مدّد مجلس الأمن ليلة أول من أمس، مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء «مينورسو» لمدة عام، وسط جو من «الإحباط» في صفوف جبهة «بوليساريو» و«ارتياح» لدى المغرب.
وأعدت واشنطن مشروع القرار، الذي يمدد لمدة 12 شهراً مهمة «مينورسو»، وهو القرار الذي نال تأييد 13 صوتاً في مجلس الأمن، فيما امتنعت روسيا وجنوب أفريقيا عن التصويت.
وجدد مجلس الأمن الإعراب عن «قلقه» إزاء انتهاكات جبهة «بوليساريو» للاتفاقات العسكرية في الصحراء، وأمر الجبهة باحترام «التزاماتها»، التي قطعتها في هذا الصدد أمام المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة هورست كوهلر.
كما جدد مجلس الأمن التأكيد في قراره رقم 2494 الذي تم اعتماده بأغلبية ساحقة، «أهمية الاحترام الكامل لمقتضيات هذه الاتفاقات العسكرية من أجل الحفاظ على زخم العملية السياسية في الصحراء»، مستحضراً «الالتزامات التي قدمتها جبهة (بوليساريو) للمبعوث الشخصي السابق»، مبرزاً أن الاتفاقات العسكرية المبرمة مع بعثة «مينورسو» بشأن وقف إطلاق النار «يتعين أن تُحترم بشكل تام»، ودعا الأطراف إلى «الالتزام الكامل بها، والوفاء بالتزاماتها تجاه المبعوث الشخصي السابق، والامتناع عن أي عمل من شأنه تقويض المفاوضات، التي تقودها الأمم المتحدة، أو زعزعة استقرار الوضع في الصحراء».
في غضون ذلك قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، عقب صدور قرار مجلس الأمن، إنه باعتماد القرار 2494، أكد مجلس الأمن، ومن خلاله كل المجموعة الدولية، على ثلاث رسائل مهمة هي: تأكيد أن مسلسل الموائد المستديرة (جنيف) هو الإطار الوحيد للوصول إلى حل سياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. أما الرسالة الثانية فتتمثل في العودة إلى تمديد مهمة «مينورسو» لمدة 12 شهراً، وهي إشارة قوية من مجلس الأمن على تشبثه بضمان الهدوء للمسلسل السياسي، وضرورة الأخذ بالاعتبار السياق الإقليمي، الذي يستلزم مزيداً من الوضوح والرؤية ليكون في مقدور مختلف الفاعلين المشاركة الكاملة، بكل مسؤولية في البحث عن حل سياسي.
وبخصوص الرسالة الثالثة للقرار، ذكر بوريطة أنها تتعلق بالحفاظ على مكاسب المغرب، بل تقويتها، حيث جدد القرار تأكيد أولوية مبادرة الحكم الذاتي، والدعوة إلى إحصاء سكان مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر). كما كرر تحذيراته إلى جبهة «بوليساريو» بالامتناع عن القيام بأي عمل استفزازي من شأنه زعزعة المسلسل الأممي.
وعلى أثر تبني هذا القرار، الذي يأتي عشية الاحتفال بالذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، قال بوريطة إن الرباط تجدد تشبثها بالمسلسل السياسي في إطار الضوابط التي حددها الملك محمد السادس، وهي أنه لا لأي حل لقضية الصحراء المغربية خارج الحكم الذاتي واحترام سيادة المغرب، ولا لأي مسلسل دون الانخراط الكامل والمسؤول للأطراف كافة، ولا لأي إطار خارج إطار الأمم المتحدة، ولا للمناقشات حول قضايا جانبية، أو تلك التي تدرج من أجل التسخير السياسي.
من جهته عبّر سيدي عمر، ممثل «بوليساريو» لدى الأمم المتحدة، في تصريح للصحافيين قبيل التصويت، عن «أسفه» لعودة مجلس الأمن لعمله المعتاد، بقوله: «نأسف بشدة أننا فقدنا الزخم الذي تحقق في الأشهر الـ18 الأخيرة».
واستؤنفت المفاوضات بين المغرب وجبهة «بوليساريو» والجزائر وموريتانيا، برعاية الأمم المتحدة في سويسرا في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بعد توقف دام 6 سنوات. وفي أواخر مارس (آذار) الماضي انتهت الجولة الثانية من المفاوضات دون تحقيق أي اختراق. وعقب استقالة المبعوث الأممي كوهلر في مايو (أيار) لم تعيّن الأمم المتحدة مبعوثاً جديداً إلى الصحراء.
وبعد التصويت على قرار تمديد مهمة البعثة الأممية في الصحراء دعت الولايات المتحدة إلى تعيين مبعوث جديد «في أقرب وقت ممكن». فيما ناشد ممثل «بوليساريو»، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تعيين مبعوث جديد، وقال إن المغرب «طرح على الطاولة مجموعة من الشروط المسبقة، حدّت من نطاق المرشّحين المحتملين».
وتفضل الرباط مبعوثاً أممياً لا يكون من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وذلك في إشارة ضمنية إلى أنها لا تريد مبعوثاً أميركياً بعد المصاعب التي وجدتها مع جيمس بيكر وكريستوفر روس.
وقال عمر إن الجبهة فقدت تقريباً الثقة بهذه العملية، مضيفاً أنها ستتخذ أواخر ديسمبر المقبل قراراً حول الاستمرار في المفاوضات من عدمه، معتبراً أن خطر استئناف النزاع قائم.
تجدر الإشارة إلى أن الاختلاف الوحيد بين قرار تمديد مهمة البعثة الأممية الجديد والقرارات السابقة هو المدة التي أصبحت عاماً، بدلاً ستة أشهر. وقال مسؤول أميركي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن السبب في ذلك هو شغور منصب المبعوث الأممي إلى الصحراء، معتبراً أن تعيين مبعوث جديد وإعادة إحياء العملية السياسية يتطلّب وقتاً.
وكان نيكولاس دي ريفيير، السفير الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، قد جدد التأكيد أول من أمس أمام مجلس الأمن، على أن المخطط المغربي للحكم الذاتي يعد «أساساً جدياً وذا مصداقية» لاستئناف الحوار من أجل إيجاد تسوية نهائية لقضية الصحراء.
وقال عقب اعتماد مجلس الأمن للقرار 2494 إن «فرنسا تعتبر أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007 أساس جاد وذو مصداقية للمحادثات، بهدف استئناف الحوار».
ورحب السفير الفرنسي بالعودة إلى ولاية مدتها سنة واحدة»، والتي يجب أن تظل هي القاعدة في مجال حفظ السلام، مشيراً إلى أن من شأن ذلك أن «يضمن الاستمرارية ووضوحاً أكبر في الرؤية».
كما ذكّر الدبلوماسي بدعم بلاده «الكامل» لجهود الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى «حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف» لنزاع الصحراء، وفقاً لقرارات مجلس الأمن.
مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» في الصحراء عاماً
عبّر عن قلقه إزاء انتهاكات «بوليساريو» للاتفاقات العسكرية
مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» في الصحراء عاماً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة