«المنطقة الخضراء»... والمطعم التركي

> رغم أن «المنطقة الخضراء» في قلب بغداد لم تعد محصنة، والفضل في ذلك يعود إلى رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي الذي أصر على فتحها أمام المواطنين، فإنها بقيت هدفا دائما لكل حركات الاحتجاج في العراق على مدى السنوات العشر الماضية.
جدير بالذكر أن هذا الجزء من وسط العاصمة العراقية كان يُعرف باسم كرّادة مريم، واسمه الرسمي وفقاً للخرائط هو حي التشريع. وكانت هذه المنطقة منطقة سكنية لأعضاء الحكومة العراقية والعديد من الوزارات، وفيها عدد من قصور الرئيس السابق صدام حسين، ومن أكبر قصورها «القصر الجمهوري» و«قصر السلام». ولكن بعد 2003، جعلتها «قوات التحالف الدولي» حياً دولياً محصناً يضم العديد من المقرات الرسمية السياسية والعسكرية، بجانب السفارة الأميركية.
ومع بدء استئناف المظاهرات يوم 25 من الشهر الماضي، في ساحة التحرير بوسط بغداد، فقد تحول جسر الجمهورية الرابط بين جانبي الرصافة (حيث موقع ساحة التحرير) والكرخ (حيث «المنطقة الخضراء») إلى نوع من معارك الكرّ والفرّ بين المتظاهرين وقوات حفظ النظام ومكافحة الشغب. ذلك أن المتظاهرين يحاولون عبور جسر الجمهورية من أجل دخول «المنطقة الخضراء» التي تضم مكاتب الحكومة والوزراء والبرلمان والسفارات ومنازل كبار المسؤولين. ولطالما حصلت احتكاكات أدت إلى سقوط ضحايا بين الطرفين من أجل تحقيق هذا الهدف، الذي لا يزال بعيداً نظراً لشعور الحكومة أن وصول المتظاهرين إلى «المنطقة الخضراء» يعني سقوط رمزيتها.
وفي حين أن «المنطقة الخضراء» بقيت هدفاً مستحيلاً للمتظاهرين فإن المطعم التركي المطلّ على ساحة التحرير غدا هدفاً بعيد المنال - حتى الآن - بالنسبة للقوات الأمنية. وهذا المطعم الذي أطلق عليه المتظاهرون اسم «جبل أحد» نظراً لأهميته الاستراتيجية، والذي أظهرت التقارير خلوه من الإشعاع، يمثل أحد أهم أهداف المتظاهرين على صعيد الاحتفاظ به لأن التفريط به يعني من وجهة نظرهم نهاية المظاهرات. ويقول العالمون بالأمر إن من يسيطر على المطعم التركي يسيطر على ساحة التحرير.
صحيح لم يصدر أي قرار بعد لإزالة المظاهرات نهائياً بقرار حكومي، لكن بدا أن الصراع بين الحكومة والمتظاهرين بات يتبلور في مسألتين سياديتين: الأولى رمزية «المنطقة الخضراء» بالنسبة للسلطة، الثانية رمزية المطعم التركي بالنسبة للمتظاهرين.