السعودية تؤكد حرصها على تقديم العمل الإنساني في اليمن دون انحياز

قدمت مساعدات بلغت 16 مليار دولار خلال 5 سنوات

المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة (واس)
المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة (واس)
TT

السعودية تؤكد حرصها على تقديم العمل الإنساني في اليمن دون انحياز

المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة (واس)
المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة (واس)

أكد المستشار في الديوان الملكي السعودي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبد الله الربيعة، حرص السعودية على تقديم العمل الإنساني بكل شفافية ودون انحياز في كل مناطق اليمن، رغم كل ما يواجهه هذا العمل من تحديات وصعوبات تتمثل في انتهاكات الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
جاء ذلك في ندوة للمستشار الربيعة أمس (الأربعاء)، في العاصمة الإيطالية روما بعنوان «الجهود السعودية الإنسانية في اليمن... تحديات وحلول» نظمها مركز الملك سلمان للإغاثة بالتنسيق مع سفارة السعودية في روما، بمشاركة وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة اليمني عبد الرقيب فتح، ونائب وزير حقوق الإنسان في اليمن الدكتور سمير الشيباني، ورئيسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشيوخ الإيطالي ستيفانيا كراكسي، وكبير موظفي برنامج الأغذية العالمي ريحان أسد.
وأوضح الربيعة خلال عرض مرئي أن مجموع المساعدات السعودية المقدمة لليمن منذ مايو (أيار) 2015 بلغت 16 مليار دولار أميركي، منها ملياران و394 مليون و628 ألف دولار قدمت عبر مركز الملك سلمان للإغاثة من خلال 371 مشروعاً إنسانياً متنوعاً بالتعاون مع 80 شريكاً دولياً وإقليمياً ومحلياً، معتمدة على معايير الإنسانية وعدم الانحياز والتقيد بالقانون الدولي الإنساني.
وبيّن المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة، أن السعودية استجابت لنداء منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف بمبلغ 66.7 مليون دولار لمكافحة تفشي وباء الكوليرا في اليمن، متناولاً بعض المشاريع النوعية للمركز في اليمن مثل المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام)، ومراكز الأطراف الصناعية، ومشروع إعادة تأهيل الأطفال الذين جندتهم ميليشيا الحوثي وزجت بهم في أتون الصراع المسلح.
وأشار الربيعة إلى الانتهاكات الحوثية للعمل الإنساني في اليمن التي تجاوزت كل الحدود وتعددت ما بين استخدام أسلحة مضادة للطائرات وسط الأحياء والمواقع المدنية، وزرع الألغام في المناطق اليمنية، والتجنيد القسري للأطفال، وحجز سفن المساعدات والقوافل الإنسانية والاستيلاء عليها وبيع المساعدات أو تخصيصها لأغراض عسكرية، وترهيب العاملين في الحقل الإنساني، فضلاً عن قصف المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين وغيرها من المنشآت المدنية، مما أدى إلى وقوع وفيات وإصابات في صفوف المدنيين وخسائر جسيمة في الممتلكات وتأخير وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها أو منعها.
وقال الربيعة إن مركز الملك سلمان للإغاثة سبق أن أصدر أكثر من بيان يدين انتهاكات الميليشيات الحوثية، وطالب بضرورة التدخل الدولي لمنعها ومحاسبة من يقف وراءها، مفيداً أن المركز رغم هذه الانتهاكات لا يزال يواصل تقديمه المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى جميع مناطق اليمن بما فيها التي تحت سيطرة الميليشيات.
وتناول وزير الإدارة المحلية اليمني عبد الرقيب فتح الجهود الإنسانية السعودية لدعم المحتاجين في شتى أنحاء العالم، معرجاً على تاريخ تجاوزات الميليشيات الحوثية بحق العمل الإنساني في بلاده، مبيناً أن الأزمة الإنسانية في اليمن نتجت بسبب الانقلاب العسكري الحوثي على الشرعية، موضحاً أن تلك الميليشيات لا تقبل الحلول السلمية السياسية، وتنتهك كل المبادئ الإنسانية وتقوم بقتل والتنكيل بأبناء الشعب اليمني.
وتحدث نائب وزير حقوق الإنسان اليمني الدكتور سمير الشيباني عن التجاوزات الحوثية الجسيمة بحق العمل الإنساني في اليمن، داعياً المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي الوقوف بحزم تجاه هذه الانتهاكات.
وثمنت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشيوخ الإيطالي ستيفانيا كراكسي، دور السعودية الرئيسي في الاستقرار بالمنطقة، منوهة بالدور الإنساني للمملكة من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، مبينة أن عقد مثل هذه الندوات يساعد في تعزيز الاستقرار والأمن وإيضاح الجهود السعودية للعالم.
وبيّن كبير موظفي برنامج الأغذية العالمي ريحان أسد أن العمل الإنساني في اليمن يواجه تحديات صعبة، والاحتياج الإنساني كبير، مثمناً دعم المملكة والدول المانحة لتخفيف معاناة المحتاجين، مبيناً أن التجاوزات بحق العمل الإنساني غير مقبولة وأن برنامج الأغذية العالمي سوف يقوم بفضح كل تلك التجاوزات التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية.
حضر أعمال الندوة الأمير فيصل بن سطام بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى إيطاليا، وعدد من القادة السياسيين وأعضاء البرلمان الإيطالي، وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في روما، ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأممية الإنسانية.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.