باريس تحث اللبنانيين على الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات

TT

باريس تحث اللبنانيين على الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على إجراء الإصلاحات

لم تعد باريس تخفي قلقها من تطور الأوضاع في لبنان. وفي أقل من 48 ساعة، صدر بيانان عن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وفي كل مرة، تشديد على «الرسالة» نفسها التي تتولى الدبلوماسية الفرنسية إيصالها بالاتصالات المباشرة أو بالقنوات العادية للمسؤولين اللبنانيين. وبعد أن اعتبر لودريان في بيانه، الخميس، أن لبنان «يعاني منذ 15 يوماً من أزمة بالغة الخطورة» وأن استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري من منصبه «تفاقم» من خطورة الوضع، شدد أمس على الحاجة إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة «قادرة على إجراء الإصلاحات التي تحتاج إليها» البلاد، معتبراً أن ذلك «أمر أساسي» بالنسبة للبنان.
وكما في بيانه السابق، لفت لودريان المسؤولين السياسيين إلى مسؤولياتهم «في التحلي بروح الوحدة الوطنية وتحسس المسؤولية من أجل ضمان استقرار (لبنان) وأمنه وتغليب المصلحة الوطنية»، خصوصاً «في سياق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية» التي يعاني منها.
ولأن باريس تلحظ مؤشرات تصعيدية ميدانية وتتخوف منها، فقد شدد لودريان على الحاجة إلى «بذل كل جهد ممكن لتجنب الاستفزاز والعنف والحفاظ على حق المواطنين في التظاهر سلمياً». أما السبيل إلى ذلك، وفق المقاربة الفرنسية، فيكمن في اعتبار أنه من الأساسي أن تسهّل «جميع القوى السياسية تشكيل حكومة جديدة قادرة على الاستجابة للتطلعات المشروعة التي عبر عنها اللبنانيون واتخاذ القرارات الضرورية للانتعاش الاقتصادي للبلاد». وكما في كل مرة، فإن فرنسا، بلسان وزير خارجيتها، عبّرت مجدداً عن استعدادها لمساندة لبنان «ضمن الإطار الذي حدده مؤتمر (سيدر) الذي حضّرت له باريس واستضافته في شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي الذي أفضى إلى حشد أكثر من 11 مليار دولار من القروض والهبات للبنان. وما زالت هذه المبالغ التي يراهن عليها اللبنانيون لإخراج البلاد اقتصادياً ومالياً من دائرة الخطر مجمدة بانتظار أن تقوم الحكومة اللبنانية بالإصلاحات الضرورية من أجل البدء بتنفيذ وعود «سيدر». وختام الرسالة الفرنسية، أنه مهما تكن الظروف، وخصوصاً في «هذه اللحظة الحرجة»، فإن باريس كما جاء في بيان لودريان: «تقف، كما هو الحال دائماً، إلى جانب الشعب اللبناني».
حقيقة الأمر، أن باريس، كما تقول مصادرها، «خائبة» من تصرف الطبقة السياسية اللبنانية. ورغم أن مسؤوليها حريصون على الابتعاد عن إعطاء الانطباع بأنهم يتدخلون في الشؤون الداخلية اللبنانية وتلافي توفير الحجة لمن يرمون تهمة تحريك الشارع على الخارج، فإن فرنسا تحث على المسارعة في الخروج من الفراغ المؤسساتي المتمثل باستقالة الحريري. وفهم أن باريس أبلغت من يعنيهم الأمر «تأجيل» اجتماع اللجنة التحضيرية للبدء بتنفيذ مقررات «سيدر» الذي كان مقرراً في 13 الحالي. ويمكن النظر إلى هذا القرار على أنه إما «وسيلة ضغط» على المسؤولين اللبنانيين للتعجيل في الخروج من المراوحة الحكومية في أسرع وقت أو أن المعنيين بالملف يرون أن اجتماعاً كهذا يفترض أن يتم في ظروف مقبولة وليس في ظل حكومة تصريف أعمال وعلى خلفية الاشتباكات السياسية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.