لدى جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي، وقفة أخرى فيما بات يعرف بجولة اعتذارات الشرق الأوسط في أعقاب إجابته المتهورة على سؤال إحدى طلاب جامعة هارفارد.
وعقب تقديم الاعتذارات إلى المسؤولين الأتراك ودولة الإمارات العربية المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع، يحاول بايدن الاتصال بالقادة السعوديين، كما قال أحد كبار المسؤولين الأميركيين، من أجل توضيح أنه لم يكن يقصد الإشارة إلى وصول مساعدات سعودية إلى جماعات مسلحة متطرفة في سوريا. وقد بدأت متاعب نائب الرئيس الأميركي يوم الخميس حينما أعلن، في جلسة أسئلة وأجوبة في كلية جون كينيدي للحكم بجامعة هارفارد، أن أكبر المشكلات التي واجهتها الولايات المتحدة الأميركية في التعامل مع سوريا وتصاعد تنظيم «داعش» كانت مع حلفاء أميركا في المنطقة.
وفي إجاباته قال بايدن إن تركيا اعترفت بالسماح بعبور المقاتلين الأجانب عبر حدودها إلى سوريا، بينما عملت مع الإمارات والسعودية على تسريب الأسلحة وغيرها من المساعدات إلى المتمردين السوريين والتي انتهى الأمر بها في أيدي جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتشددة هناك.
وقد أعرب البيت الأبيض عن ارتياحه أول من أمس بعد اعتذارات بايدن، حيث أشار المسؤول الإعلامي في البيت الأبيض جوش آرنست إلى أن «نائب الرئيس هو شخصية لديها ما يكفي من الصفات لكي يعترف بالخطأ عند ارتكابه».
وكانت الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على الحكومة التركية لمدة شهور من أجل إغلاق الحدود بينها وبين سوريا للحيلولة دون منع من يريدون القتال هناك من استخدام تركيا كمرتكز للعبور والانضمام إلى صفوف تنظيم «داعش».
وقد أشار الرئيس أوباما إلى نقطة مماثلة في شهر أغسطس (آب) حول جيران سوريا من العرب الذين يعاونون التنظيمات المتطرفة في سعيهم الحثيث لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من أنه لم يذكر أسماءهم تعيينا.
يقول إندور جيه. تابلر، وهو خبير في الشأن السوري لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: «هناك أخطاء واقعية ارتكبت، وبالتالي فهناك أيضا أخطاء سياسية. وهذا الخطأ هو من بين الأخطاء السياسية».
فقد كان توقيت تلميحات بايدن حرجا للغاية، بالنظر إلى هشاشة التحالف الذي يسعى الرئيس أوباما إلى تكوينه لمواجهة تنظيم «داعش».
فقد انخرطت الإدارة الأميركية في مفاوضات معقدة مع الحكومة التركية حول نطاق وطبيعة مشاركة الأخيرة في الحملة العسكرية ضد تنظيم «داعش». وبينما نجح الرئيس أوباما في الحصول على موافقة كل من السعودية، والإمارات، والأردن، وقطر للمشاركة في الغارات الجوية ضد المتشددين في سوريا، فإن المحافظة على ذات التحالف لفترة أطول قد تستلزم تشارك قوات برية عربية وهو الهدف الذي يعتبر من التحديات الكبرى.
وطغت زلة بايدن على ما كان يفترض أن يكون خطابا رئيسيا للسياسة الخارجية، حيث سعى نائب الرئيس إلى وضع مختلف الاضطرابات العالمية - من تنظيم «داعش»، ووباء الـ«إيبولا»، والمواجهة مع روسيا حول أوكرانيا - في سياق أوسع.
وقد عين نائب الرئيس أخيرا مستشارا جديدا للأمن القومي، هو كولين أتش. كال، وهو مسؤول سابق لدى وزارة الدفاع الأميركية وأستاذ في جامعة جورج تاون متخصص في الشأن الإيراني. وكال، الذي عمل مستشارا للسياسة الخارجية في حملة أوباما لعام 2012، كانت له اليد الطولى في ذلك الخطاب.
وقال كثير من المسؤولين إن مكالمات السيد بايدن الهاتفية الاعتذارية مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ومع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد إمارة أبوظبي قد صفّت الأجواء. ويفتخر بايدن بعلاقته الخاصة مع إردوغان ذي الشخصية الشائكة.
وكانت له في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2011 جلسة امتدت لساعتين مع السيد إردوغان، حينما كان رئيسا للوزراء، حينما كان يتعافى في منزله الخاص إثر إجراء طبي تعرض له. ارتدى السيد بايدن ومساعدوه النعال المنزلية ثم تقدموا لمقابلة إردوغان الذي عرفهم على نجله، وكريمته، وزوج ابنته.
قال بايدن، إن الزعيم التركي قال له في مكالمة أخيرا: «لقد كنت على حق - لقد تركنا الكثير من الناس يعبرون الحدود»، وهو يحاول الآن إغلاق الحدود. وقد نفى إردوغان أنه صرح بذلك وقال للصحافيين، «إن كان بايدن قد ذكر ذلك في جامعة هارفارد، فعليه أن يعتذر».
وأضاف: «لم يعبر المقاتلون الأجانب الحدود من دولتنا. قد يعبرون إلى سوريا من تركيا باستخدام جوازات السفر السياحية، ولكن لا يزعم أحد أنهم عبروا بأسلحتهم».
وحينما يتحدث بايدن مع المسؤولين السعوديين، فربما عليه أن يتعامل مع تعليق صرح به في وقت لاحق من الجلسة، حين قارن قرار الولايات المتحدة في العمل مع السعودية بالقرار الأميركي في التحالف مع ستالين لمحاربة هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية. وقال: «إنني أتمتع بشخصية مازحة. فكل التعميمات خاطئة، بما فيها ذلك التعليق الذي أنا بصدد التصريح به».
جاءت تعليقات بايدن في نهاية فترة مليئة بالمتاعب كان قد اعتذر خلالها إلى الجماعات اليهودية لاستخدام لفظة «شايلوك» وأصاب الناس بدهشة مفاجئة حينما أشاد بزميل سابق في مجلس الشيوخ الأميركي في مؤتمر ديمقراطي نسائي - روبرت باكوود، وهو نائب جمهوري من ولاية أوريغون والذي استقال من المجلس في عام 1995 عقب اتهامات متعددة بالتحرش الجنسي.
وقال آرنست: «حقيقة الأمر هي أن نائب الرئيس هو شخصية لا تزال عضوا أساسيا في فريق الأمن القومي لدى السيد الرئيس».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
مسؤول أميركي: بايدن يحاول الاتصال بالسعودية {لتوضيح تصريحاته}
البيت الأبيض: من مميزات نائب الرئيس اعترافه بالخطأ
مسؤول أميركي: بايدن يحاول الاتصال بالسعودية {لتوضيح تصريحاته}
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة