موظفو المصارف يعملون اليوم وأبوابها مفتوحة للزبائن من الغد

البنك المركزي يلعب دوراً محورياً في التحكم بالسيولة النقدية

موظفو المصارف يعملون اليوم وأبوابها مفتوحة للزبائن من الغد
TT

موظفو المصارف يعملون اليوم وأبوابها مفتوحة للزبائن من الغد

موظفو المصارف يعملون اليوم وأبوابها مفتوحة للزبائن من الغد

وسط تدهور غير مسبوق في أسعار الأوراق المالية اللبنانية، بقيادة سندات الدين الحكومية المصدرة بالعملات الأجنبية، ارتفعت وتيرة التنسيق بين المرجعيات المالية والمصرفية، بهدف اعتماد إجراءات تضمن استباق وإدارة التعامل مع التحديات المرتقبة عند معاودة نشاط المؤسسات المصرفية وسوق المال والبورصة.

وأكد مسؤول مصرفي كبير لـ«الشرق الأوسط» أن التعاملات الخارجية لا تعكس كامل المعطيات الموضوعية، أولاً كونها تتم ضمن محفظة تمثل حصة الأجانب، التي تناهز 30 إلى 35 في المائة من القيمة الإجمالية للسندات، البالغة نحو 29 مليار دولار، وثانياً لأن العرض لم يتحول إلى موجة جارفة، بل جرت عمليات غير كبيرة تحت عامل التخوف من التطورات الداخلية والمتوجة باستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري. بينما ثمة استثمارات في المحفظة تم تخطيطها إلى حين استحقاقها الطبيعي.
ويلفت إلى أن تطمين الأسواق الداخلية أو الخارجية يبدأ من المسار السياسي الداخلي، وعنوانه الأبرز حالياً بدء الاستشارات النيابية وحصيلتها في تسمية المرشح الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة الجديدة.
ويشدد المسؤول المصرفي على ضرورة بلورة توجهات واضحة، والخروج من حال الضبابية الكثيفة التي تحجب الرؤية الموضوعية. وكما أدت استقالة الحريري إلى تخلي مستثمرين أجانب عن السندات اللبنانية، فإن إعادة تكليفه شخصياً أو بالتوافق معه سيعكس الترقبات تلقائياً، ولا سيما أنه قاد عملية إحالة مشروع الموازنة العامة للعام 2020 إلى المجلس النيابي بتخفيض العجز المرتقب إلى نسبة 0.67 في المائة فقط، معززة بورقة عمل اقتصادية ترمي إلى تعجيل عدد من الإصلاحات القانونية والإدارية والمالية الحيوية، إضافة إلى الروابط المعنوية والنوعية بمؤتمر «سيدر» الذي وعد لبنان ببرنامج قروض ميسرة تناهز 11 مليار دولار.
ويتوقع المسؤول المصرفي استعادة توازن الأسواق، بدءاً من أول الأسبوع المقبل، بعيد إعادة النشاط إلى السوق المالية المحلية. ومن البديهي أن يتولى البنك المركزي، بدعم من جمعية المصارف، دوراً محورياً في استعادة الضبط المالي والتحكم بالسيولة بالليرة وبالعملات خلال فترة التكليف وتأليف الحكومة المقبلة. كما سيحرص القطاع المالي على حثّ المسؤولين على تسريع مراحل هذا الاستحقاق، منعاً لمزيد من الانحدار الذي ينذر بكوارث اقتصادية ونقدية.
وبدا من خلال تواصل «الشرق الأوسط» مع مصرفيين مشاركين بفعالية في هذه الجهود، أن ثمة تهيباً من توجهات المودعين والمتعاملين مع المصارف، ما اقتضى التوافق على البدء بإنجاز التحضيرات الداخلية وإتمام الأعمال اللوجستية الأساسية، قبل فتح أبواب المصارف أمام الزبائن. وبالفعل تلقى موظفو البنوك إشعارات عبر البريد الإلكتروني والرسائل الهاتفية بمزاولة أعمالهم اليوم (الخميس)، على أن يتم استئناف النشاط العادي يوم غد (الجمعة)، وفقاً لتأكيد المسؤول المصرفي الكبير.
ومن الواضح أن المصارف ستكون في كامل استعدادها لتلبية السحوبات المحتملة من الودائع. وقد تم فعلاً التزود بسيولة استثنائية من احتياطاتها ما قبل الإقفال ومن البنك المركزي. ويتم الإيعاز للموظفين بعدم تأخير أي طلب سحب ضمن المواصفات المعهودة لجهة الاستحقاق الفعلي للوديعة. وثمة حرص على عدم المس بأي من قواعد السوق، وعلى إدارة كل مصرف وضع المواصفات الخاصة به لإتمام أي عمليات تحويل من الليرة إلى العملات الأجنبية ضمن الهامش الذي يحدده «المركزي». علماً بأن أغلب المصارف يربط أصلاً «قبل الإقفال» أي عملية تحويل بتجميد الوديعة لفترة معينة، ويرفض إجراء عمليات تحويل فورية عبر البنكنوت، أي النقد الورقي بالدولار.
ويقرّ المصرفيون بإمكانية حصول موجات طلب كبيرة على السحوبات في الأيام الأولى لمعاودة النشاط. ولذا كان القرار بتمديد ساعات الدوام في اليومين الأولين. لكن الوقائع السابقة والسحوبات الكثيفة عبر أجهزة الصرف الآلي أفضت إلى سيولة هائلة، ربما تزيد عن 3 إلى 4 مليارات دولار في الخزائن الشخصية ومنازل المواطنين. كما أن الإقفال المصرفي الأطول في تاريخ لبنان تسبب بوجود فوائض سيولة بالليرة وبالدولار لدى التجار في كل القطاعات الاستهلاكية. وبذلك يمكن ترقب موجة عكسية لتدفق السيولة مجدداً إلى المصارف، وتالياً استعادة التوازن في إدارة السيولة النقدية.
وتصدرت هذه الموضوعات جدول أعمال اجتماع أمس بين حاكمية مصرف لبنان المركزي، برئاسة رياض سلامة، وجمعية المصارف، برئاسة سليم صفير، ثم حضرت لاحقاً في اجتماع مجلس إدارة الجمعية. وبرز توافق على ضرورة الاستمرار بضخّ السيولة النقدية عبر أجهزة الصرافات الآلية، ورفع سقوف السحوبات بحد أدنى يبلغ مليون ليرة يومياً، والحد من قيود العمليات التي تمنع العملاء من السحب من كل الأجهزة الآلية، وطمأنة المودعين، من خلال مراكز خدمات الزبائن، إلى حقوقهم وتمكينهم من التصرف بها كما يشاؤون وفقاً لتواريخ استحقاقها.
ولاحقاً، أكد بيان للجمعية أن مجلس الإدارة قرر أن تعاود المصارف العمل الطبيعي ابتداءً من يوم غد (الجمعة)، وأنه نظراً لتراكم العمل بسبب الإقفال، تقرّر تمديد دوام عمل المصارف يومي الجمعة والسبت إلى الخامسة بعد الظهر. علماً بأن المصارف ستستمرّ اليوم (الخميس) في توفير مروحة خدماتها للزبائن، عبر الصيرفة الإلكترونية، كما سيكون مخصّصاً للأعمال الداخلية بغية إنجاز الأعمال المتراكمة والتحضير لمباشرة استقبال الزبائن، بدءاً من صباح غد (الجمعة).



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».