عريقات: القدس يمكن أن تصبح مدينة مفتوحة بعد يوم من السلام

مرشّحون ديمقراطيون يتعهدون في مؤتمر «جي ستريت» بالضغط لقيام دولة فلسطينية

مرشّحون ديمقراطيون في مؤتمر «جي ستريت» لليهود اليساريين في واشنطن الاثنين (أ.ف.ب)
مرشّحون ديمقراطيون في مؤتمر «جي ستريت» لليهود اليساريين في واشنطن الاثنين (أ.ف.ب)
TT

عريقات: القدس يمكن أن تصبح مدينة مفتوحة بعد يوم من السلام

مرشّحون ديمقراطيون في مؤتمر «جي ستريت» لليهود اليساريين في واشنطن الاثنين (أ.ف.ب)
مرشّحون ديمقراطيون في مؤتمر «جي ستريت» لليهود اليساريين في واشنطن الاثنين (أ.ف.ب)

قال صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن حل الدولتين هو الخيار الوحيد الذي تلتزم به القيادة الفلسطينية، متهماً الإدارة الأميركية ببث الكلام الفارغ حول السلام.
وأضاف عريقات في مؤتمر «جي ستريت» لليهود اليسار في الولايات المتحدة، المنعقد في العاصمة الأميركية واشنطن: «نحن ملتزمون بحل الدولتين، ليس لأن المصطلح يتسم بشيء من اللطف، بل لأن هذا هو الخيار الوحيد».
ودعا عريقات إلى الالتزام بحل الدولتين للنزاع العربي - الإسرائيلي، مهاجماً إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بسبب «كلماتها الفارغة» حول السلام. وأضاف: «نحن هنا للحديث عن السلام، ونعني هنا السلام الحقيقي الهادف، وليس الكلمات الفارغة التي نسمعها من فريق ترمب للسلام»، مؤكداً أن الفلسطينيين لا ينظرون إلى الإدارة الأميركية الحالية كشريك للسلام، ولكنه كرر أن الإدارات السابقة دعمت حل الدولتين.
وقال كبير المفاوضين الذي حظي بالتصفيق وحفاوة كبيرة في مشهد نادر: «لقد أرادوا مني أن أركع على ركبتي، لن أفعل ذلك، ولن نفعل ذلك، لن يفعل أي فلسطيني ذلك. ولن نتخلى عن صنع سلام حقيقي دائم».
وتقاطع السلطة الفلسطينية إدارة ترمب، بسبب القرارات الأحادية الجانب، وأهمها نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة وإلغاء جميع المساعدات المقدمة للفلسطينيين.
وأوضح عريقات أنه يمكن التوصل لصيغ تحترم مصالح وحقوق جميع الأطراف، ويشمل ذلك القضية المعقدة، القدس. وطرح المسؤول الفلسطيني الكبير، الحل الذي يفكر فيه الفلسطينيون حول مسألة القدس، مشدداً على أن الحل يكمن في أن «القدس الشرقية عاصمة لفلسطين والقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، ولكن بعد ذلك يمكن أن تكون المدينة مفتوحة. بعد يوم من السلام».
وعزز عريقات الدعوة إلى أن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تشكل عائقاً أمام السلام، وأنه من الخطأ توجيه الاتهام بمعاداة السامية لمن يعارض سياسة نتنياهو. وأضاف أن «القيادة الفلسطينية قررت إجراء الانتخابات في فلسطين، مؤكداً أننا «سنذهب إلى الانتخابات، واتفقنا مع حماس وجميع الفصائل الذهاب إلى الانتخابات، حيث إن صناديق الاقتراع وليس صناديق الرصاص هي الفصل. الانتخابات يجب أن تجرى في جميع المناطق بما فيها القدس الشرقية، ويجب على إسرائيل عدم منع إجرائها في القدس الشرقية، وقد أجريناها سابقاً ثلاث مرات في الأعوام 1996 و2005 و2006». وقال إنه «إذا منعت إسرائيل إجراء الانتخابات فهذا يعني أنهم لا يريدون السلطة بقيادة محمود عباس التي تسعى إلى تحقيق السلام، ولا يريدون الديمقراطية ويريدون قيادة تنفذ مخططات إسرائيل».
يذكر أنه حضر مؤتمر «جي ستريت» 4000 شخص، أي أقل من ربع الحضور لمؤتمر «إيباك» (التكتل اليهودي الأميركي اليميني).
وقال رئيس المنظمة جيريمي بن عامي إنه يعتقد أن منظمته أكثر انسجاماً مع المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة الذي يصوت بغالبية كبيرة لمصلحة الديمقراطيين.
وفي المؤتمر تعهد مرشّحون ديمقراطيون للانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة باعتماد مقاربة تختلف تماماً عن الدعم المطلق لإسرائيل الذي ينتهجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، متعهدين الدفع باتّجاه تسوية سياسية تفضي إلى قيام دولة فلسطينية.
وبعد مرور 6 أشهر على مقاطعة المرشحين الديمقراطيين للمؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية «إيباك»، وجّه خمسة مرشّحين شخصيا، ومن مركز المؤتمرات نفسه في واشنطن، رسائل خلال مؤتمر لمنظمة «جاي ستريت» اليسارية التي تعتبر أن مواقفها أكثر انسجاما مع اليهود الأميركيين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وشرح السيناتور بيرني ساندرز الذي نادراً ما يتطرق إلى ديانته اليهودية، كيف أثر مقتل غالبية أفراد عائلة والده في المحرقة اليهودية في تبنيه الآراء التقدمية. وقال ساندرز: «إنْ كان هناك شعب على الأرض يدرك مخاطر العنصرية والقومية البيضاء، فهو بالتأكيد الشعب اليهودي»، ليقابل كلامه بتصفيق حاد.
وبعدما وقف من على مقعده على المنبر ليلقي خطاباً أشبه بخطابات الحملات الانتخابية، اتّهم ساندرز، الذي سيكون في حال فاز بالرئاسة أول رئيس يهودي للولايات المتحدة، كلاً من ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزرع الشقاق. وقال ساندرز: «دعوني أؤكد هذا الأمر لأنه سيساء فهمه، ليس معادياً للسامية القول إن حكومة نتنياهو عنصرية. إنه حقيقة». وتابع: «نطالب بأن تجلس الحكومة الإسرائيلية مع الشعب الفلسطيني للتفاوض على اتفاق يرضي الأطراف كافة».
وألقى المرشّحان الديمقراطيان جو بايدن وإليزابيث وورن كلمتيهما في المؤتمر عبر الفيديو وأعربا عن معارضتهما لأي تحرك يقطع الطريق على قيام دولة فلسطينية. وقالت وورن: «إذا واصلت حكومة إسرائيل اتّخاذ خطوات لضم الضفة الغربية رسميا، سيتعين على الولايات المتحدة اتخاذ موقف واضح بعدم استخدام أي من مساعداتنا في هذا الأمر».
من جهته، قال نائب الرئيس الأميركي السابق الذي كانت علاقته بنتنياهو متوترة: «لا يمكن أن نخاف من قول الحقيقة لأقرب أصدقائنا». وتابع أن «قيام الدولتين هو السبيل الأفضل، إن لم يكن الوحيد لضمان مستقبل آمن لدولة إسرائيل الديمقراطية العبرية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.