين الأشخاص الذين تغيرت حياتهم بشكل كبير».
وهكذا أوقفت نحو 40 ألف شركة صغيرة ومتوسطة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك أنشطتها بسبب المعارك وتركت آلاف الأشخاص من دون أي موارد. وفي 2 أكتوبر كان هناك في أوكرانيا نحو 375 ألفا و792 نازحا.
من جهة أخرى، أعلنت بلدية دونيتسك مقتل 3 مدنيين أمس في قصف مدفعي على المدينة التي تعد معقل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا. وقالت البلدية في بيان إن «3 مدنيين قتلوا وجرح 4 آخرون في معارك في 8 أكتوبر في دونيتسك». وأضافت أن إطلاق نار على مناطق سكنية جرى بين الساعة السابعة والنصف مساء أول من أمس و2.20 من صباح أمس، والقذائف دمرت منزلين بالكامل.
وسمع صحافيون في المكان دوي سلسلة انفجارات قوية نحو منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء مصدرها المطار الذي يشهد معارك بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا.
سياسيا، عبرت بولندا عن رغبتها في مزيد من المشاركة مع برلين وباريس في البحث عن تسوية في أوكرانيا. ورأى وزير الخارجية البولندي غريغوري شيتينا أن «أفقا أوروبيا» لأوكرانيا أمر «واقعي»، إلا أنه قال إن انضمام هذا البلد إلى حلف شمال الأطلسي «مستبعد حاليا».
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن الولايات المتحدة قررت منح جزء من حصة طلاب روس إلى آخرين أوكرانيين، في إطار برنامج للتبادل الثقافي. وجاء هذا بعدما قررت موسكو الانسحاب من البرنامج الذي بُدئ العمل به في نهاية الحرب الباردة، ويتضمن تقديم منح إلى طلاب من دول الاتحاد السوفياتي للعيش مع عائلات أميركية والدراسة في ثانويات أميركية. وكان هناك نحو 240 طالبا روسيا مشاركين في البرنامج، إلى أن أعلنت روسيا الأسبوع الماضي انسحابها منه، إثر تقدم أحد الطلاب بطلب اللجوء إلى الولايات المتحدة متذرعا بمخاوف من ملاحقته بسبب كونه مثليا.
وقال مسؤولون أميركيون إن نصف الحصة التي كانت مخصصة للطلاب الروس ستذهب الآن إلى طلاب أوكرانيين. يذكر أن لأوكرانيا حصتها الخاصة والمقدرة بـ204 طلاب مشاركين في البرنامج. وسيرتفع العدد الآن إلى 300 طالب. وينتمي الطلاب الآخرون المشاركون في البرنامج إلى جورجيا ومولدوفا وأرمينيا.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.