إقالة عبد المهدي تدخل سيناريو الشد والجذب بين الفرقاء السياسيين

جلسة للبرلمان اليوم... ورئيس الوزراء يشترط لحضورها بثّها على الهواء في ساحة التحرير

متظاهرون يلوحون بالأعلام العراقية في بغداد أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يلوحون بالأعلام العراقية في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

إقالة عبد المهدي تدخل سيناريو الشد والجذب بين الفرقاء السياسيين

متظاهرون يلوحون بالأعلام العراقية في بغداد أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يلوحون بالأعلام العراقية في بغداد أمس (أ.ف.ب)

لا يزال مصير رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، معلقاً بين أيدي شركائه في البرلمان الذين يناقشون سحب الثقة منه، مع اتساع الاحتجاجات في الشارع، الذي يواصل المطالبة بـ«إسقاط النظام بأكمله»، متجاهلاً التحركات السياسية المتفاعلة، بعد مقتل 240 شخصاً في المظاهرات وأعمال العنف.
وباحتشادهم في ساحة التحرير في بغداد وفي مدن جنوبية عدة، كسر العراقيون على مدى الليلتين الماضيتين حظر التجول، وهم يراقبون المناورات السياسية، مؤكدين في الوقت نفسه أنهم لن يقبلوا بأقل من رحيل جميع المسؤولين.
الليلة قبل الماضية، قال هادي العامري، زعيم تكتل الفتح، الذي أيّد عبد المهدي من قبل، إنه يوافق على «العمل مع» الزعيم الشيعي المؤثر مقتدى الصدر، الذي يدعو منذ أوائل الشهر الحالي إلى استقالة الحكومة، لكنه لم يضع أي سيناريو معين للإقالة من عدمها، وهو ما فسره المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد، أن كتلة الفتح ما زالت داعمة لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
وحثّ مقتدى الصدر أمس، العامري على التحرك لإسقاط الحكومة، لتجنب «تحويل العراق إلى سوريا أو اليمن»، وهما دولتان تحولت فيهما التمردات ضد السلطة إلى حرب أهلية. وكان رئيس الجمهورية برهم صالح قد عقد مشاورات ليل الثلاثاء، الأربعاء، مع العامري ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لمناقشة مسألة استقالة رئيس الوزراء، بحسب ما قال مصدر حكومي عراقي لوكالة الصحافة الفرنسية.
وكان البرلمان قد دعا عبد المهدي للحضور إلى البرلمان «فوراً»، لما قد يتحول إلى جلسة مساءلة وتصويت على سحب الثقة، بحسب ما أكده كثير من النواب. ولم يعرف بعد ما إذا كان البرلمان العراقي سيوافق خلال جلسته المقررة اليوم على الشرط الذي وضعه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لحضور جلسات المجلس، وهو بثّها علناً عبر شاشات عملاقة في ساحة التحرير، المقرّ الرئيس للمظاهرات في العراق.
فيما دخلت مسألة إقالته أكثر سيناريوهاتها تعقيداً، بعد أن تمكن عبد المهدي من نقل الكرة إلى ملعب زعيمي كتلتي «سائرون» مقتدى الصدر، و«الفتح» هادي العامري، بشأن ما إذا كان بإمكانهما الاتفاق على بديل له يتيح له الاستقالة بهدوء.
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي عن «كتلة سائرون» برهان المعموري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إقالة رئيس الوزراء بالطرق الدستورية، عبر قبة البرلمان، لن تتم إلا باستعراض الأدلة... وفي هذا السياق فإن الأدلة متوفرة، ولا سيما أن هناك أعداداً كبيرة من الشهداء سقطوا خلال المظاهرات، وهذه وحدها كافية لإدانته، لأن إراقة الدماء قضية لا يمكن التهاون بشأنها». وأضاف المعموري أن «الجانب الآخر للاستقالة هو تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية، وهي نتيجة طبيعية للحراك الجماهيري في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، وهي كفيلة بتوفير الضغوط الكافية لتقديم الاستقالة»، كاشفاً أن «هناك من لا يزال يدفع عادل عبد المهدي رئيس الوزراء باتجاه عدم تقديمه استقالته، وهو أمر خطير، لأننا لا يمكن أن نساوم على الدماء التي سالت، وهو ما يتطلب منه أن يقدر المصلحة العليا للبلاد بنفسه».
إلى ذلك، أكد رئيس تيار الحكمة الوطني، عمار الحكيم، أن «المظاهرات حق دستوري وقانوني ثابت، وهي أحد مقومات النظام الديمقراطي، وأهم أدوات تصحيح المسار». ودعا الحكيم، بحسب بيان لمكتبه خلال استقباله السفير البريطاني في بغداد، جون ويلكس، المنتهية مهامه، «الأجهزة الأمنية إلى تحمل مسؤوليتها في الحفاظ على أمن المتظاهرين والممتلكات العامة والخاصة وملاحقة المندسين والمسيئين للمظاهرات السلمية». وجدّد «دعوته لتحقيق المطالب العادلة للمواطنين، وتحمل الجميع لمسؤولياتهم، من حكومة ومجلس نواب وسلطة قضائية وقوى سياسية». كما دعا الحكيم، إلى «إدامة العلاقات الثنائية بين العراق والمملكة المتحدة بما يخدم مصالح الجميع». وشدد خلال اللقاء «على انفتاح الجميع، انطلاقاً من المصلحة المشتركة، فضلاً عن بحث تطورات الأوضاع ومستجداتها في العراق والمنطقة».
من جهة أخرى، وفي خطوة غير مسبوقة، دخلت ممثلة الأمم المتحدة في العراق، بلاسخرت، على خط أزمة المظاهرات. فبدلاً من إجرائها حوارات مع الزعماء السياسيين في العراق، فقد وصلت بلاسخارت بحماية بسيطة إلى ساحة التحرير، وهي تستقل عربة نقل بسيطة يستخدمها الفقراء في العراق ويطلقون عليها «التكتك»، وتنقلت وسط جموع المتظاهرين. وتأتي جولة الممثلة الأممية، بعد إدانة الأمم المتحدة لاستخدام العنف ضد المتظاهرين من قبل السلطات العراقية. وقال بيان لبعثة الأمم المتحدة إن «أكثر ما يُثير القلق هو التطورات الأخيرة في أنحاء كثيرة من العراق، ولا سيما كربلاء، الليلة الماضية، إذ تُشير تقاريرُ شهودٍ إلى استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، ما تَسبب في أعدادٍ كبيرة من الإصابات». وقالت إن «العنفَ ليس هو الحلّ أبداً، وحماية الأرواح هي الضرورة الحتمية». وأكدت المبعوثة الأممية أن «هناك حاجة ماسّة لإجراء حوارٍ وطني لإيجاد استجاباتٍ سريعة وفاعلة، ويجب أن تنتهي هذه الحلقة المُفرغة من العنف». وقالت بلاسخارت إن «الأمم المتحدة تقفُ إلى جانبِ الشعبِ العراقي، وهي مستعدة للمساعدة في هذا الحوار».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.