الموضة تستبدل بالجمال والأناقة خيارات صادمة

تصاميم تقتحم عالم الترف باسم «العملية» و«خالف تُعرف»

من عرض «فيتمون» لربيع وصيف 2019........ من عرض «غوتشي» لخريف 2018
من عرض «فيتمون» لربيع وصيف 2019........ من عرض «غوتشي» لخريف 2018
TT

الموضة تستبدل بالجمال والأناقة خيارات صادمة

من عرض «فيتمون» لربيع وصيف 2019........ من عرض «غوتشي» لخريف 2018
من عرض «فيتمون» لربيع وصيف 2019........ من عرض «غوتشي» لخريف 2018

لا يرتبط الجمال دوماً بالموضة، فللغرابة مكانتها أيضاً. هذا على الأقل ما تؤكده عروض ومبيعات دور الأزياء العالمية وكبار المصممين، ممن يحصدون كثيراً من الأرباح من وراء مفهوم «خالف تُعرف»، وفكرة أنه ليس هناك قُبح بالمطلق. اللافت في هذه الظاهرة أن الشباب تقبلوا هذه الاقتراحات بصدر رحب؛ بل وبلهفة، ولسان حالهم يقول بأنها وسيلة عصرية للتمرد على مفهوم الأناقة التقليدي.
مفهوم إخراج الجمال من رحم القُبح ليس جديداً، بقدر ما هو تحدٍّ يخوضه بعض المصممين الشباب، ممن يريدون استعراض قدراتهم. أكبر دليل على أنه ليس جديداً، يتجسد في عرض قديم لجون غاليانو، استعان فيه بأشخاص عاديين من الشارع، بعضهم بمقاسات غريبة، لا تمت للموضة بصلة. هناك أيضاً تصاميم طرحها كل من: «برادا»، و«سيلين»، و«بالنسياغا»، و«فالنتينو»، و«فندي»، وقبلهم الراحل ألكسندر ماكوين، لقت هوى في النفوس. الجديد في الأمر هو أن التحدي دخل مرحلة تجارية أكثر منها فنية، لخلق جدل فكري أو فني، بالتركيز على تصاميم، مثل صندل «كروكس»، وحقائب الخصر، أو تلك التي تُعلق على الكتف؛ لكنها بأحزمة قصيرة. تصاميم كانت تُثير التفكه أكثر من الإعجاب، على أساس أنها ترتبط بالسياح الأميركيين ممن تعدوا الخمسينات؛ لكنها تُطرح حالياً في الأسواق بأسعار باهظة. والغريب أن صغار السن يُقبلون عليها، ويُشجعون المصممين على طرح مزيد منها، بينما لا يترك أدنى شك في أن الاتجاه الحالي يتلخص في أنه كلما كان المُنتج غريباً ونشازاً، راج وانتشر على شبكات التواصل الاجتماعي.
فحقيبة الخصر من تصميم دار «غوتشي»، مثلاً، تُشكل ما يقرب من ربع إجمالي مبيعات حقائب الحزام على موقع «نيت أبورتيه». كما بيعت جميع منتجات «بالنسياغا» من الأحذية الرياضية السميكة في غضون ساعات. وهو ما يطرح عدة أسئلة، يجيب عنها البعض بأنها قد لا تتمتع بأي نوع من الجمال المتفرد، ولكنها عملية ومريحة، والأهم من هذا تلفت الأنظار، مثل أحذية «آغ» (Ugg) و«بيركنستوك» (Birkenstocks) و«كروكس» (Crocs). أي تصاميم كانت إلى الأمس القريب ضمن لائحة المنتجات «القبيحة» في عالم الموضة؛ لكنها تسللت إليها من باب الراحة والعملية، وأيضاً من باب شبكات التواصل الاجتماعي. وتأكيداً على ذلك، تكشف الأرقام أن إيرادات أحذية «آغ» تجاوزت 400 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2017، بينما تشهد أحذية «كروكس»، ومقرها ولاية كولورادو، ارتفاعاً في نسبة أرباحها قارب ملياراً إلى 1.2 مليار دولار سنوياً منذ عام 2011.
