العنصرية ما زالت تلوث عالم كرة القدم... والغضب وحده لن يقضي عليها

مشجعو نابولي يساندون المدافع السنغالي كوليبالي الذي تعرض لإساءات عنصرية العام الماضي
مشجعو نابولي يساندون المدافع السنغالي كوليبالي الذي تعرض لإساءات عنصرية العام الماضي
TT

العنصرية ما زالت تلوث عالم كرة القدم... والغضب وحده لن يقضي عليها

مشجعو نابولي يساندون المدافع السنغالي كوليبالي الذي تعرض لإساءات عنصرية العام الماضي
مشجعو نابولي يساندون المدافع السنغالي كوليبالي الذي تعرض لإساءات عنصرية العام الماضي

عندما تم توزيع جوائز الأفضل في عالم كرة القدم الشهر الماضي على مسرح «لا سكالا» الإيطالي، الذي يعد أحد أشهر دور الأوبرا في العالم. وكان هذا الحدث، وكالعادة، مهيباً ومليئاً بالخطابات القوية والإشارات المحرجة من جانب مقدمي الحفل. لكن وسط كل هذه الضجة المذهلة تحدث رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، جياني إينفانتينو، إلى جمهور كرة القدم بشأن مسألة خطيرة، مشيراً إلى أن كرة القدم الإيطالية ما زالت تشهد حلقات من العنصرية، وقال: «يتعين علينا أن نقول لا للعنصرية بأي شكل من الأشكال».
وبعد ذلك بفترة قصيرة، قامت ميغان رابينو، الحائزة على جائزة أفضل لاعبة في كرة القدم للسيدات، بمزاحمة إنفانتينو في هذا الصدد وكأنها تريد أن تكون الشخص الذي يعالج مثل هذه القضايا، ثم ضربت مثلاً بنجم المنتخب الإنجليزي ونادي مانشستر سيتي رحيم ستيرلينغ ونجم منتخب السنغال ونادي نابولي الإيطالي كاليدو كوليبالي اللذين تعرضا لهتافات عنصرية في الآونة الأخيرة. وقالت للنجوم المجتمعين في هذا الحفل: «إذا كنا نريد حقاً إجراء تغيير حقيقي، فإن ذلك لن يتحقق إلا عندما نشعر جميعاً بغضب أكبر مما يشعر به ستيرلينغ وكوليبالي بسبب تعرضهما للعنصرية».
من المؤكد أن كل من إنفانتينو ورابينو لديهما مشاعر نبيلة، لكن ماذا كانا يعنيان بالضبط؟ ولكي نعرف الإجابة على هذا السؤال، نشير في البداية إلى حادثة قيام نجم المنتخب البرتغالي وزميل ستيرلينغ في مانشستر سيتي، بيرناردو سيلفا، بنشر تغريدة على حسابه الخاص على موقع «تويتر» نشر فيها صورة لزميله، بنجامين ميندي، شبهه فيها بشخصية كارتونية تمثل رمز التسويق للشوكولاته الإسبانية الشهيرة «كونجويتوس»، وكتب سيلفا تحت الصورة «خمن من هذا؟»
وحصلت هذه التغريدة على أكثر من 6 آلاف إعجاب، بما في ذلك إعجاب من نجم المنتخب الفرنسي ونادي باريس سان جيرمان كيليان مبابي، وهو لاعب من أصحاب البشرة السمراء وكان موجوداً أيضاً على مسرح «لا سكالا» خلال توزيع الجوائز. وهنا يبرز سؤال آخر: هل كانت هذه التغريدة عنصرية؟ لقد أكد سيلفا على أن هذه التغريدة ليست عنصرية، كما شدد ميندي على أنه لم يشعر بأي إهانة. لكن الكثيرين يعتقدون أنها تحمل إشارات عنصرية.
على أي حال، حذف سيلفا التغريدة، وقالت حملة «كيك أت أوت» لمناهضة العنصرية إنها «شعرت بالصدمة»، وتقدم الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بشكوى إلى مانشستر سيتي، ونشر سيلفا تغريدة أخرى قال فيها: «لقد وصل الأمر لدرجة أنه لا يمكن للشخص أن يمزح مع صديقه هذه الأيام؟».
بكل تأكيد، يمكن لسيلفا أن يمزح مع صديقه، لكن نشر هذه التغريدة لأكثر من 600 ألف متابع هو الذي أدى إلى هذه المشكلة. لكن ما هو مستوى الغضب الموجه ضد سيلفا الذي سيجعل رابينو تشعر بالإلهام؟ وهل هناك شيء أكثر وضوحاً من موقف مبابي وميندي نفسه؟ والأكثر من ذلك أن اللاعب السابق والمحلل الحالي للمباريات جون بارنز - من أصحاب البشرة السمراء أيضاً - قد أكد على أن التغريدة لم تكن عنصرية.
وما الذي يمكن لمؤسسات كرة القدم فعله لكي تقول «لا» للعنصرية، كما أوضح إنفانتينو؟ لقد وصل الأمر لدرجة مطالبة البعض بإيقاف سيلفا عن المشاركة في المباريات لمدة ستة أشهر، أو ربما كان يجب إرساله بعيداً إلى معسكر لإعادة التعليم - وهذه مرحة أخرى يا برناردو! وهنا تكمن مشكلة العنصرية ومكافحتها بالغضب. أولاً، يجب الإشارة إلى أن قلة قليلة للغاية من الناس هم من يعتقدون أنهم عنصريون. وفي الأسبوع السابق لتغريدة سيلفا، أدين بيتر بيردسلي باستخدام لغة عنصرية عندما كان يتولى تدريب فريق الشباب بنادي نيوكاسل يونايتد، ومُنع من القيام بأي نشاط يتعلق بكرة القدم لمدة 32 أسبوعاً.
