واشنطن تستعد لفرض المزيد من العقوبات على طهران

الخارجية الأميركية تنشر تفاصيل أول اجتماع للشراكة الدولية ضد شبكات «حزب الله» المالية

وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب أمس (إ.ب.أ)
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب أمس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تستعد لفرض المزيد من العقوبات على طهران

وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب أمس (إ.ب.أ)
وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب أمس (إ.ب.أ)

تتجه وزارة الخزانة الأميركية إلى الإعلان رسمياً عن حزمة جديدة من العقوبات على إيران. وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين خلال زيارة له إلى إسرائيل أمس، إن الولايات المتحدة ستزيد الضغوط الاقتصادية على إيران بسبب برنامجها النووي، مشيراً إلى أن سياسة الضغط الأقصى على إيران «بدأت تؤتي ثمارها».
وقال منوتشين، لدى استقباله في ديوان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو: «لقد مارسنا أقصى سياسات الضغط وفرضنا عقوبات على إيران، وهي تؤتي ثمارها بشكل بارز وتقطع تدفق الأموال». وأما نتنياهو فقال: «إيران تتواجد بكل مكان في الشرق الأوسط، وتريد تطوير صواريخ تمكنها من استهداف وضرب أي هدف في المنطقة».
وقال نتنياهو، الذي عارض بشدة الاتفاق النووي، إن تشديد العقوبات يمكن أن يقلص قدرة إيران على تطوير سلاح يمكنه تهديد أي
دولة في الشرق الأوسط. وأضاف: «لذلك؛ أريد أن أشكرك على ما قمت به وأشجعك، ستيف، على بذل المزيد والمزيد».
ويأتي الإعلان الأميركي قبل أيام على إعلان طهران عن المزيد من الخطوات الجديدة لتقليص التزاماتها في الاتفاق النووي، الذي وقعته مع القوى الدولية الكبرى عام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة العام الماضي.
وتحاول واشنطن، منذ انسحابها من الاتفاق النووي العام الماضي، وقف صادرات إيران النفطية شريان الحياة لاقتصادها. وقوضت العقوبات جزءاً من ميراث الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وأغضبت حلفاء الولايات المتحدة المشاركين في الاتفاق، الذي يهدف إلى تقييد أنشطة إيران النووية في مقابل رفع العقوبات.
وأضاف منوتشين، أن واشنطن نفذت حملة ضغط قصوى ناجحة ضد طهران، وتمكنت من الحد من الأموال التي تحصل عليها. وأكد أن الضغط سيستمر أكثر وأكثر، وأنه حصل على أفكار محددة جداً من الإسرائيليين سيتم متابعتها.
وكانت العقوبات الأخيرة التي أعلن عنها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية في سبتمبر (أيلول) الماضي، استهدفت البنك المركزي الإيراني وصندوق التنمية الوطني وشركة «اعتماد تجارت بارس»، بسبب تقديم تلك المؤسسات دعماً مالياً للإرهاب، بما فيها الهجمات التي استهدفت منشآت شركة «أرامكو» النفطية في السعودية.
وقال بيان الوزارة حينذاك، إن البنك المركزي الإيراني قدم مليارات الدولارات للحرس الثوري وقوات القدس التابعة له ووكيله الإرهابي «حزب الله».
وأضاف، أن صندوق التنمية الإيراني الذي يخضع لإشراف المرشد، وهو صندوق الثروة السيادية في البلاد، ويضم مجلس أمنائه الرئيس الإيراني ووزير النفط ومحافظ البنك المركزي، يعد مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية لتمويل الحرس الثوري ووزارة الدفاع الإيرانية والدعم اللوجيستي للقوات المسلحة. أما شركة «اعتماد تجارت بارس» فتستخدم لإخفاء التحويلات المالية للمشتريات العسكرية، بما في ذلك الأموال القادمة من صندوق التنمية.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت قبل يومين عن إنشاء آلية جديدة للصادرات «الإنسانية» إلى إيران، قالت إنها تهدف إلى تسهيل إرسال الاحتياجات الأساسية إلى إيران. وقال المسؤول عن الملف الإيراني في وزارة الخارجية الأميركية برايان هوك، إن الآلية الجديدة «ستسهّل على الحكومات الأجنبية والمؤسسات المصرفية والشركات الخاصة الانخراط في تجارة إنسانية مشروعة مع الشعب الإيراني، وفي الوقت نفسه ستقلّص خطر وقوع تلك الأموال بيد الأشخاص الخطأ».
غير أن طهران انتقدت الخطوة الأميركية، وقالت إنها ستشكل عائقاً جديداً للتجارة معها، بدلاً من أن تسهلها.
وتؤكد واشنطن، أن العقوبات الاقتصادية القاسية التي تفرضها على طهران، لا تستهدف المواد الغذائية والأدوية، وغيرها من الاحتياجات الإنسانية، لكن غالبية الشركات التجارية باتت تتجنب الدخول في علاقات تجارية مع طهران، خشية تعرضها لعقوبات أميركية.
في هذا الوقت، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً قالت فيه، إن وزارة الخزانة الأميركية عقدت الأسبوع الماضي، أول اجتماع للشراكة الدولية لمكافحة «حزب الله» اللبناني، لبناء تعاون متعدد الأطراف لاستهداف شبكات «حزب الله» المالية الدولية.
وأضاف البيان، أن الاجتماع شارك فيه 30 دولة من منطقة الشرق الأوسط ونصف الكرة الغربي وأوروبا وآسيا وأفريقيا، وعقد على هامش اجتماعات الخريف للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن.
وقالت مساعدة وزير الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية سيغال ماندلكير، إن «حزب الله» يستفيد من شبكة من الممولين والمؤيدين حول العالم لتمويل أجندته العنيفة. وأضافت، أن الشراكة الدولية لمكافحة «حزب الله» توحد المجتمع الدولي ضمن حملة قوية لمواجهة مخططات الحزب المتطورة؛ وذلك لحماية النظام الدولي بشكل أفضل من الاستغلال. وأكدت أن الشراكة الدولية لمكافحة «حزب الله» هي مبادرة مهمة لتبادل المعلومات وبناء القدرات بين شركائنا من أجل زيادة فاعلية استخدام الأدوات المالية المتاحة ضد «حزب الله».
وأدانت الولايات المتحدة في الاجتماع إساءة استخدام «حزب الله» النظام المالي الدولي، وحددت الخطوات التي تركز للتأثير عليه، والتي ينبغي على الدول اتخاذها للقضاء على هذه الانتهاكات، بحسب بيان الوزارة.
وأضاف البيان، أن الأمر يشمل تبادل المعلومات بين وحدات الاستخبارات المالية وتعزيز عمليات تقييم مخاطر تمويل الإرهاب وتطوير أنظمة العقوبات المالية المستهدفة ومحاكمة الإرهابيين والميسرين الماليين.
وختم البيان، بأن الدول المشاركة في الاجتماع أشارت إلى أهمية طرح موضوع «حزب الله» في المحافل الدولية لبناء الزخم وضمان تنسيق الجهود. وأكد أن الخطوات التالية ستتمثل في الاجتماع المقبل بإرسال خبراء فنيين إلى فريق تنسيق تنفيذ القانون الذي سيعقد في 16 و17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في لاهاي في هولندا.



اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)
مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)
TT

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)
مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، بالتجاوب مع جهود تشكيلها، بينما تحفظت الأخيرة ودعت لأن تكون الحكومة هي مَن تدير من دون القبول بأي لجان تفصل القطاع عن الضفة.

هذا التباين الذي يأتي بعد نحو شهر من اتفاق مبدئي رعته القاهرة بعد جولتين في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، بشأن تشكيل «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة والمعبر الحدودي مع مصر على أن تكون من التكنوقراط، وبمرسوم من الرئيس الفلسطيني، يكشف عن وجود «خلافات ورفض غير معلن من (السلطة)» بحسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

ويتوقع الخبراء أن تبذل مصر جهوداً إضافية باعتبار الفكرة قائمة بالأساس لمنع أي ذرائع من إسرائيل في اليوم التالي للحرب، تعطل انسحابها من القطاع، بدعوى رفض وجود «حماس» بالحكم.

وتحدثت «حماس» في بيان صحافي، الجمعة، عن أنها «خلال الأشهر الأخيرة تعاملت بإيجابية مع مبادرة الأشقاء في مصر المدعومة عربياً وإسلامياً لتشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) لإدارة شؤون قطاع غزة بشكل مؤقت، وأن تكون مرجعيتها السياسية المرسوم الرئاسي الفلسطيني، والتأكيد على أن قطاع غزة، هو جزء أصيل من الجغرافيا السياسية الفلسطينية».

فلسطيني يقوم بإجلاء طفل جريح بعد غارة إسرائيلية على الزوايدة وسط قطاع غزة (أ.ب)

حركة «حماس» التي سبق أن أعلنت في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنها وافقت على تشكيل اللجنة، قالت في البيان، إنها «قطعت شوطاً مهماً مع الإخوة في حركة (فتح) برعاية الأشقاء في مصر لتشكيلها». وأضافت أنها «تواصلت وتوافقت مع عدد من القوى والفصائل والشخصيات والفعاليات الوطنية إلى مجموعة من الأسماء المقترحة من ذوي الكفاءات الوطنية والمهنية، وتم تسليمها إلى الأشقاء في مصر».

وأعربت «حماس» في البيان ذاته عن أملها من «(فتح) والسلطة التجاوب مع جهود تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) في إطار النظام السياسي الفلسطيني والعمل من خلال الإجماع الوطني ومشروعيته السياسية».

كما تحدث مصدر فلسطيني مقرب من السلطة لـ«الشرق الأوسط»، السبت، عن أن «الرئيس الفلسطيني يقف في موقف المتحفظ على تشكيل تلك (اللجنة)، خشية أن تتسبب في فصل غزة»، وبالتالي «لم يوقع على مرسوم بشأنها رغم إنجاز تفاهمات تلك (اللجنة) منذ أوائل ديسمبر الماضي»، و«لم يعلن ذلك علناً، وأبدى ذلك عبر تسريبات صدرت من متحدثين عدة، تعبر عن التحفظ بشأن صدور المرسوم»، متوقعاً استمرار جهود إضافية من القاهرة لإنهاء الانقسام على نحو يحفظ حقوق الشعب الفلسطيني.

في حين تحفظ متحدث باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، منذر الحايك، على بيان «حماس»، في تصريحات نقلها إعلام فلسطيني، السبت، قائلاً إن «تشكيل أي لجنة لا توحد الجغرافيا أو الديموغرافيا الفلسطينية أمر خاطئ»، مشيراً إلى أن «منظمة التحرير وذراعها التنفيذية (السلطة الوطنية الفلسطينية)، هي صاحبة الولاية القانونية على الضفة والقطاع».

ودعا الحايك «(حماس) أن تفهم أن هناك مؤامرة على غزة، وأن تدرك تماماً خطورة الموقف»، متسائلاً: «لماذا لا تخرج (حماس) ببيان وتقول إن الحكومة الفلسطينية هي التي تمثل الكل الفلسطيني؟ ولماذا نشكل لجاناً لا تخدم الكل الفلسطيني؟ وتُفرق الضفة عن القطاع في وقت توجد فيه حكومة فلسطينية معترف بها فلسطينياً وعربياً ودولياً».

امرأة فلسطينية تنعي أحد أفراد أسرتها الذي قُتل بقصف إسرائيلي في خان يونس (أ.ف.ب)

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن الفكرة قدمت من القاهرة لتشكيل «لجنة» في أكتوبر الماضي، ونوقشت في نوفمبر، ونضجت في ديسمبر، بهدف سحب مبررات إسرائيل وذرائعها بعدم تسليم السلطة لـ«حماس» أو لـ«فتح» والبقاء بالقطاع، ووصفها بأنها «فكرة خارج الصندوق (أي متميزة) ونوقشت بشكل مطول و«تم التأكيد على أنها ستصدر بمرسوم وتكون تحت إدارة (السلطة) لإبعاد أي تخوفات بشأنها».

ويعتقد أن عدم إنجاز اتفاق بشأن «اللجنة» يعود إلى «عدم صدور مرسوم من الرئيس الفلسطيني، دون إعلان رسمي عن سبب ذلك التحفظ أو طبيعية الخلافات».

في حين يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أنه ليست هناك إشكالية في تكوين «لجنة الإسناد» بقدر ما المشكلة في رغبة «حماس» في الاستمرار جهة حاكمة في قطاع غزة، وتستخدم «اللجنة» غطاءً، مؤكداً أنها لو لديها جدية كان ينبغي أن تعلن رسمياً أنها انسحبت من حكم القطاع وتمنح الأمر لـ«السلطة» حتى تحبط أي ذرائع تهدد الوحدة الفلسطينية أو تزيد من عمر مخططات نتنياهو للبقاء في غزة.

ويرى أن المشكلة ليست في فجوات يجب سدها بين «السلطة» و«حماس»، مؤكداً أن الأخيرة «يهمها الحصول حتى آخر لحظة على ضمانة للبقاء بالحكم في اليوم التالي للحرب، كما أن بنيامين نتنياهو حريص على البقاء لآخر لحظة بالسلطة».

جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة (رويترز)

ولم ترد قيادات من «حماس»، ومحسوبون عليها، على طلب التعليق لـ«الشرق الأوسط»، كما لم تعلن القاهرة عن موقف رسمي بشأن نتائج رعايتها لجولة المحادثات التي رعتها بين حركتي «فتح» و«حماس».

ويفترض أن «اللجنة» حال أقرت كانت ستتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتتولى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية، وفق مصادر فلسطينية تحدثت سابقاً لـ«الشرق الأوسط».

ويأتي ذلك الغموض بشأن مسار «اللجنة» في ظل حضور جديد لقضية اليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة على طاولة مناقشات إسرائيل، في ظل موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الرافض لوجود «حماس» بالسلطة نهائياً.

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

وتحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، عن اجتماع وزاري، عقد الخميس، تناول قضايا من أبرزها، اليوم التالي للحرب، تحت عنوان مناقشة «مسألة توزيع المساعدات الإنسانية»، وذلك بعد أيام من تحذيرات كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من أن إسرائيل ستعود إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل 7 أكتوبر 2023 إذا لم تجد بديلاً لحكم «حماس».

وبتقدير مطاوع فإن اليوم التالي للحرب سيكون الشغل الشاغل لجميع الأطراف، خصوصاً مع احتمال عقد اتفاق هدنة، متوقعاً أن تواصل القاهرة جهودها لإنهاء الانقسام والبحث عن حلول، مضيفاً: «لكن مصالح (حماس) ونتنياهو من تتحكم وتعطل أي مسار».

ووفق الرقب فإن الكرة حالياً في ملعب «السلطة»، متوقعاً أن تواصل القاهرة جهودها مجدداً لسد الفجوات المحتملة في اتفاق «لجنة الإسناد» لسد أي ذرائع إسرائيلية قد تظهر مع حلول اليوم التالي للحرب.