واشنطن تنصح تركيا بعدم توسيع عمليتها في سوريا

TT

واشنطن تنصح تركيا بعدم توسيع عمليتها في سوريا

نقلت مصادر عن مسؤولين أميركيين أن واشنطن تنتظر نتائج اجتماع الرئيسين إردوغان وبوتين الذي عقد أمس في سوتشي، لمعرفة المآل الذي ستستقر عليه الأوضاع، ليس فقط في مناطق الأكراد بل وفي سوريا برمتها.
وبحسب تلك الأوساط، فإن الاقتراح «المفاجئ» من وزيرة الدفاع الألمانية حول استعداد بلادها للمشاركة في إقامة المنطقة الآمنة مع قوات دولية أخرى، بينها روسيا وتركيا، لا يلقى اعتراضا أميركيا. فالاقتراح يتوافق مع الجهود الأصلية التي بذلها أكثر من مسؤول أميركي وخصوصا وزير الخارجية مايك بومبيو قبل أشهر، لتأمين مشاركة دولية وإقليمية وعربية في القوة التي كانت تطمح واشنطن لتشكيلها لضمان حماية تلك المنطقة.
وتوقعت تلك الأوساط أن يتلقف الرئيس الروسي هذا الاقتراح، لأنه قد يؤدي إلى سحب ورقة الإشراف التركي المنفرد على تلك المنطقة، ويدعم مفاوضاته والمساومات التي يخوضها مع الرئيس التركي، في باقي الملفات وخصوصا في ملف إدلب. وهو ما عبر عنه المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الذي قال إن موسكو تدرس هذه «الفكرة الجديدة».
وأمس نصح وزير الخارجية مايك بومبيو، أنقرة، خلال مداخلة له في معهد «هيريتاج» في واشنطن، بأنه ليس من مصلحتها أن تستمر في التوغل داخل سوريا، رغم دفاعه عن هواجسها المشروعة في مواجهة حزب العمال الكردستاني، قائلاً إن الغزو التركي لشمال سوريا أثّر على العمليات ضد «داعش».
وقال بومبيو إن «بعض التقدم قد تحقق بالتأكيد» قبل الموعد النهائي ومدته 120 ساعة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه بين الولايات المتحدة وتركيا.
وأضاف: «الحقيقة هي أنه لم يكن من مصلحة تركيا كحليف للناتو الاستمرار في هذا التوغل... غزوها أعاد حربنا المشتركة ضد (داعش) إلى الوراء بعدما كنا في مكان أفضل». وقال بومبيو إن جهود إدارة الرئيس ترمب لبناء تحالف ضد «داعش» وتدمير دولة الخلافة «لا يتم الحديث عنها مطلقاً». وتابع: «الرئيس استخدم القوة الاقتصادية لتجنب صراع مع أحد حلفاء الناتو».
في هذا الوقت ربط مصدر في المعارضة السورية في واشنطن، بين تصريحات وزيرة الدفاع الألمانية، ومطالبة رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد، بقوات دولية على الحدود بين تركيا وسوريا وإقامة منطقة حظر جوي فوق تلك المنطقة، وكذلك تصريحات السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام و«رغبته في رؤية منطقة منزوعة السلاح بين تركيا والأكراد بإشراف قوات دولية».
وكانت إلهام أحمد قد أعلنت في تصريحات للصحافيين في واشنطن مساء الاثنين، أن تركيا تستعد لجولة جديدة من التطهير العرقي بحق الأكراد. وأضافت أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يحدد خريطة واضحة للوجود التركي.
وطالبت أحمد بعد لقائها مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس، الإدارة الأميركية بالوفاء بالتزاماتها تجاه الأكراد والعودة عن قرار سحب القوات، وبإنهاء ما سمته الاحتلال التركي فورا، وإقامة منطقة حظر طيران وقوات دولية على الحدود بين سوريا وتركيا.
وأكد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والديمقراطي كريس فان هولن بعد اللقاء، مواصلة جهودهما لإقرار قانون يفرض عقوبات على تركيا، مشددين على أهمية إبقاء قوات أميركية محدودة في سوريا لضمان عدم عودة «داعش». وقال فان هولن: «نحن في حاجة إلى وقف هذه المذبحة، ونحتاج للتأكد من أننا لم نمكن (داعش) من النهوض مجددا». وقال السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال إن «الحديث عن حقول النفط إلهاء شديد عن الكارثة الإنسانية الجارية»، مضيفا أنه يشعر «بفزع وخزي» بشأن الأكراد.
ويشعر النواب بقلق أيضا من احتمال أن يتسبب القتال في فرار مقاتلي «داعش» من السجون التي يشرف عليها الأكراد. وألقى غراهام بالمسؤولية على تركيا «أكثر من أي طرف آخر، فالغزو التركي وضع هزيمة التنظيم في خطر». وأضاف أنه يرغب في رؤية منطقة منزوعة السلاح بين تركيا والمقاتلين الأكراد بإشراف قوات دولية، واستمرار الشراكة الأميركية مع المقاتلين الأكراد، ومساع لحراسة ومراقبة حقول النفط في جنوب سوريا، موضحا أن على أنقرة التراجع أولا.
غير أن المصدر السوري المعارض في واشنطن، قال إن التصريحات التي أدلى بها أعضاء الكونغرس، لا تعكس بدقة موقف إدارة ترمب. فالرئيس الأميركي نجح في مواجهة الجهود التي كان يبذلها عدد من رؤساء اللجان في الكونغرس لإصدار موقف حازم من تركيا، بانتظار ما ستسفر عنه جولة المفاوضات المنعقدة في روسيا، خصوصا أن هناك تسليما بواقع أن واشنطن سلمت ملف إدارة الأزمة السورية لروسيا بشكل شبه كامل.
وأضاف هذا المصدر أن القوات الأميركية التي أعلن الرئيس الأميركي أنه قد يبقيها قرب حقول النفط والغاز، لن تبقى هي الأخرى فترة طويلة. فالأميركيون ينتظرون ما ستسفر عنه قمة سوتشي حول هذه النقطة، لأنها ستحدد طبيعة مستقبل الحل في سوريا.
وكان ترمب قد أعلن الاثنين أنه لا يريد أن يترك أي قوات أميركية في سوريا باستثناء عدد صغير لحراسة إنتاج النفط، وأن وقف إطلاق النار بين تركيا والقوات الكردية في سوريا صامد رغم بعض المناوشات. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تقدم أبدا أي تعهد للأكراد بالبقاء في المنطقة لحمايتهم لأربعمائة عام.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».