ووجدت لجنة مستقلة تابعة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أن المهاجم السابق للمنتخب الإنجليزي قد وصف لاعباً أسود البشرة بأنه «قرد»، وبأنه خلال رحلة للفريق إلى حديقة للغابات «من المؤكد أنكم معتادون على ذلك».
ومع ذلك، ذكرت اللجنة أنها لا تعتقد أن بيردسلي كان عنصرياً! ومن الواضح أنه هو الآخر لا يعتقد أنه عنصري. لكن ما الذي كان يفكر فيه بيردسلي عندما وصف لاعباً بالقرد وعندما قال للاعبين من أصحاب البشرة السمراء إنهم معتادون على الغابات؟ ربما لم يكن يفكر في شيء على الإطلاق. ونفس الأمر ينطبق على سيلفا، فمن المؤكد أن أياً منهما سيقول إنه عنصري ويوقع على وثيقة تقول «نعم للعنصرية»! فالأمر ببساطة بالنسبة لهما يتمثل في أنهما كانا يمزحان!
ومع بعض الاستثناءات الواضحة، فإن العنصرية عادة ما تكون غير علنية، لكنها تكون إلى حد كبير عبارة عن عملية خبيثة وغير واضحة، تنتج عن تراكم للأفكار والصور السلبية. وفي نهاية الأسبوع الماضي، ألغيت إحدى مباريات دوري الدرجة الخامسة في إنجلترا، بين ناديي هارتلبول ودوفر، بعد تعرض لاعب دوفر، إنيه إيفيونغ، لهتافات عنصرية من قبل مجموعة صغيرة من المشجعين. لكن ما السبب الذي يجعل مجموعة صغيرة للغاية من المشجعين تتسبب في إيقاف المباراة وإلغائها؟ وماذا يحدث عندما يتم استهداف لاعب لأن زوجته كانت لها علاقة غرامية بشخص آخر أو بسبب العداء للمثلية الجنسية؟ فهل يجب إلغاء هذه المباريات أيضاً؟
لقد كان رحيم ستيرلينغ محقاً عندما اتهم الصحافة الإنجليزية بأنها تغذي العنصرية من خلال الطريقة التي تصور بها اللاعبين الشباب من أصحاب البشرة السمراء. ولجأ سترلينغ إلى حسابه على موقع إنستغرام لتوجيه انتقادات إلى الصحافة، مشيراً إلى التقارير الصحافية التي تقول إن زميله في مانشستر سيتي، توسين أدارابيويو، قام بشراء منزل فخم «رغم عدم خوضه» أي مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز. وأوضح «اللاعب الأسود الشاب ينظر إليه بشكل سيئ. هذا ما يغذي العنصرية والتصرف العدواني» من قبل المشجعين، وأضاف: «لكل الصحف التي لا تفهم لماذا يكون الناس عنصريين في هذا العصر، كل ما يمكنني أن أقوله: أعيدوا التفكير وامنحوا كل اللاعبين فرصاً متساوية».
وكانت التقارير الصحافية بشأن أدارابيويو، البالغ من العمر 21 عاماً، تتحدث عن قيامه بدفع 2.9 مليون دولار لشراء منزل فخم، مثله مثل زميله في مانشستر سيتي فيل فودن الذي دفع أيضاً مبلغاً كبيراً لشراء منزل، لكن تعامل الصحف مع الحالتين اختلف تماماً، إذ تم التركيز في حالة أدارابيويو - من أصحاب البشرة السمراء - على أنه اشترى منزلاً باهظ الثمن «قبل أن يلعب أي مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز»، في حين رأت الصحف أن فودن «يبدأ بتأسيس مستقبله».
وعلق سترلينج على هذا الأمر، قائلاً: «لاعبان شابان في بداية مسيرتهما، يدافعان عن ألوان الفريق نفسه، أقدما على الخطوة المناسبة بشراء منزل، لكن انظروا إلى الطريقة التي تبعث بها الصحف برسائلها، واحدة للاعب من أصحاب البشرة السمراء، وأخرى مختلفة حيال اللاعب الأبيض. أعتقد أن ذلك غير مقبول».
وفي نهاية المطاف، ينبغي التأكيد على أنه من الضروري التعبير عن الغضب من العنصرية، لكن لا ينبغي الخلط بين ذلك وبين الإجراءات التي يجب اتخاذها لوقف العنصرية.


مقالات ذات صلة

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية لوم تشاوان كان غاضباً من الهتافات (رويترز)

استبدال تشاونا لاعب لاتسيو بعد تعرضه لإساءة عنصرية أمام تفينتي

قال ماركو باروني، مدرب لاتسيو الإيطالي، إن جناحه لوم تشاونا استُبدال بعد تعرضه لإهانات عنصرية من الجماهير خلال الفوز 2 - صفر على تفينتي.

«الشرق الأوسط» (روما)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.