تفاقمت «أزمة العجول» بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل مع إصرار رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية على مقاطعة العجول الإسرائيلية، فيما هددت إسرائيل بعقوبات أوسع على الاقتصاد الفلسطيني. وقالت الإذاعة العبرية الرسمية بأن الحكومة الإسرائيلية تدرس اتخاذ سلسلة من الإجراءات ضد السلطة الفلسطينية بسبب استمرار مقاطعتها للأبقار الإسرائيلية. وأضافت القناة «سيتم اتخاذ سلسلة من الإجراءات للضغط على الحكومة الفلسطينية، لإجبارها على التراجع عن قرارها بمقاطعة استيراد الأبقار والمواشي الإسرائيليّة».
وتدرس السلطات الإسرائيلية وقف السماح للسلطة الفلسطينية بإدخال بضائع ومنتوجات تتبرع بها دول أجنبية، ووقف تصدير زيت الزيتون ومحاصيل التمر من فلسطين إلى دول عربية. ويصر اشتيه على موقفه رغم تباين الآراء داخل القيادة الفلسطينية. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية بأن ثمة خلافا فلسطينيا حول الأمر وأن ضغوطا من مسؤولين مورست على اشتية للتراجع عن موقفه من المقاطعة لكنه هدد بالاستقالة إذا استمرت الضغوط.
وقال اشتيه بأن حكومته ماضية في الانفكاك التدريجي من العلاقة الاستعمارية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي، قائلاً «في الوقت الراهن لا يمكن الاستسلام للأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال، ويجب كسر هذا الأمر الواقع من خلال الانفكاك من الاحتلال». وأوضح اشتيه أن للانفكاك عدة مستندات أهمها: تعزيز المنتج الوطني، والانفتاح على العالم بحيث يتم الاستغناء عن المنتجات الإسرائيلية ورفع الواردات. وقال «ارتفعت الواردات من العالم بنسبة 16 في المائة خلال سبعة شهور فقط».
وكانت الحكومة الفلسطينية أطلقت خطة من أجل الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل عبر عقد اتفاقات اقتصادية مع الدول العربية. وزار رئيس الوزراء الفلسطيني اشتية مصر ونجح في عقد اتفاقات اقتصادية بعدما وقع اتفاقات مع الأردن والعراق. والتحرك الفلسطيني الجديد جاء في ظل قرارات فلسطينية صدرت عن المجلسين الوطني والمركزي بضرورة تعديل اتفاق باريس الاقتصادي، وهو أحد ملاحق اتفاقية غزة - أريحا، ووقع في 1995. وينص على أن تجمع إسرائيل الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة للسلطة الفلسطينية، ثم تحولها إلى السلطة، إضافة إلى أنه يحدد غلافاً جمركياً وحصة للسلع المسموح باستيرادها من الخارج.
وسعى الفلسطينيون خلال سنوات من أجل تعديل الاتفاق المضر بالمصالح الاقتصادية الفلسطينية؛ لكن إسرائيل لم تستجب لذلك. وقرر الفلسطينيون وقف استيراد العجول من إسرائيل ووقف التحويلات الطبية إلى إسرائيل كما تقدموا بطلب من أجل استيراد النفط من العراق عبر تكريره في الأردن. وكانت السلطة الفلسطينية تستورد من إسرائيل نحو 90 في المائة من احتياجات السوق من العجول والأبقار، الأمر الذي خلف أزمة في إسرائيل نفسها.
وتظاهر مربو العجول والمواشي في إسرائيل وتوجهوا إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل الضغط على الحكومة الفلسطينية للتراجع عن قرارها بمقاطعة العجول، واحتجوا على عدم وجود رد إسرائيلي على المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية على المنتجات الإسرائيلية. وقدرت وسائل إعلام إسرائيلية الخسائر بـ80 مليون شيقل شهرياً. لكن مشكلات أخرى بدأت تظهر لدى الفلسطينيين أنفسهم، إذ يوجد بين مربي العجول من يعارض قرار اشتيه بسبب أن الأسعار ارتفعت مع عدم وجود بدائل، وفي ظل العملية البطيئة لاستيراد العجول من الخارج.
ودعت حركة فتح إلى تحويل المقاطعة إلى ثقافة شعبية. وقال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول إن التهديدات الإسرائيلية للسلطة الفلسطينية على خلفية قرارها بوقف استيراد العجول من «إسرائيل» دليل واضح تماماً على مدى تأثير المقاطعة على هذا الاحتلال، ومدى تأثير الضغط الاقتصادي عليه. وأضاف العالول في تصريح لإذاعة «صوت فلسطين» أمس «الاحتلال يمتص دماء وخيرات الشعب الفلسطيني، ويرسل له بضائعه غير الجيدة ويعتبر الشعب الفلسطيني مزبلة لبضائعه الفائضة، وذلك دليل واضح على مدى أهمية مقاطعة هذه البضائع الإسرائيلية». وتابع «الآن (الإسرائيليون) يهددون نتيجة لقضية منع استيراد العجول، والكل سمع صرخاتهم حينما أوقفنا التحويلات الطبية إلى مستشفياتهم، والتي كانوا من خلالها ينفقون أموال شعبنا الفلسطيني». ودعا العالول لأن تكون مقاطعة بضائع الاحتلال ثقافة سائدة لدى أوساط الشعب الفلسطيني، «سواء جاءت هذه البضائع أو لا».
«أزمة العجول» تتفاقم وإسرائيل تهدد بمنع الفلسطينيين من الاستيراد
«أزمة العجول» تتفاقم وإسرائيل تهدد بمنع الفلسطينيين من الاستيراد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة