تقرير أميركي: «داعش» يستغل الفساد وسوء الحكم في غرب أفريقيا

TT

تقرير أميركي: «داعش» يستغل الفساد وسوء الحكم في غرب أفريقيا

بعد يومين من تقرير أميركي بأن قتل أبوبكر البغدادي، زعيم «داعش» الذي انهار، لن يعني نهاية التنظيم الإرهابي، وذلك لأن التنظيم يستغل الفساد، وسوء الحكم في دول المنطقة، وقال تقرير أميركي صدر أمس (الأحد) بأن الهجوم الإرهابي الكبير الذي هز مالي، في غرب أفريقيا، «مثال آخر على أن دول الساحل الأفريقي مهددة بالسقوط أمام الإرهابيين».
وأضاف التقرير، الذي نشره مركز مكافحة الإرهاب في جامعة جورج واشنطن (في واشنطن العاصمة): «أوضح الهجوم المميت على موقع عسكري في مالي مرونة المسلحين المتطرفين عبر مناطق شاسعة من أفريقيا».
وأشار التقرير إلى مقتل 53 جندياً ومدنياً يوم الجمعة عندما هاجم الإرهابيون قاعدة عسكرية مالية بالقرب من حدود مالي مع النيجر.
وأضاف التقرير: «يوجد كثير من الأسباب التي أدت إلى زيادة الإرهابيين: الفقر المدقع، والفساد، وضعف أنظمة الحكم، واستغلال الاختلافات العرقية... تشبه هذه الأسباب التي مكّنت الدولة الإسلامية في عام 2014 من السيطرة على مناطق واسعة في سوريا والعراق».
وقال التقرير: «حتى بعد قتل البغدادي، تظل الجماعات المرتبطة بتنظيم داعش تشكل تهديداً في مناطق بعيدة وواسعة في غرب أفريقيا».
في عام 2012. اجتاح المتطرفون شمال مالي، وسيطروا عليه. حتى طردتهم، بعد عام كامل، قوات مالية مدعومة من الفرنسيين (الذين كانوا استعمروا مالي في الماضي).
وفي بداية هذا العام، قتل هجوم إرهابي 40 جندياً في موقعين ماليين عسكريين بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو.
وقال التقرير: «خلال الشهور الأخيرة، استخدم المسلحون في مالي تكتيكاً جديداً لتوسيع سيطرتهم: التركيز على التقسيمات العنصرية. خاصة التي بين قبيلتي الفولاني والدوجون، اللتين تنتشران في مالي، وأيضا، في دول مجاورة».
ومع جدل وسط خبراء إرهاب، وخبراء في شؤون الشرق الأوسط، في الولايات المتحدة حول تراث «داعش»، بعد قتل البغدادي، قال تقرير أميركي بأن الدولة الإسلامية استغلت مشاكل الحكم دول المنطقة، وبينما تميزت بعنف فظيع يسبب التقزز، ستظل تستغل مشاكل الحكم بدول المنطقة.
وقال التقرير، الذي نشرته مجلة «أتلانتيك»: «انغمس تنظيم داعش في واحد من أكثر الأعمال الوحشية التفاخرية خلال العقود الأخيرة. إذا تستحق أي جماعة متطرفة وصف «الشر»، سيكون هو. لكن، هذا الاشمئزاز هو الذي يجعل من الصعب الحديث عن تراث الدولة التاريخي، وماذا تعني؟ وماذا ستعنى في المستقبل، حيث يبدو أنها لن تختفي بعد قتل خليفتها؟». وحذر التقرير المسؤولين الأميركيين، وحتى عامة المواطنين الأميركيين، من أن التركيز على فظائع «داعش» ليس هو الحل، وأنه لا بد من الحديث عن أفكار «داعش»، رضيها الناس أو رفضوها. وصاحب التقرير جدل وسط مسؤولين وخبراء في شؤون الإرهاب، وحملات عنيفة ضد «داعش»، خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي. وانتقد التقرير أنظمة «الحكم الرشيد» في كل من سوريا والعراق، حيث تأسس «داعش». وأضاف التقرير: «يفترض المراقبون الغربيون أن الجماعات الوحشية سيئة في الحكم. هذا صحيح في بعض الأحيان. ولكن، العكس يمكن أن يكون صحيحاً أيضاً». وقال التقرير: «المجموعات الأكثر وحشية تكون أفضل من المجموعات الأقل وحشية».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».