الاحتفالات الشعبية... الغائب الأكبر في الذكرى الثامنة لسقوط نظام القذافي

المناسبة ما تزال تقسم المواطنين بين مؤيد ومعارض

TT

الاحتفالات الشعبية... الغائب الأكبر في الذكرى الثامنة لسقوط نظام القذافي

هنأ المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني» الشعب الليبي، أمس، بالذكرى الثامنة لـ«تحرير» البلاد من نظام معمر القذافي عام 2011، وسط غياب واضح للتفاعل المجتمعي والاحتفالات الشعبية بهذه المناسبة.
وقال المجلس الرئاسي، الذي منح المواطنين إجازة رسمية، أمس، «تمر اليوم ذكرى انتصار ثورة 17 فبراير (شباط) المجيدة في 23 من أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وقد تحررت ليبيا من نظام شمولي مستبد».
ورغم خلو البلاد من الاحتفالات الشعبية الواسعة بهذه الذكرى، باستثناء مناطق قليلة، خاصة في الجنوب، فإن الحكومتين المنقسمتين في غرب وشرق ليبيا، أعلنتا هذه المناسبة عطلة رسمية.
وكان رئيس المجلس الانتقالي الليبي السابق مصطفى عبد الجليل، الذي تولى إدارة شؤون البلاد عقب إسقاط القذافي، قد أعلن تحرير كامل التراب الليبي بعد ثلاثة أيام من مقتل الرئيس السابق. لكن بعد مرور ثمانية أعوام لا تزال هذه الذكرى تقسم الليبيين، وتزيد من هوة الخلاف بين مؤيد للنظام ومعارض.
وعلى خلفية المعارك المحتدمة على التخوم الجنوبية للعاصمة طرابلس، انتهز فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، هذه الذكرى ليقدم التهنئة للشعب الليبي، وقال في بيان أمس: «لا يسعنا إلا أن نقف وقفة إجلال وإكبار للشهداء الأبرار في حرب التحرير، والحرب على الإرهاب، ومعارك الدفاع عن العاصمة». مضيفا: «في هذه الذكرى يجدد المجلس الرئاسي التأكيد أنه لا عودة للوراء، ولا رجعة عن بناء الدولة المدنية المنشودة في ظل دستور يصون الكرامة ويحفظ الحقوق، ويحيي جميع المتمسكين والمدافعين عن حق الشعب في اختيار حكامه عبر صناديق الاقتراع، ومن خلال انتخابات نزيهة وشفافة».
وتابع السراج ليشدد على أن السلام والتوافق «خيار راسخ للمجلس الرئاسي، ومن هذا المنطلق فإنه يرحب بالجهود الدولية المبذولة لتحقيق الاستقرار في ليبيا»، مبرزاً أن العودة للمسار السياسي «تتطلب آلية وترتيبات وقواعد جديدة، تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها الاعتداء على العاصمة».
وانتهى السراج قائلاً: «يجب علينا أن ندرك أن العالم لن يكون حريصاً علينا أكثر من حرصنا على أنفسنا، وقد حان وقت العمل والبناء مستفيدين من أخطاء الماضي».
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من التنافر الشديد بين أطياف ليبية مختلفة، إذ رأى سياسيون ونشطاء مؤيدون لانتفاضة 17 فبراير أن الثورة التي أطاحت القذافي ونظامه «هي عمل وطني»، وأن بلادهم «تحررت من طاغية مستبد»، لكن هناك من ذهب إلى أن البلاد لم تتحرر وغرقت في بحار من الفوضى، إذ قال الأكاديمي الليبي الدكتور جبريل العبيدي، إن «اسم (عيد التحرير) في ليبيا هو اسم غير صحيح»، وتابع موضحا: «رغم الاختلاف مع سياسات القذافي في طريقة إدارته للبلاد، فإنه لم يكن غازياً ولا محتلاً أجنبياً، بل هو ليبي أثبت وطنيته رغم الاختلاف مع إدارته للبلاد».
وانتهى العبيدي قائلاً: «من المخجل ألا نحتفل بذكرى طرد الإيطاليين المستعمرين في 7 من أكتوبر ونحتفل بذكرى إسقاط نظام ليبي في 23 أكتوبر، وكل ما أعقبه كارثي بكل المقاييس».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.