العبادي يطرح مبادرة لحل الأزمة في العراق

طالب بانتخابات مبكرة وحكومة ترأسها شخصية مستقلة

TT

العبادي يطرح مبادرة لحل الأزمة في العراق

طرح رئيس الوزراء العراقي السابق الدكتور حيدر العبادي مبادرة من 16 نقطة لحل الأزمة السياسية في البلاد. وجاءت مبادرته في وقت شرع البرلمان العراقي بطرح حزمة حلول وإجراءات سريعة هدفها إيجاد مخرج مناسب لأزمة الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ قرابة شهر.
ودعا العبادي في مبادرته إلى إقالة الحكومة وتشكيل حكومة مؤقتة ترأسها شخصية مستقلة، بالإضافة إلى إجراء انتخابات مبكرة بقانون نزيه ومفوضية جديدة وإشراف أممي. وقال إنه «استناداً إلى المادة 61 من الدستور، يتولى مجلس النواب سحب الثقة من الحكومة الحالية، بطلب من رئيس الجمهورية أو بناء على استجوابها، ويتم تشكيل حكومة مؤقتة بوزارات محدودة وشخصيات مستقلة، ويتم تكليف شخصية مستقلة برئاستها ولا يرشح أحد من أعضائها للانتخابات القادمة».
وأضاف: «تتولى الحكومة المؤقتة الإعداد لانتخابات مبكرة لا يتجاوز سقفها عام 2020، مع إقرار قانون جديد للانتخابات، ومفوضية جديدة ومستقلة للانتخابات بإشراك الأمم المتحدة وإشرافها، وإجراء انتخابات نزيهة». كما دعا إلى «إصلاح جذري للقضاء لتحقيق العدالة ومنع الفساد وتشكيل محكمة جنائية مستقلة لملاحقة الفساد من قضاة معروفين بنزاهتهم وعدالتهم، وتستعين بالخبرات الدولية وبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق. وتلتزم المحكمة بفتح جميع الملفات وتقديم المفسدين إلى المحاكم خلال فترة أقصاها 2020م». وأوضح أنه يتعين على «الحكومة المؤقتة أن تعمل على تحييد الأحزاب والكيانات السياسية عن التدخل بعمل الدولة بجميع مؤسساتها، والمباشرة بحصر السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية، وعدم السماح بالمظاهر المسلحة وعسكرة المدن». وطالب بالتزام «جميع الأحزاب والقوى السياسية بخوض انتخابات نزيهة وعادلة وحرة، وبتشكيل حكومة وطنية استناداً إلى الكتلة البرلمانية الأكبر وفقاً للدستور، وتقديم برنامج حكومي متكامل وبسقوف زمنية محددة يضمن تأدية مسؤوليات الحكم ووظائفه، ويحظى البرنامج بالمقبولية ويكون قابلاً للتنفيذ، ويخضع للتقييم الدوري، واعتماد مبدأ المسؤولية التضامنية في الأداء والمراجعة والرقابة والمحاسبة والتقويم الحكومي».
في غضون ذلك، هاجم مجلس القضاء الأعلى بشدة رئيس الوزراء السابق زعيم «ائتلاف النصر» حيدر العبادي عقب تغريدة له دعا فيها رئاسة المجلس إلى الحفاظ على «استقلالية القضاء» و«عدم زجه في معركة ضد الشعب». وتعقيباً على التغريدة، قال الناطق باسم السلطة القضائية عبد الستار البيرقدار في بيان: «نود أن نطمئنه (العبادي) وغيره بأن القضاء كان ولا يزال وسيبقى مستقلاً ولن ينحاز لطرف ضد آخر، وأن انحيازه إلى جانب تطبيق القانون فقط». وأضاف بيرقدار: «أنت (العبادي) أول من يعلم أن القضاء لا يستجيب لرغبات السلطة التنفيذية، بدليل (أنه) كان يرفض طلباتك أنت ومدير مكتبك عندما كنتم تحاولون استغلال منصبكم لأغراضكم الخاصة».
وفي هذا السياق، قال جاسم العلياوي، القيادي في «ائتلاف النصر» الذي يتزعمه العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما صدر عن القضاء أمر مؤسف. لم نكن نتمنى أن ينجرّ إلى هذه اللغة التي لا تليق بالقضاء العراقي صاحب التاريخ الطويل بالنزاهة والاستقلالية على مدى عقود من الزمن». وأضاف أن «العبادي كتب تغريدة دعا فيها إلى استقلالية القضاء لأننا كنا وما زلنا نراهن على القضاء بوصفه خط الدفاع الأخير». وأوضح أن «ردة الفعل كانت غير صحيحة ولم يكن الخطاب الذي تم استخدامه يليق بلغة القضاء التي هي لغة رصينة ولا تنجر إلى الخلافات السياسية أياً كانت الأسباب». وأشار إلى أن «العبادي فوجئ باللغة التي وردت في بيان مجلس القضاء التي تدل على وجود مواقف مسبقة» ضده.
وحول المبادرة التي طرحها العبادي لحل الأزمة السياسية في البلاد، قال العلياوي إن «الخطة التي طرحها العبادي ستتم مناقشتها مع حلفائنا أولاً وفي مقدمهم تيار الحكمة الذي يتناغم معنا ومع الشركاء الآخرين»، موضحاً أن «هناك في الواقع من يريد أن يستفيد من الأزمة، فضلاً عن وجود ضبابية في المشهد السياسي وتداخل بين سلطات البرلمان والحكومة وهو أمر غير صحيح».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».