مهاجرون لدى إجلائهم من السفينة «أسو 30» في ميناء بوزلو بجزيرة صقلية أمس. وأفادت تقارير بأن «أسو 30» أنقت السبت نحو 200 مهاجر قبالة سواحل ليبيا (إ.ب.أ)
وجّهت وزارة الخارجية الإيطالية مذكّرة إلى حكومة الوفاق الليبية التي يرأسها فايز السراج تطلب منها عقد اجتماع اللجنة المشتركة التي نصّت عليها مذكرة التفاهم الموقّعة بين الطرفين مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. والتي تحدّد شروط التعاون والمساعدة الإيطالية لوقف تدفّق المهاجرين غير الشرعيين إلى إيطاليا عبر الحدود والشواطئ الليبية ومكافحة الاتجار بالأشخاص.
وكانت أصوات سياسية وقانونية قد تعالت في إيطاليا خلال الأيام الأخيرة تطالب بإلغاء مذكرة التفاهم التي يتجدّد سريانها كل ثلاث سنوات في حال لم يُقدم أي من الطرفين على نقضها، وذلك بسبب الاتهامات التي وجّهتها منظمات عدّة للسلطات الليبية حول تواطؤ خفر السواحل الليبيين مع عصابات تهريب المهاجرين وشبكات الاتجار بالأشخاص، وانتهاكات حقوق الإنسان والمعاملة السيئة التي يتعرّض لها المحتجزون في مراكز التجمّع الليبية.
لكن الحكومة الإيطالية، التي تقوم على تحالف بين «حركة النجوم الخمس» و«الحزب الديمقراطي»، قرّرت تجديدها والاكتفاء بتعديل بعض بنودها، والاستمرار في الاعتماد على خفر السواحل الليبيين الذين درّبتهم إيطاليا وموّلت عتادهم وأجهزتهم، في الوقت الذي تستعدّ المفوضية الأوروبية لتحصين حدودها الخارجية في وجه الهجرة غير الشرعية من خلال برنامج جديد يشمل نشر 700 عنصر إضافي من خفر السواحل وحرس الحدود لمراقبة تدفقات المهاجرين إلى البلدان الأوروبية.
وفي أوّل ردّ من طرف حكومة السراج على الطلب الإيطالي، قال الناطق بلسان الحكومة إن ليبيا على استعداد لإعادة النظر في بنود المذكّرة «انطلاقا من المصالح الليبية».
ومن التعديلات الأساسية التي تريد الحكومة الإيطالية إدخالها على مذكرة التفاهم، السماح للمنظمات الدولية، مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة العالمية للهجرة، بالدخول إلى مراكز تجميع المهاجرين والاطلاع على ظروف معاملتهم فيها، والإسراع في تفريغ المخيّمات التي تشرف عليها السلطات الليبية والتي تضمّ حاليّاً نحو خمسة آلاف لاجئ، ونقلهم إلى «المعابر الإنسانية» التي تشرف عليها الأمم المتحدة. ويذكر أن المنظمة العالمية للهجرة، بالتعاون مع مفوضيّة اللاجئين والمفوضية الأوروبية، تمكّنت في السنوات الثلاث المنصرمة من إعادة 44 ألف مهاجر غير شرعي إلى بلدانهم الأصلية ضمن برنامج للمساعدة على ترحيلهم وتسهيل إدماجهم في أنشطة منتجة.
ويقول فلافيو دي جياكومو، الناطق بلسان المنظمة العالمية للهجرة التي تتخذ من لندن مقرّاً لها «إن مراكز التجمّع في ليبيا، والتي تقع في محيط العاصمة الذي يشهد معارك متواصلة منذ أبريل (نيسان) الماضي، ما زالت في وضع إنساني غير مقبول. كل ما بوسعنا أن نقوم به هو الدخول بعد الحصول على الإذن من السلطات الليبية، ولكن فقط لتقديم مساعدات ومواد غير غذائية للتخفيف من معاناة المهاجرين، ولعرض الإعادة الطوعية لمن يرغب. أما احترام حقوق الإنسان، فليس بوسعنا أن نضمنه في مثل هذه الظروف». ويذكر أن الاتحاد الأوروبي كان قد خصّص 6 مليارات دولار لمساعدة تركيا على منع تدفق المهاجرين عبر طريق البلقان، لكنه لم يخصّص شيئا لوقف التدفق عبر السواحل المتوسطية.
ويصرّ الجناح اليساري المتشدّد داخل «الحزب الديمقراطي» على تعديل جذري في سياسة الحكومة الإيطالية لمعالجة الهجرة، بدءاً بإلغاء التدابير الأمنية التي أقرتها الحكومة السابقة باقتراح من وزير الداخلية آنذاك ماتيو سالفيني زعيم حرب «الرابطة» اليميني المتطرف، والتي قال رئيس الحكومة جيوزيبي كونتي إنه سيتقدم باقتراح أمام البرلمان لإلغائها قبل نهاية هذه السنة.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي بدأ القضاء الإيطالي ينظر في عدد من القضايا ضد مسؤولين في جهاز خفر السواحل الليبيين وسفن الإنقاذ الإيطالية، بتهمة التواطؤ مع شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالأشخاص. وتقول مصادر قضائية إيطالية إن أحد المتهمين كان في عداد الوفد الليبي الذي تفاوض مع السلطات الإيطالية على مذكرة التفاهم الموقعة منذ ثلاث سنوات، وله موقع قيادي في البحرية الليبية.
روما تستعجل حكومة السراج لمراجعة اتفاق وقف تدفق المهاجرين
روما تستعجل حكومة السراج لمراجعة اتفاق وقف تدفق المهاجرين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة