«البحرية الليبية»: لم نطلق الرصاص على سفينة الإنقاذ «آلان كردي»

ترتيبات أمنية لضبط المهاجرين الهاربين من مراكز الإيواء

TT

«البحرية الليبية»: لم نطلق الرصاص على سفينة الإنقاذ «آلان كردي»

دافعت القوات البحرية الليبية عن نفسها في مواجهة اتهامها بمنع سفينة الإنقاذ «آلان كردي» التي تديرها منظمة «سي آي» الخيرية من إنقاذ مهاجرين غير نظاميين، أمام السواحل الليبية، وقال العميد أيوب قاسم، المتحدث باسم البحرية، أمس، إن «زوارق البحرية لم تعترض أو تطلق الرصاص على أي قطعة بحرية تابعة للمنظمات غير الحكومية أو غيرها». وكانت منظمة «سي آي» غير الحكومية، أعلنت أمس، أنها تمكنت من إنقاذ 90 مهاجراً كانوا على متن قارب نجاة، و«تعرضت للتهديد بإطلاق النيران عليها»، وقال المتحدث باسم المنظمة الألمانية غوردن ايسلر، «تمكنا من إنقاذ المهاجرين الـ90. وبينهم امرأتان». وأضاف ايسلر لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، «لم يسبق أبدا تهديدنا بهذه الصورة من قبل»، موجهاً الاتهام إلى «دول الاتحاد الأوروبي بالسماح لمثل هؤلاء الأشخاص المسلحين من ذوي السلوك الوحشي بالتصرف»، لافتاً إلى أنه «بعد تلقي نداء استغاثة من أشخاص كانوا على متن قارب نجاة قبالة السواحل الليبية، تمكنت سفينة (آلان الكردي) من تحديد مكان المركب وتأمين العون له». وأوضح ايسلر «بعدما نجحنا في نقل عشرة إلى السفينة، حاصرتنا 3 زوارق سريعة، على متنها أشخاص ملثمون ويحملون أسلحة»، وقال إنّ الزوارق أطلقت طلقات نارية تحذيرية في الهواء وفي المياه حيث كان يوجد مهاجرون. وفيما اعتبرت «سي آي» التي لم تحدد وجهتها أو وجهة إنزال المهاجرين، أنّها لم تكن ضمن المياه الإقليمية الليبية، ردت القوات البحرية الليبية، أنها «تابعت اتهامات إحدى المنظمات الدولية غير الحكومية العاملة في البحر قبالة الساحل الليبي - تحت غطاء إنقاذ بشر - وتدعى (آلان كردي)، بتعرضها لتهديد من قبل سفينة مسلحة أثناء قيامها بعملية إنقاذ مهاجرين غير شرعيين».
وقلل العميد أيوب قاسم المتحدث باسم البحرية الليبية، التابعة لحكومة «الوفاق» في بيان أمس، من الاتهامات المواجهة لجهازه، وقال «كعادة هذه المنظمات فإنها لا تخجل من اتهام القوات البحرية الليبية حتى لو تبث لاحقاً عدم صحة تلك المزاعم، لأنها مطمئنة من عدم الملاحقة القانونية سواء من دولتنا صاحبة الحق في متابعة الضرر اللاحق بها، أو من قبل الاتحاد الأوروبي أو حتى المجتمع الدولي». وأضاف قاسم: «نحن كقوات بحرية ليبية وحرس السواحل التابع لها ننفي نفياً قاطعاً علاقتنا بتلك الحادثة، ونؤكد أن دورياتنا لم تعترض أو تطلق الرصاص أو تهديد أي قطعة بحرية تابعة للمنظمات غير الحكومية أو غيرها»، متابعاً: «نتحدى تلك التي تدعى «آلان كردي» أن تأتي بالدليل الذي يؤكد صدق حديثها».
ورأى قاسم أن هذه «الاتهامات تستهدف تشويه صورة البحرية الليبية وإظهارها كمجموعات ميليشياوية غير منضبطة، لتحقيق مزيد من الضغط على الجانب الأوروبي والإيطالي وإحراج حكوماتها بغرض عرقلة التعاون الإيجابي مع البحرية الليبية، فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية». وطالب قاسم، الجهات الليبية بمتابعة ما سماه بـ«الافتراءات والادعاءات الخارجية بشكل قانوني وسياسي، ومخاطبة الدول التابعة لها تلك المنظمات غير الحكومية لردعها بشكل قانوني»، متعهداً «بعدم التنازل عن فرض السيادة البحرية على كامل المياه الليبية». وانتهى قاسم على ضرورة أن «تلزم المنظمات الدولية غير الحكومية بمذكرة السلوك الخاصة بالعمل في المياه الليبية الذي يحقق إنقاذ الأرواح ويؤمن كرامة كل الجهات المتعاونة والعاملة من أجل بحر أبيض متوسط آمن».
في سياق قريب، اتفقت أجهزة أمنية محلية في العاصمة طرابلس، أمس، على وضع خطة لضبط المهاجرين غير النظاميين، في شوارع العاصمة، والفارين من مراكز الإيواء، وإحالتهم إلى مراكز الإيواء التابعة لجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية. وقال مصدر بجهاز الهجرة في مدينة تاجوراء، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الاجتماع الذي شارك فيه أعضاء وحدة التحري وجمع المعلومات بالجهاز تناول قضية المهاجرين الطلقاء في شوارع المنطقة الغربية، وبحث في إمكانية إحالة المضبوطين إلى النيابة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.