من ناحية أخرى، فإن صيحات الموضة تمر في دورات، لذلك فإن التي كانت مرفوضة من قبل تُصبح مقبولة من قِبل جيل آخر. فرغبة المستهلك في الجديد مفهومة، سواء كانت باستعمال حقيبة كحزام، أو بانتعال الأحذية الرياضية، وغيرها. المهم أن تلبي طلب المستهلك للراحة، وأيضاً لالتقاط صور يمكنهم عرضها عبر «إنستغرام» وشد الانتباه. في الماضي، وبالنسبة للجيل السابق، كان أحد عناصر جذبها يكمن فيما تمنحه من راحة، وأيضاً في أسعارها الرخيصة بالمقارنة مع غيرها؛ لكن شتان بين ما كانت عليه بالأمس وبين ما هي عليه اليوم، حين أصبح حذاء «كروكس» بتوقيع أي دار أزياء كبيرة يقدر بمئات الدولارات. واحد بتوقيع المصمم كريستوفر كاين، يباع بسعر 475 جنيهاً إسترلينياً (623 دولاراً) بينما يمكن أن تصل أسعار تصاميم مماثلة من بيوت أزياء أخرى إلى 600 جنيه إسترليني (791 دولاراً).
فالذكاء التجاري الذي برهن عليه صناع الموضة، هو نقل منتج كان يتعارض مع الموضة الراقية إلى منتج يُقبل عليه مواكبو الموضة وصرعاتها. ويجمع أغلب المراقبين على أن الأحذية تكون غالباً المدخل إلى عالم الأزياء «القبيحة». فالتعاون بين ماركة «فيتمون» و«ريبوك» مثلاً نتجت عنه أحذية رياضية تبدو أشبه بكائنات «معدلة وراثياً»، مع العلم بأن أحذية «بالنسياغا» الرياضية - المصنوعة باستخدام قوالب مأخوذة من أحذية الركض وكرة السلة والأحذية الرياضية – نفدت من على موقع «ستايل بوب.كوم» في غضون ساعات من طرحها، وهو ما يندر حدوثه في مجال الأحذية عموماً، حتى لو كانت من «كريستيان لوبوتان» أو «مانولو بلانيك»، وغيرهما.
وربما يُجسد «بيركنستوك» فكرة تحول القطع الشاذة في مجال الموضة إلى الصيحات الأكثر رواجاً. وكان هذا المد قد بدأت بوادره في الظهور عام 2012، بفضل الرؤية التي طرحتها فيبي فيلو في «سيلين»، واستلهمتها من تصاميم عملية أضفت عليها هندسية وابتكاراً تقبلته المرأة بسهولة. وقد نجحت «بيركنستوك» في استغلال هذا الأمر منذ ذلك الحين، بطرح إصدارات تشمل صنادل زينت وجوهها بجلود البقر، ونعالها من الفراء المبطن، وما شابهها. نسخة «بالنسياغا» التي تأتي باللونين الوردي والأصفر الفاقع، ومغطاة بدبابيس الزينة، مع نعل عملاق بطول 10 سنتيمترات، شُبهت بدمية «ميمي» بسبب غرابتها؛ لكنها نجحت في التسويق لنفسها. ويعتبر نجاحها دليلاً على أن الاتجاه مستمر. خلال العام الماضي، زادت العلامة التجارية إيراداتها ثلاث مرات إلى 750 مليون يورو (800 مليون دولار).
في العام الماضي، كشفت «بروجيكت بوكس» (Project Box) عن طرحها طرزاً محدودة الإنتاج. وعندما وصلت إلى «بارنيز» في نيويورك، جذبت آلاف العملاء الجدد إلى المتجر، وكان 30 في المائة من زوارها عملاء جدداً لـ«بارنيز». وعلى ما يبدو فإن أبناء الألفية الجديدة في نيويورك أو لندن يميلون إلى التصاميم نفسها التي ينجذب إليها مدرس يبلغ من العمر 60 سنة في ألمانيا. الفرق أنها في حالتهم تكتسب مظهراً يُعبر عن الموضة.
يقول المصمم كريستوفر كاين، الذي يتعاون مع الشركة منذ موسم ربيع وصيف 2017: إنه لا يشكك في أن «أحذية (كروكس) قبيحة؛ لكنها في الوقت ذاته رائعة بما تُوفره من راحة، وهذا هو بيت القصيد. وما يعجبني أنها لم تصمم لتلائم الأغنياء أو السيدات فقط. فها هي أختي ترتديها في حديقتها، وغيرها يرتديها في العواصم العالمية». ويشير كاين إلى أن تعاون «بالنسياغا» مع شركة «كروكس» سيجعل هذه الأحذية مقبولة.
