الحراك في المناطق المسيحية: «الكتائب» في الواجهة و«القوات» في الخلفية

TT

الحراك في المناطق المسيحية: «الكتائب» في الواجهة و«القوات» في الخلفية

تماماً كما أسقط الحراك الشعبي المستمر منذ أيام الكثير من المحرمات في المناطق المحسوبة على الثنائي الشيعي، خصوصاً في الجنوب، كذلك كانت له بصمات كبيرة في المناطق المسيحية التي لم تعتد أن تنسجم سريعاً مع التحركات الشعبية التي شهدتها البلاد على مر السنوات الماضية، فبقيت في كثير من الأوقات بمنأى عنها، فيما كان المسيحيون الممتعضون ينضمون إلى المظاهرات والاعتصامات المركزية في وسط العاصمة بيروت.
فليس عابراً على الإطلاق، إقفال الأوتوستراد الممتد من بيروت إلى الشمال في أكثر من منطقة حيوية كالدورة وجل الديب والزوق وغيرها على مدى 4 أيام، تماماً كما أن وجود العشرات في ساحات الصالومي والشفروليه وجسر الباشا وجعيتا وغزير وغيرها ليل نهار، حدث غير مسبوق بالنسبة لأبناء هذه المناطق. ولعل الأبرز في هذا كله تمدد التحرك إلى المناطق المسيحية في الأطراف كالبترون وزغرتا وعكار؛ حيث رفع المعتصمون الشعارات نفسها التي حملها المتظاهرون في وسط بيروت لجهة الدعوة لاستقالة الحكومة وإسقاط النظام.
كان حزب «الكتائب اللبنانية» المنضوي في صفوف المعارضة وحيداً منذ مدة، أول من انضم إلى الحراك الشعبي، فنزل المحازبون والمؤيدون له إلى التحركات في المناطق المسيحية.
ويؤكد النائب في «الكتائب» إلياس حنكش، وجود «الكتائبيين» بكثرة في التحركات التي تشهدها المناطق اللبنانية حالياً، نافياً تماماً أن تكون مشاركتهم رمزية، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نرفع منذ نحو 4 سنوات العناوين المرفوعة اليوم في الشوارع، وقد خضنا معارك كبيرة بوجه إقرار المزيد من الضرائب، ورفضنا الموازنات التي أقروها، أضف أننا لم نعط الثقة أصلاً لهذه الحكومة، ورفضنا الدخول في التسوية الرئاسية وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً، وبالتالي ناسنا موجودون على الأرض انسجاماً مع كل هذا المسار الذي يتكلل اليوم بهذا الحراك».
ويعتبر حنكش أن «لا إمكانية اليوم لأي حزب أو شخصية لأن تقوم باستغلال واستثمار ما يحصل تحقيقاً لمصالح خاصة، فالحراك محصّن اليوم، وقد أثبت المتظاهرون ذلك طوال الأيام الماضية»، مضيفاً: «صحيح أننا تموضعنا في المعارضة منذ البداية، ودفعنا الثمن وفق الحسابات اللبنانية، لكننا لم ولن نحاول خلق أي إطار لقيادة هذا الحراك الذي يبقى ملك الناس».
وينضم «القواتيون»، الذين لطالما كانوا حلفاء تاريخيين لـ«الكتائبيين»، إلى الحراك الحاصل اليوم بعد قرار رئيس «القوات» سمير جعجع سحب وزرائه الـ4 من الحكومة، وهم يشاركون بالمظاهرات والاعتصامات، ولكن ليس بكامل زخمهم، إذ تؤكد مصادر «القوات» أنهم خلف الناس وإلى جانبهم، وليسوا في المقدمة والصفوف الأمامية، لافتة إلى أن «الحركة اجتماعية بامتياز، ونحن حريصون على الحفاظ على طابعها الاجتماعي - المعيشي لأننا بالنهاية جزء من الناس، ومن هذا المجتمع». وتنفي المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون شعار «كلن يعني كلن»، الذي يرفعه المتظاهرون، يستفز «القوات»، قائلة: «نحن نتفهم غضب ووجع الناس نتيجة ما آلت إليه الأمور، وقد حاولنا طوال الفترة الماضية من خلال أداء وزرائنا ونوابنا، ومواقفهم، تلافي الوصول لهذا الغضب العارم... إلا أنه وبعد وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، فإن المرحلة الحالية تستوجب الاستماع لصرخة الناس، وسيكون خطأ كبيراً مواجهة المعتصمين».
وقد سُجل في الساعات الماضية أكثر من سجال بين متظاهرين مؤيدين لـ«القوات» وآخرين محسوبين على المجتمع المدني، خصوصاً خلال محاولة «القواتيين» استثناء قيادة الحزب من شعار «كلن يعني كلن»، ما أدى لرفض باقي المعتصمين وتمسكهم بالعناوين التي يرفعونها لجهة رفضهم إعطاء صك براءة لأي من القوى السياسية، وإن كانت قد قررت أخيراً الخروج من السلطة، والانضمام إلى صفوف المعارضة.
وحسب أحد الناشطين المعنيين بالتحركات في المناطق المسيحية، فإن أكثرية المعتصمين الذين يشاركون في الحراك منذ 4 أيام هم من المستقلين، وليسوا تابعين حزبياً، سواء لـ«القوات» أو «الكتائب»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحزبيين عادة يصلون على شكل مجموعة في ساحة محددة في اليوم، ويغادرون في وقت متأخر ليلاً، أما المستقلون فيتوافدون طوال ساعات اليوم، ومعظمهم من العائلات وأبناء المناطق، وهم أكثرية الموجودين حالياً على الأرض.
وكان لافتاً، أمس، انضمام عضو تكتل «لبنان القوي» النائب شامل روكز، إلى المتظاهرين، في منطقة مزرعة يشوع، حيث حُمل على الأكتاف. يذكر أن روكز على خلاف مع رئيس التكتل جبران باسيل، ويعارض الكثير من سياسات قيادة «التيار الوطني الحر».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».