هل هذه هي أوروبا الأصلية؟ أم واحدة أخرى؟

كتاب أميركي عن غزو الأفارقة للقارة العجوز

هل هذه هي أوروبا الأصلية؟ أم واحدة أخرى؟
TT

هل هذه هي أوروبا الأصلية؟ أم واحدة أخرى؟

هل هذه هي أوروبا الأصلية؟ أم واحدة أخرى؟

تقمص ستيفن سميث، ربما في كل حياته، شخصيتين: أميركية وفرنسية. وربما شخصية ثالثة: أفريقية، وهو السكسوني العريق.
ولد في ولاية كونيتيكات الأميركية (1956). وتخرج في جامعة السوربون الفرنسية (1980)، وعمل مراسلاً في أفريقيا مع صحيفة «لبراسسيون» الفرنسية (1986)، وصار مسؤول الشؤون الأفريقية في صحيفة اللوموند الفرنسية (2000). عاد إلى الولايات المتحدة، وعمل صحافياً لوكالة «رويترز» في غرب ووسط أفريقيا (2005)، ثم أصبح أستاذاً في قسم الدراسات الأفريقية في جامعة ديوك الأميركية (2007).
كتب عشرة كتب، واشترك في كتابة ستة كتب، كلها باللغة الفرنسية.
من الكتب التي كتبها عن شخصيات أفريقية جين بيدل بوكاسا (إمبراطور جمهورية أفريقيا الوسطى)، ويني مانديلا (زوجة سابقة لزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا)، والجنرال محمد أوفقير (عسكري مغربي أعدم عام 1972 لمحاولته قلب نظام الحكم في المغرب). وكتب بالاشتراك مع آخرين: «كيف خسرت فرنسا أفريقيا؟» و«السود والفرنسيون» و«أفريقيا الفرنسية الجديدة» و«أفريقيا الشابة الثائرة».
لهذا؛ فإن كتابه الجديد ليس إلا حلقة أخرى من حلقاته التاريخية عن العلاقة بين الأفارقة والأوروبيين، كما يظهر من اسم الكتاب: «الاندفاع نحو أوروبا: أفريقيا الشابة في طريقها نحو أوروبا العجوز».
يبدأ الكتاب بقصة يونانية قديمة: خلد ثيسيوس انتصاره بتخليد السفينة التي غزا بها أثينا. وضعها في متحف لمئات السنين. لكن، كلما تلف خشبها، بنيت بخشب جديد. وسأل مؤلف الكتاب: «هل هذه هي السفينة الأصلية، أم سفينة مختلفة؟».
وأجاب: «مثلها مثل أوروبا. عبر تاريخها، استقبلت الغزاة، موجة بعد موجة. هل هي أوروبا الأصلية، أم أوروبا جديدة؟ وكيف ستكون عام 2050؟».
وأضاف بأن هذا السؤال صار هوس أوروبا الرئيسي منذ عام 2015، عندما دخلها مليون وربع مليون أجنبي، أكثرهم من اللاجئين من سوريا، والعراق، وأفغانستان. لكن، مع التركيز على حروب سوريا والعراق وأفغانستان، أهمل كثير من الناس دخول 300.000 أفريقي خلال الفترة نفسها.
ويستدرك المؤلف بقوله: «لكن، سيكون عدد المهاجرين الأفارقة هذا قطرة في محيط مقارنة بما سيصبح عليه الحال مع بداية النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين، ونحو نهاية القرن الحادي والعشرين. مثل سفينة ثيسيوس اليوناني، ستظل سفينته، لكن بخشب جديد، وستظل أوروبا، لكن بدم أفريقي».
ونشر الكتاب بعض الأرقام:
إذا هاجر الأفارقة إلى أوروبا مثلما يهاجر المكسيكيون (وبقية اللاتينيين) إلى الولايات المتحدة، سيصبح عددهم في منتصف هذا القرن نحو 150 مليون من أصل أفريقي (عددهم الآن عشرة ملايين تقريباً).
ويوجد سببان لهذا الغزو الأسود:
السبب الأول: النمو السكاني الذي لا مثيل له في تاريخ أفريقيا، خصوصاً جنوب الصحراء.