يأتي حذاء «كروكس» الذي صممه كاين مع قطع أكسسوار قابلة للإزالة، وبأحجار متألقة على شكل دبابيس زينة، توضع على الجزء العلوي من المطاط، مثل الأقراط. وهذا الموسم ابتكر أيضاً نسخة مبطنة بالفراء تُباع حالياً على موقع «فارفيتش» (Farfetch). وهو ما قال إنه شجعه على إعادة تقديمها في تشكيلاته الأربع الأخيرة. ولا تعتبر هذه الموضة الوحيدة التي كان لكريستوفر كاين دور في رواجها بين الشباب، فقد سبق وأن أثار المصمم ضجة عام 2011، عندما طرح هذا التصميم لأول مرة على أساس أنه تصميم خاص بحمامات السباحة. وبالنسبة للبعض كان يجب ألا يخرج منها عوض الدخول إلى عروض الأزياء. وعن هذا قال كاين: «تعرضت لانتقادات كثيرة لنقلي هذه الأحذية إلى عالم الموضة الفاخرة.
اليوم، تطرح كل علامة تجارية كبرى طرازاً خاصاً بها من هذه الصنادل».
وعلى الرغم من عدم تأكيد «كروكس» ما إذا كانت مشروعات التعاون مع كاين قد عززت المبيعات؛ لكنها فتحت بالتأكيد أبواب البيع بالجملة في متاجر التجزئة التي تركز على الموضة، مثل «فارفيتش»، و«ماتشزفاشن.كوم» وغيرها من المواقع، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة للنمو. بالنسبة لشركة «كروكس» فإن التعاون مع مصممي الأزياء يُفيدها بخلق إثارة هي في أمسِّ الحاجة إليها، بعد أن كانت شريحة زبائنها محدودة للغاية، ولا علاقة لهم بالموضة.
أما في مجال الأزياء، فلا تزال سراويل الجينز عالية الخصر وبقصة الأرجل المستقيمة، تتصدر قوائم التسوق للمستهلكين. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى الحنين إلى الماضي. فكثير من الفتيات يشترين جينز «ليفي 501» الرجالي العتيق، الذي ابتكره ليفي ويدجيه جان منذ عقود. فقد تبين لهن أنه أفضل تصميم يتماشى مع أحذية الـ«بلاتفورم» العالية.
كانت دار «فيتمون» أيضاً ذكية في هذا المجال، فبنطلون الجينز المعدني المصنوع من زوجين من سراويل «Levi’s» القديمة التي تشتريها العلامة التجارية مقابل 30 يورو يباع في متاجر التجزئة بأكثر من 1000 جنيه إسترليني (1319 دولاراً). وحظي التصميم بشهرة كبيرة للغاية لدرجة أن الدار خصصت فريقاً لتوريد السراويل القديمة.
أما فيما يتعلق بحقائب الخصر، فهي دليل آخر على الحنين إلى الماضي. وهي الآن مفضلة لمرتادي المهرجانات والاحتفالات لعمليتها. في الوقت الحالي يملك موقع «أسوس» للتسوق الإلكتروني، أكثر من 100 إصدار، وذروة المبيعات تكون خلال أشهر الصيف، كونها مناسبة للسفر. وبالمثل، كان البحث عن هذا التصميم على موقع «غوغل»، الأكثر تكراراً ليصل إلى أعلى مستوى له هذا العام؛ خصوصاً بعد أن أعادت كل من «أوف وايت» و«غوتشي» تصميمها، مستعينة بالأقمشة الفخمة التي تشمل الجلد والحرير. ونتيجة لنجاحها، تُوفر «غوتشي» على موقعها أكثر من 20 تصميماً منها. ففي عالم تحكمه الصور وشبكات التواصل الاجتماعي، يُشكل كل ما هو غريب ولافت منتجاً مرغوباً؛ لأن أي دعاية حتى وإن كانت سلبية، أفضل من لا دعاية.



ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
TT

ميغان ماركل وكايلي جينر والصراع على المرتبة الأولى

بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)
بين ميغان ماركل وكايلي جينر قواسم مشتركة وفوارق عديدة في الوقت ذاته (أ.ف.ب)

ما الذي يمكن أن يجمع دوقة ساسكس، ميغان ماركل وكايلي جينر، صُغرى الأخوات كارداشيان؟ فالأولى ترتبط بالعائلة المالكة البريطانية بحكم زواجها من الأمير هاري، والثانية تنتمي إلى عائلة بَنَتْ شهرتها على تلفزيون الواقع. خبراء الموضة يجيبون بأن هناك فعلاً مجموعة من القواسم المُشتركة بينهما؛ فإلى جانب الجدل الذي تثيرانه لدى كل ظهور لإحداهما، بسبب ما تُمثلانه من ثقافة يرفضها بعض الناس ويدعمها بعضهم الآخر، فإن تأثيرهما على صناعة الموضة من الحقائق التي لا يختلف عليها اثنان. ما تلبسه ميغان يتصدر العناوين وصفحات المجلات البراقة وقد ينفد من المحلات، وما تنشره كايلي جينر على صفحاتها ينتشر انتشار النار في الهشيم، في دقائق، ويلهب رغبة متابعاتها في الشراء.

كايلي في فستان «فريز» من «غالفان» (خاص) وميغان في حفل بلوس أنجليس (أ.ب)

وهذا ما يجعل المصممين لا يمانعون ظهورهما بتصاميمهم، بغض النظر عما إذا اتفقوا مع الثقافة التي ترتبط بهما أم لا، على أساس أنه مهما وصلت نسبة الجدل والانتقادات؛ فهي نافعة تعود عليهم بالربح. أو، على أقل تقدير، تسلِّط الضوء عليهم.

في عام 2018، ظهرت كل منهما بفستان مستوحى من «التوكسيدو» باللون نفسه، ومن الماركة النيوزيلندية نفسها، ماغي مارلين. ظهرت به ماركل في زيارتها الرسمية لأستراليا ونيوزيلندا رفقة زوجها الأمير هاري، من دون أكمام، بعد أن طلبت من المصممة تعديله خصيصاً لها. كايلي، وبعد مدة قصيرة، ارتدته كما هو بأكمام، الأمر الذي يشي بأنها اشترته جاهزاً. في الحالتين، أسعدتا المصممة ماغي هيويت، التي تغنَّت بهما على صفحتها بالصورتين معبرة عن إعجابها بالشخصيتين؛ خصوصاً أن المبيعات زادت بشكل ملحوظ.

الجانب التجاري

لكن هناك أيضاً اختلافات بينهما؛ فكايلي تستفيد مادياً وترويجياً، لأنها تتلقى مبالغ طائلة لقاء منشور واحد، على العكس من ميغان التي لا تستطيع ذلك، لحد الآن على الأقل، لدواعي الحفاظ على صورة راقية تعكس لقبها كدوقة بريطانية، مع العلم بأن هذا اللقب لم يمنعها من دخول مضمار أعمال تجارية لم تحقق النجاح الذي تطمح إليه.

تغريدة واحدة من كايلي جينر تحقق ما لا يحققه عرض بكامله من ناحية تسليط الأضواء (رويترز)

في المقابل، فإن كايلي جينر، ورغم سنها الغضة، تجاوزت في فترة من الفترات حاجز المليار دولار لتُصبح واحدة من أصغر سيدات الأعمال بفضل علامتها «كاي (KHY)» لمستحضرات التجميل والعناية بالبشرة. أكدت، منذ بدايتها، أن الحس التجاري يجري في دمها؛ إذ شقت لنفسها خطأً مختلفاً عن أخواتها، ربما لأنها كانت تعرف أن منافستهن صعبة. ما نجحت فيه أنها استغلَّت اسم العائلة وشهرة أخواتها لتخاطب بنات جيلها بلغة تُدغدغ أحلامهن وطموحاتهن. وسرعان ما أصبحت نجمة قائمة بذاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. تغريدة واحدة منها يمكن أن تغير مسار علامة تماماً.

زِيّ من ماركة «ألتوزارا» الأميركية ظهرت بها خلال مناسبة خاصة بالصحة النفسية والعقل اعتبره كثيرون غير مناسب للمكان والزمان (رويترز)

ميغان ماركل، رغم استثماراتها ومغازلتها صُنَّاع الموضة، لا تزال تستمد بريق صورتها من ارتباطها بالأمير هاري. على المستوى الربحي، لم تنجح في أن تنتقل من رتبة مؤثرة إلى درجة سيدة أعمال، كما لم تنجح في كسب كل القلوب، وهذا ما يجعل شريحة مهمة ترفض وصفها بأيقونة موضة، وتصف اختياراتها بـ«غير الموفقة». هذه الشريحة تستشهد إما بارتدائها تصاميم بمقاسات أكبر أو أصغر من مقاسها الحقيقي، أو تصاميم من ماركات عالمية لا تناسب شكلها أو طولها، وهلمّ جرّا.

ميغان ماركل رغم تأثيرها تثير كثيراً من الجدل بين رافض ومعجب (كارولينا هيريرا)

بيد أن قوتها، بالنسبة للمعجبات بها، كانت، ولا تزال، تكمن في عيوبها؛ فلأنها لا تتمتع بمقاييس عارضات الأزياء، ولا تشبه «كنَّتها»، أميرة ويلز، كاثرين، رشاقةً وطولاً، فإنها تُعبِّر عنهن. كل فتاة أو امرأة، بغض النظر عن عيوبها ومقاييسها، ترى نفسها في إطلالاتها. فعندما ظهرت بصندل من شركة «كاستنر» الإسبانية مثلاً ارتفعت مبيعاتها بنسبة 44 في المائة مباشرة، لأنها خاطبت شرائح من الطبقات المتوسطة، نظراً لأسعارها المعقولة. علامات محلية كثيرة لم تكن معروفة اكتسبت عالمية بمجرد أن ظهرت بها، لا سيما في السنوات الأولى من زواجها، حين كانت بالنسبة للبعض بمثابة «سندريلا» معاصرة. ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على علامة «Club Monaco»، بعد ظهورها بفستان مستوحى من القميص، أي بإزار من الصدر إلى الأسفل، حين ظهرت به أول مرة خلال زيارتها الرسمية لجنوب أفريقيا.

لم يكن التصميم ثورياً أو جديداً، لكنه فتح عيون المرأة عليه، ليزيد الإقبال عليه بنسبة 45 في المائة وينفذ من الأسواق خلال 24 ساعة. كان لها نفس التأثير الإيجابي على علامات مثل «جي كرو» و«جيفنشي» و«ستيلا ماكارتني» وغيرهم. منصة «ليست»، وهي أيضاً شركة تسوُّق أزياء عالمية تربط العملاء بتجار تجزئة الأزياء رشحتها «كأهم مؤثرة لعام 2018». بيد أن تأثيرها ظلَّ مستمراً حتى بعد خروجها من المؤسسة البريطانية في عام 2020، وإن خفَّ وهج صورتها بعض الشيء.

البحث عن الجاكيت الذي ظهرت به ميغان في ألمانيا لدى حضورها ألعاب «إنفيكتوس» عطل موقع «جي كرو» (رويترز)

موقع «جي كرو» مثلاً تعطَّل في سبتمبر (أيلول) 2023، بسبب البحث عن سترة بيضاء ظهرت بها لدى مرافقتها زوجها، الأمير هاري، إلى ألمانيا، لحضور ألعاب «إنفيكتوس».

ولأنها باتت تَعرِف قوة تأثيرها على الموضة، استثمرت مؤخراً في علامة «سيستا كوليكتيف»، وهي علامة حقائب تصنعها نساء من رواندا، وتكتمل تفاصيلها في إيطاليا، لتحمل صفة «صُنع باليد». قالت إنها اكتشفتها بالصدفة وهي تقوم بعملية بحث عبر الإنترنت على حقائب مستدامة. ظهرت بالحقيبة أول مرة في مايو (أيار) من عام 2023 لدى حضورها حفل عشاء مع كل من غوينيث بالترو وكاميرون دياز في لوس أنجليس.

عروض الأزياء العالمية

ومع ذلك، لم نرَ ميغان ماركل بأي عرض أزياء في نيويورك أو في باريس أو ميلانو حتى الآن، باستثناء حضورها في عام 2018 حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية ضيفةَ شرفٍ لتقديم جائزة العام لمصممة فستان زفافها، كلير وايت كيلر، التي كانت مصممة «جيفنشي» آنذاك. لكن كان هذا حفلاً وليس عرض أزياء.

