باشرت اللجنة الدستورية السورية، المؤلفة من 150 عضواً، يمثلون بالتساوي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني، أولى اجتماعاتها، الخميس، في مقر الأمم المتحدة في جنيف، بهدف القيام بمراجعة دستورية. ويشكل دستور العام 2012 الأساس الذي ستنطلق منه النقاشات، فما أبرز عناوينه؟
أقرّ السوريون الدستور الحالي بموجب استفتاء شعبي في فبراير (شباط) 2012 قدمته السلطات في إطار إصلاحات هدفت لتهدئة الاحتجاجات غير المسبوقة التي اندلعت ضدها، منتصف مارس (آذار) 2011، قبل أن تتحول نزاعاً دامياً.
وأعلن معارضون في الداخل والخارج مقاطعة الاستفتاء بسبب القمع الذي كانت تتعرض له الانتفاضة الشعبية آنذاك. وشكّكت دول غربية بشرعية الاستفتاء.
وألغى الدستور الدور القيادي لحزب البعث العربي الاشتراكي، الذي يحكم البلاد منذ عام 1963. وحلّت مادة نصّت على «التعددية السياسية» محل المادة الثامنة التي تشدد على دور الحزب «القائد في الدولة والمجتمع». لكن زادت سلطات الرئيس التشريعية والتنفيذية.
وبعدما كان ترشيح الرئيس بموجب دستور 1973 يحصل من مجلس الشعب (البرلمان) بناء على اقتراح من حزب البعث يتمّ استفتاء المواطنين عليه، نص دستور 2012 على أنه يُنتخب الرئيس من الشعب مباشرة، لمدة 7 أعوام، على ألا يجوز إعادة انتخابه إلا «لولاية واحدة تالية».
وحدّد الدستور بدء احتساب الولاية بعد انتخابات العام 2014 التي أعادت بشار الأسد إلى الحكم لولاية ثالثة. ورفع سنّ الترشّح إلى 40 عاماً، بعدما كان تعديل دستوري تلا وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد في العام 2000 خفّض العمر إلى 34 سنة للسماح للرئيس الحالي بتولي الرئاسة. وبموجب دستور 2012، يعدّ الأسد رئيس مجلس القضاء الأعلى، ويمكن له أن يقترح القوانين والتشريعات.
وأكد الدستور احترام الأديان، لكنه حظر «مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني»، ما يغلق الباب عملياً أمام جماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة والأحزاب الكردية بممارسة العمل السياسي كمجموعات من لون إثني أو مذهبي واحد.
قال حقوقيون ومعارضون آنذاك إن الدستور لم يأتِ بشيء جديد. وقد أبقى الدستور على السلطات الكاملة لرئيس الجمهورية، بل مكنّه من السيطرة على كل السلطات التنفيذية.
واعتبرت موسكو، حليفة دمشق، في أول رد فعل دولي آنذاك أنه «خطوة إلى الأمام»، فيما اعتبرته واشنطن التي دعت في أول سنوات النزاع إلى رحيل بشار الأسد، «مثيراً للسخرية». ووصف معارضون ودول غربية الانتخابات بأنها «مهزلة».
في يونيو (حزيران) 2014، جرت أول «انتخابات رئاسية تعددية» تقدم إليها 3 مرشحين، بينهم الرئيس الحالي. وأغلق القانون، الذي تمّت على أساسه، الباب عملياً على ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج، إذ اشترط أن يكون المرشح مقيماً في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الأخيرة قبل الانتخابات.
وستنبثق عن اللجنة الموسّعة المشاركة في مفاوضات جنيف الحالية لجنة صياغة مصغرة، من 45 عضواً، يتوقع أن تبدأ عملها الاثنين. ويعود لها أن «تراجع دستور 2012 (...) وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد»، في خطوة تأمل الأمم المتحدة أن تمهد لتسوية سياسية أوسع، ولإجراء انتخابات بإشرافها بموجب الدستور الجديد.
إلا أن قدرة هذه اللجنة على تحقيق أي تقدم تبدو صعبة، إذ لا سقف زمني لعملها، وتتخذ قراراتها بالتوافق، أو بأغلبية 75 في المائة من الأصوات، ما من شأنه أن يضمن عدم فرض أي طرف «إملاءاته» على الآخر.
وتطالب المعارضة بإصلاح دستوري شامل، بينما يعتبر وفد الحكومة أنه بمجرد تعديل مادة في الدستور الحالي «نكون أمام دستور جديد». ووصف رئيس وفد الحكومة أحمد الكزبري دستور 2012 بأنه «عصري».
ويقول رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، آنور البني، لوكالة الصحافة الفرنسية: «دستور 2012 لا يمكن أن يكون أساساً لبناء مستقبل سوريا، إذ يجب أن يحترم دستور سوريا حقوق الإنسان كاملة». ويؤكد أن مطلب المعارضة الرئيسي هو «فصل كامل للسلطات، وعدم توفير حصانة لمن يرتكب الجرائم، ورفع الحماية عن رئيس الجمهورية، الذي لا يحاسب وفق الدستور إلا بجرم الخيانة العظمى».
أبرز خطوط الدستور السوري الحالي والتعديلات المقترحة
أبرز خطوط الدستور السوري الحالي والتعديلات المقترحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة