تينيريفي... قبلة عشاق الشمس والقمر

بفضل طقسها وصفاء سمائها

تينيريفي... قبلة عشاق الشمس والقمر
TT

تينيريفي... قبلة عشاق الشمس والقمر

تينيريفي... قبلة عشاق الشمس والقمر

إذا رغبت في الاستمتاع بدفء الشمس وإشراقها، أو مراقبة النجوم في أجمل حالاتها، فربما لن تجد أجمل من تينيريفي الواقعة في جزر الكناري. فهي ملجأ السياح الباحثين عن الدفء طوال أشهر السنة تقريباً. إذا كان هناك مأخذ واحد عليها، فهو أن دفأها هذا إلى جانب صفاء سمائها يجعلها تعج بالحركة والزحام الشديد خلال شهور الشتاء، ولا سيما من قبل البريطانيين. تتمتع تينيريفي، بثراء كبير في نوعية الأنشطة والرحلات التي يمكنك القيام بها، ففي يوم واحد يمكنك ركوب غواصة تحت أمواج المحيط الأطلسي، وفي المساء تسافر إلى ماونت تيدي للاستمتاع بتجربة الاستمتاع بمشاهدة النجوم المتلألئة. وعلى الرغم من الطريق المتعرجة أعلى الجبل، فإن الرحلة تستحق هذا العناء، ذلك أن في انتظارك مناظر طبيعية ساحرة حتى قبل أن تصل إلى المنطقة التي جرى فيها تثبيت التلسكوبات. هناك ستتحول السماء إلى اللون الأحمر وستشاهد أضواء المحيط الأطلسي وجزيرة لا غوميرا، كما ستشاهد غروب الشمس المذهل.
ونظراً لانخفاض مستوى التلوث الضوئي، تعتبر جزر الكناري من بين أفضل بقاع الأرض لمشاهدة الأجرام السماوية، وتصل الرؤية لأوضح حالاتها حال المشاهدة من أعلى قمة جبل تيد.

أهم نقاط جذبها:
- تمثل منطقة بلايا دي لا أميركا مركز العطلات الرئيسي بالجزيرة ويجذب إليه غير المتزوجين والعائلات على حد سواء، في حين تلبي منطقة كريستيانوز المجاورة رغبة الزوار الأكثر نضجاً. وتعتبر فنادق كوستا أديجي ذات الأربع والخمسة نجوم ومتاجرها الأنيقة وشواطئها الذهبية من الاختيارات الراقية التي لا يمكن أن تندم عليها.
- في الجنوب الشرقي للجزيرة، تحظى ألميدانو بأفضل الشواطئ الطبيعية على مستوى الجزيرة. وإلى الغرب تحظى لوس غايغانتيس بأشعة الشمس المشرقة التي تدوم ساعات طويلة، بجانب حالة لطيفة من الهدوء والسكينة. في الشمال، يوجد بورتو دي كروز، المنتجع الأكثر خضرة وتقليدية مع ساحاته وحدائقه النباتية، في حين يوفر سانتا كروز متعة الشاطئ والتسوق والساحات والمعارض الفنية في مكان واحد.
بوجه عام، يتوجه معظم المصطافين إلى منتجعات لو كريستيانو في الجنوب الغربي، وبلاي دي أميركا، وكوستا أدجي، حيث الجزء الأكبر من أماكن الإقامة في الجزيرة. أما لا كريستيانوز فتمتاز بقدر أكبر من الهدوء عن جاراتها وتجذب إليها زواراً أكثر نضجاً.
- وللإحساس بطعم تينيريفي الحقيقي، يمكنك زيارة لا لاغونا، العاصمة السابقة والتي أدرجت على قائمة منظمة «اليونيسكو» لمواقع التراث الإنساني؛ لما تتميز به من عمارة رائعة يمتد تاريخها لأربعة قرون. أما إذا كنت من عشاق التجول، لا تفوتك فرصة زيارة غابات الغار القديمة والأودية الوعرة لجبال أنغا.
- لا تكتمل زيارة تينيريفي من دون ركوب التليفريك إلى قمة جبل تيدي، أعلى جبال إسبانيا، ما يتيح الاستمتاع بمشهد بانورامي لمختلف أرجاء الجزيرة المشمسة. من النشاطات المفضلة الأخرى هنا، التوجه إلى منطقة غاريشكو لتناول القهوة في أجمل ساحة بالجزيرة والسباحة في برك صخرية كونتها حمم بركانية. تضم منطقة ماونت تيد فوهة بركانية باتساع 10 أميال في قلب الجزيرة، في وسطها يرتفع بركان ماونت تيد لمسافة 12198 قدماً (3718 متراً) فوق مستوى سطح البحر؛ ما يجعله القمة الأعلى على مستوى إسبانيا. ويأخذ التليفريك الزوار إلى ارتفاع 3937 قدماً (1200 متر) فوق أرضية الفوهة البركانية، ليستمتع الزائر بمشهد بانورامي لجزء كبير من أرخبيل الكناري.

زيارة إلى مرصد تيد
بفضل موقعه الجغرافي المتميز وصفاء السماء، يتميز «مرصد تيد» بموقع مثالي لدراسة الفلك والنجوم والشمس. وبالفعل، يحتضن المكان أفضل التلسكوبات الشمسية في أوروبا وأكثرها دقة. قد لا يبدو ذلك مثيراً للإعجاب للوهلة الأولى، لكنه يصبح أكثر إثارة للاهتمام بمجرد أن تفهم ما تنظر إليه عند الذهاب إلى تينيريفي.
غني عن القول أن الطقس هو السبب الأول وراء تدفق الكثيرين إلى شواطئها، إضافة إلى كونها آمنة وصديقة للعائلات. فهي تتمتع بمناخ ربيعي وصيفي على مدار السنة، وبالتالي فإن جميع أوقات العام مناسبة للزيارة، وإن كان من المرجح أن تتساقط بعض الأمطار، وبخاصة في الشمال، في نوفمبر (تشرين الثاني) وفبراير (شباط) ومارس (آذار)، في حين يعتبر يناير (كانون الثاني) موسم ذروة الإقبال على زيارة الجزيرة للاستمتاع باحتفالات عيد الفصح.
خلال شهور الشتاء، تزداد أعداد الرحلات الجوية إليها. تنخفض تكلفتها، في حين ترتفع أسعار الفنادق لتصل إلى أعلى مستوياتها. وبفضل دفء الجو وهدوء وسكينة الليل، يعتبر شهر سبتمبر (أيلول) أحد أجمل الشهور للزيارة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».