اختتمت عرض «كوبرني» كسندريلا في فستان من التافتا أسود (رويترز)

كايلي جينر، ورغم رفض الثقافة التي تمثلها هي وأخواتها من قبل شريحة مهمة، أصبحت في السنوات الأخيرة وجهاً مألوفاً في عروض باريس. تُستقبل فيها استقبال نجمات الصف الأول. في الموسم الماضي، وخلال «أسبوع باريس لربيع وصيف 2025»، سجَّلَت في 3 ظهورات لها فقط ما يوازي ما قيمته أكثر من 20.3 مليون دولار، حسب بيانات «إنستغرام» وحده، إذا أخذنا أن «لايك» واحداً يساوي دولاراً.

لهذا ليس غريباً أن يتهافت عليها المصممون. نعم، هي مثيرة للجدل وأسلوبها لا يروق لكل الزبونات، لكنها في آخر المطاف توفر المطلوب من ناحية تسليط الضوء عليهم. ففي عالم الموضة والتجارة «أي دعاية حتى وإن كانت سلبية هي دعاية مجدية وأفضل من لا شيء». لم يقتصر حضورها في الموسم الباريسي ضيفةً فحسب، بل عارضة في عرض «كوبرني» المستلهم من عالم «ديزني». كانت هي مَن اختتمته في فستان من التافتا بإيحاءات قوطية تستحضر صورة «سندريلا».

تأثير إيجابي

3 مقاطع فقط من فيديو العرض، ولقطات من خلف الكواليس حققت 14.4 مليون مشاهدة؛ ما جعل علامة «كوبرني» تحقق 66 في المائة من إجمالي قيمة التأثير الإعلامي. كانت مشاركتها مخاطرة، لكنها أعطت ثماراً جيدة حسب تصريح الدار. تجدر الإشارة إلى أن «كوبرني» لمست تأثيرها القوي في عام 2022، عندما ظهرت في دعاية لمستحضرات التجميل الخاصة بها، وهي تحمل حقيبة من «كوبرني». ما إن نُشرت الصور، حتى زادت مبيعات الحقيبة بشكل كبير. في عرض الدار لخريف وشتاء 2023. لم تتمكن كايلي من الحضور إلى باريس، لكنها لم تغب؛ إذ نشرت صورة لها في زي من التشكيلة المعروضة، شاهدها الملايين من متابعيها، وحقَّقت ما لم يحققه العرض بالكامل من ناحية المشاهدات و«اللايكات».

كايلي جينر لدى حضورها عرض «سكاباريلي» بباريس (سكاباريلي)

وإذا كان الشك لا يزال يراود البعض على مدى تأثيرها على أساس أن علامة «كوبرني» لها شعبيتها الخاصة التي تستمدها من قدرة مصمميها على الإبداع وخلق الإثارة المسرحية أمام الضيوف، فإن تأثيرها الإيجابي على علامة «أتلين» الفرنسية الناشئة تُفند هذه الشكوك. وجودها في عرضها لربيع وصيف 2025 كان له مفعول السحر؛ حيث حققت لها ما يوازي 11.6 مليون دولار من المشاهدات واللايكات. طبعاً لا ننسى حضورها عرض «سكاباريلي» بتصميمٍ أثار انتباه العالم لغرابته وسرياليته.

رغم محاولاتها أن تُصبح أيقونة موضة لا تزال ميغان تستمد بريقها وقوة تأثيرها من ارتباطها بالأمير هاري (أ.ف.ب)

«كايلي» لا تقوم بأي حركة أو فعل من دون مقابل. حتى عندما تختار علامات ناشئة للتعاون مع علامتها الخاصة «كاي (Khy)»؛ فهي تؤمن بأنه لا شيء بالمجان. وهذا تحديداً ما يجعلها تتفوق على ميغان ماركل من ناحية التأثير التجاري حسب الأرقام والخوارزميات. الفضل يعود أيضاً إلى نجاحها في استقطاب شريحة مهمة من بنات جيلها تخاطبهن بلغة تُدغدغ أحلامهن. ماركل في المقابل لم تنجح لحد الآن في الخروج من جلباب لقبها كدوقة ساسكس.