السبب الثاني: زيادة خيالية في نسبة صغار السن، و«بمجرد أن يتمكن الشباب الأفريقي الساخط من اكتساب الوسائل اللازمة للبحث عن ثرواتهم في أماكن أخرى، بعيداً عن الشيخوخة وفرص الحياة المعدومة».
شبه الكتاب هجرة الأفارقة إلى أوروبا بهجرة اللاتينيين إلى الولايات المتحدة. لكنه قال، طبعاً، إن اللاتينيين أقرب جغرافياً، ويملكون حقوقاً تاريخية.
وشبه الكتاب زيادة عدد الأفارقة بلعبة استراتيجية اسمها «مارتنغيل» (مضاعفة الرهانات). وعاد الكتاب مرة أخرى إلى الأرقام:
في عام 1930، كان عدد الأفارقة في أوروبا 150 ألف شخص. في عام 1960، صار 300 ألف شخص. في عام 1990، صارة 600 ألف شخص. في عام 2010، صار 1.200 مليون شخص. في عام 2050، سيصير 2.400 مليون شخص.
مقابل ذلك، عدد سكان أوروبا:
في عام 1990، كان 450 مليون شخص.
في عام 2010، صار 500 مليون شخص.
في عام 2050، سيصير 480 مليون شخص. هكذا، خلال المائة عام الأخيرة لم يزد عدد الأوروبيين كثيراً.
يركز مؤلف الكتاب، وهو الذي قضى ربما نصف حياته يتجول في دول أفريقية، على الصبيان الأفارقة. في الوقت الحاضر، صارت نسبتهم (الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً) ثلثي سكان أفريقيا. في إيطاليا، نسبة الصغار 14 في المائة. وأيضاً، في ألمانيا. وفي فرنسا 16 في المائة. وفي بريطانيا 18 في المائة.
لكن، مثلاً، في لاغوس، أكبر مدن نيجريا، يعيش 21 مليون شخص، وفيها نسبة الصغار 60 في المائة.
وهذا التطابق العددي بين الصغار والكبار، كما يضيف الكتاب، «هو المحرك الرئيسي لهجرة كثير من الشباب السود إلى القارة البيضاء، الذين يخوضون الكثير من المغامرات، ويتعرضون للغرق والموت. وفي عصر الإنترنت والتلفزيونات الفضائية، لم تتضاعف نسبة الشباب فقط، بل تضاعفت مشاهداتهم للحياة الأوروبية، وتضاعفت شهواتهم للانضمام إليها».
ولاحظ مؤلف الكتاب، وهو الصحافي قبل أن يكون الأكاديمي، أن الصحافيين يتابعون الأخبار يوماً بعد يوم، وينشغلون بما سيكتبون لصباح اليوم التالي، أو بما سيذيعون مساء اليوم. ويقول: «تغيب عنا، ونحن نلهث وراء الأخبار، الصورة الكبيرة». واعترف بأنه هو نفسه كان كذلك. حتى نضج وبدأ يدرس «الصورة الكبيرة».
لهذا كتب: «تحدث التغيرات السكانية ببطء شديد بحيث لا يمكن ملاحظتها بشكل يومي. في الواقع، بدأت أوروبا تصبح سوداء منذ بعض الوقت».
وعاد، مرة أخرى إلى الأرقام: في عام 1930، كان يعيش في فرنسا 3.500 أفريقي من دول جنوب الصحراء. وفي عام 1950، صار العدد 15.000. في عام 1970، صار العدد 65.000. وفي عام 2010، صار العدد 1.500.000.
هؤلاء هم الأفارقة من جنوب الصحراء، لا من شمالها، من تونس، والجزائر، والمغرب.



الشبحُ في الآلة

سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"
سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"
TT

الشبحُ في الآلة

سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"
سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية. الموضوعات التأصيلية الأكثر إشغالاً للتفكير البشري منذ العصر الإغريقي ثلاثة: أصل الكون، أصل الحياة، أصل الوعي.

الوعي بين هذه الموضوعات الثلاثة ظلّ اللغز الأكثر إثارة ورهبة واستجلاباً للأسطرة والمقاربات غير العلمية، وربما تكون عبارة «الشبح في الآلة The Ghost in the Machine» التي شاعت منذ أيام الفلسفة الديكارتية تمثيلاً للوعي تتفق مع ثنائية العقل-الجسد The Mind-Body Duality. بمقتضى هذه الثنائية الديكارتية يكون الوعي كينونة غير مادية (الشبح) وقد استوطن في كينونة مادية (الآلة أو الجسد البشري).

فضلاً عن الأهمية الفلسفية لدراسة الوعي فقد صارت المقاربات العلمية في هذه الدراسة تتعاظم يوماً بعد آخر بسبب ارتباطها العضوي مع موضوعات عظيمة الأهمية في مقدّمتها مباحث الذكاء الاصطناعي بكلّ تفريعاته (الذكاء الاصطناعي العام، تعلّم الآلة، الشبكات العصبية...)، بعبارة أخرى: صار الوعي موضوعاً يقع في صميم الجهد البحثي الذي تتأسّس عليه القيمة الجيوستراتيجية للدولة المعاصرة. أمرٌ آخر تتوجّب الإشارة إليه: الوعي بطبيعته جهد بحثي عابر للتخصصات؛ لذا فهو يتناغم مع طبيعة المباحث العلمية المميزة لعصرنا.

لكن، بعيداً عن الأسباب البحثية والاستراتيجية، لماذا يتوجّبُ على كلٍّ منّا أن يهتمّ بأمر الوعي على مستوى شخصي بمقدار قد يزيد أو ينقص بين الأفراد؟ أوّلاً يتوجّبُ علينا الانخراط في هذا المسعى لأنّ الوعي بصورة جوهرية هو الشيء الأساسي الذي يعرفه كلٌّ منّا بشأن العالَم، أو هو بوّابته إلى العالم، وأعني بهذه البوّابة: التجارب الحسية Sensory Experiences، ومن الطبيعي أنّ كلاً منّا يتوق لأن يفهم -بكيفية علمية منسّقة ومنضبطة وليس بتفكّرات شخصية متناثرة- لماذا يعدّ الوعي البوّابة الأساسية لتجاربنا في العالم. يحبّ كلّ منّا هذا المسعى ولا يرغب في جعله اختصاصاً حصرياً للفلاسفة وعلماء الأعصاب ومطوّري الذكاء الاصطناعي بكلّ متفرّعاته. ثانياً: دراسة الوعي في غاية الأهمية أيضاً في جوانب الغاية Purpose والمعنى Meaning في حياتنا البشرية. ليس في قوانين الفيزياء ما يشيرُ إلى المعنى، وليس مِنْ معادلة لحساب المعنى في تلك المعادلات. لا أظنّ -وسيتشارك معي كثيرون كما أحسب- أنّ الاكتفاء بالتطلّع في كوننا يمنحنا معنى لحياتنا هو ما يحقّقُ فعلاً هذا الأمر؛ لأننا نحن من يخلعُ المعنى على كوننا. يحصل هذا الأمر لأننا نمتلك الوعي الذي يتيحُ لنا اختبار الأشياء والتعامل معها. لدينا هنالك بعيداً في تخوم الكون البعيدة مجرّات كثيرة العدد وجميلة بما يفوق التصوّر. لماذا هي جميلة؟ لأنّنا واعون بها. هي صارت جميلة لأننا نمتلك وعياً يخبرنا أنها جميلة. أعيد القول ثانية: الوعي هو ما يخلعُ معنى وغاية على الحياة.

الدراسات الخاصة بالوعي

يُنظرُ في الأوساط الأكاديمية العالمية إلى سوزان بلاكمور Susan Blackmore على أنّها مؤلفة الكتاب المرجعي في دراسة الوعي، وأقصدُ بهذا كتابها الشائع بين دارسي علم النفس والعلوم العصبية والإدراكية وفلسفة العقل والذكاء الاصطناعي، وأشيرُ بهذا إلى كتابها الموسوم «الوعي: مقدّمة Consciousness: An Introduction» الذي صدرت طبعته الرابعة عن دار نشر «راوتليدج Routledge» قبل بضعة شهور. سوزان بلاكمور عالمة نفس وكاتبة حرة ومحاضرة جامعية بريطانية، ألّفت الكثير من المقالات العلمية وأسهمت في تأليف عددٍ من الكتب. تكتب في مجلات وصحف كثيرة، وكثيراً ما تشارك في برامج إذاعية وتلفازية في المملكة المتحدة أو خارجها. قدّمت الكثير من البرامج التلفازية التي نالت شهرة واسعة بما في ذلك برنامجٌ وثائقيٌ حول ذكاء القردة. من بين كتبها الأخرى سيرة ذاتية بعنوان: «بحثاً عن النور» 1996، و«حوارات عن الوعي» 2005.

ما يميّزُ كتاب بلاكمور هو جمعها بين الخبرة الأكاديمية وتقنيات التعامل مع النطاق العام، فهي معروفة باهتمامها بموضوعات التأمّل والامتلاء الروحي والذهني والباراسايكولوجيا، وقد أفردت كتاباً كاملاً للحديث عن تجربة شخصية خاصة بها شهدت فيها ما تُدعى تجربة مغادرة الجسد Out of Body Experience، وقد حكت عن هذه التجربة في سيرتها الذاتية.

الخصيصة الثانية في كتابها هو مشاركة ابنتها لها في تأليف الكتاب، وتلك علاقة نادرة للغاية بين المؤلفين. لن نتغافل بالتأكيد عن النكهة الفلسفية الأنيقة التي طبعت لغة الكتاب (مثل تناول الإرادة الحرّة وعلاقتها بالوعي)، وهذا أمرٌ متوقّعٌ فيمن يكتب عن موضوع الوعي.

ثمّة موضوعان علينا الانتباه إليهما عند دراسة الوعي: هل سنبلغُ يوماً مرحلة الفهم العلمي الكامل للوعي؟ تؤكّد بلاكمور: لا أظنّ ذلك. الفرق بين حيوان حيّ وآخر ميّت ليس محض فرق نوعي يكمنُ في أنّ الحيوان الحيّ (الإنسان على سبيل المثال) يمتلك نوعاً من مصدر للحياة السرية فيه (بكلمة أخرى: الوعي). الحيوانات الحيّة ميكانيزمات فعّالة دينامية دائمة التغيّر؛ في حين أنّ انكساراً أصاب ميكانيزمات الحركة والتغيّر في الحيوانات الميتة.

تكمن صعوبة وتعقيد دراسة الوعي في حتمية اقتران دراسة الشيء مع موضوع الدراسة؛ بمعنى آخر: استخدام الوعي في دراسة الوعي ذاته! يحضرني هنا مثالاً عبارةٌ قالها جون ناش في الفيلم السينمائي الرائع الذي يحكي سيرته الذاتية «عقل جميل». أخبر ناش طبيبه أنّه سيستخدم عقله في علاج اضطرابه الذهاني، فأجابه طبيبه: ولكن كيف تعالجُ نفسك بما هو المتسبّبُ في مرضك؟ لن تستطيع هذا. في السياق ذاته تصف بلاكمور صعوبة دراسة الوعي وتعريفه فتقول:

«يبدو أنه يَلزمنا إما أن نستخدم الوعي لدراسته هو نفسه، وهي فكرة غريبة نوعاً ما، وإما أن نحرِّرَ أنفسَنا من الوعي الذي نودُّ دراستَه. ولا عجب أن الفلاسفة والعلماء قد بذلوا جهوداً مضنيةً على مدى قرنين من الزمان من أجل الوصول إلى مفهوم الوعي، ولا عجب أيضاً أن العلماء رفضوا الفكرةَ برمَّتها لفترات طويلة؛ بل رفضوا أيضاً دراستَها. الانعطافة الإيجابية أنّ «الدراسات الخاصة بالوعي» أخذَتْ في الازدهار بدءاً من القرن الحادي والعشرين. وصل علم النفس وعلم الأحياء وعلم الأعصاب إلى نقطةٍ يمكن عندها مواجَهةُ بعضِ الأسئلة المحيِّرة على غرار: ما الذي يفعله الوعيُ؟ وهل كان لنا أن نتطوَّر من دونه؟ وهل يمكن أن يكون الوعي وَهْماً؟ وما الوعي على أي حال؟».

تؤكّدُ بلاكمور منذ البدء أنّ ازدهار الجهد البحثي للوعي في القرن الحادي والعشرين لا يعني أنّ الغموض الذي يكتنفه قد اختفى تماماً؛ فالواقع أنه لا يزال متغلغِلاً في هذا الأمر كما كان دائماً. الفرق الآن أننا نعرف عن الدماغ ما يكفينا للاستعداد لمواجَهةِ المشكلة البحثية التالية على نحوٍ مباشِرٍ: كيف يمكن لإطلاق النبضات الكهربائية من ملايين الخلايا العصبية الدماغية أن يُنتج تجربةً واعية ذاتية شخصية؟ إذا أردنا إحرازَ أيِّ تقدُّم فيما يتعلَّق بفهم مسألة الوعي فعلينا التعامُل مع هذا الأمر بجدية تامة. هناك كثير من الأشخاص الذين يدَّعُون أنهم قد وجدوا حلًّاً للغز الوعي؛ فهم يقترحون نظرياتٍ موحِّدةً عظمى، ونظرياتٍ ميكانيكيةً كموميَّة، ونظرياتٍ روحانيةً حول «قوة الوعي»، وغيرها الكثير؛ لكنّ أغلبهم يتجاهلون الفجوةَ العميقة بين العالمين المادي والعقلي.

بعد مقدّمة وتمهيد ابتدائي لموضوع الكتاب (الوعي) اختارت المؤلفّة جعل كتابها موزّعاً في خمسة أقسام، كلّ قسم منها يضمُّ ثلاثة فصول: تناول القسم الأوّل معضلة الوعي تعريفاً ومناظرةً مع مفاهيم أخرى، ثمّ تناولت الوهم الكبير The Grand Illusion في التعامل مع ظاهرة الوعي. في القسم الثاني تناولت موضوع الدماغ بوصفه الحاضنة الطبيعية (مسرح العمليات بلغة المؤلفة) للوعي، وقد أفاضت في شرح العلاقة الوثقى بين دراسة العلوم العصبية وظاهرة الوعي. خصّصت المؤلفة القسم الثالث لتناول موضوع العقل والفعل، وتناولت في القسم الرابع موضوع التطوّر ومنعكساته المهمّة على ظاهرة الوعي، ثمّ تناولت في القسم الخامس الحدود التخمية Borderlands بين الوعي وظواهر أخرى على شاكلة: أشكال الوعي المعدّلة، الواقع والخيال، والأحلام وما بعدها. أما القسم السادس والأخير فتناولت فيه المؤلّفة موضوع «الذات والآخر»؛ فكانت النكهة الفلسفية بيّنة فيه. ألحقت المؤلفة كتابها بسلسلة مصادر مرجعية ضخمة ومتعدّدة امتدّت على عشرات الصفحات من الكتاب.

كتاب بلاكمور هذا قراءة شيّقة رغم رصانته الأكاديمية ومشقّة موضوعه؛ لكنّ من يرغب في قراءة أقلّ تطلباً للجهد والوقت والتفاصيل الصغيرة فيمكنه الرجوع إلى كتاب المؤلفة ذاتها والصادر عن جامعة أوكسفورد بعنوان «الوعي: مقدّمة قصيرة جداً»، وتوجد له ترجمة عربية متاحة بالمجّان على شبكة التواصل العالمية (الإنترنت).

Consciousness: An Introduction

الوعي: مقدمة

المؤلّفتان: Susan Blackmore & Emily Troscianko

سوزان بلاكمور وأميلي تروسيانكو

سنة النشر: 2024

دار النشر: Routledge ) Taylor & Francis Group )

عدد الصفحات: 766 الوعي بصورة جوهرية هو الشيء الأساسي الذي يعرفه كلٌّ منّا بشأن العالَم... أو هو بوّابته إلى العالم